أُصبت كغيري بحالة من الدهشة والذهول مما حدث يوم امس الخميس من اعضاء المجلس السيادي (الشق المدني) وهم يمنحون الشرعية الثورية للجنجويد، (أحد الفصائل المشاركة في فضَ الإعتصام)، وهم يشاركون في حفل تدشينهم لقوافل عمل لولايات السودان، والتي هي من صميم عمل الوزارات. الأدهى والأمر أن تمنحهم السيدة عضوة المجلس السيادي عائشة لقب (فرسان الحوبة)، وهي التي التي من المفترض أن تتصف بالحكمة والنضج الثوري بحكم منصبها وسنها، ولكن جاء تصريحها كقاصمة الظهر للكثيرين وعلى رأسهم أسر الشهداء الذين لم تجف تربتهم بعد، ولم تجف دموع امهاتهم حتى اليوم. من قال ان قوات الجنجويد المدللة بإسم قوات الدعم السريع هي ما يحتاجه الشعب السوداني؟ ومن الذي منحها شرعية ان تقوم بأدوار ليست من إختصاصها، بل وليست من إختصاص القوات المسلحة (شخصيا). وكيف للسيدة عائشة ن تمنح هذا اللقب لمليشيات لم يعرف لها دور حقيقي طيلة فترة وجودها في حقبة الإتقاذ الكئيبة سوى انها جزء من ممارساتها الباطشة ؟ هل تعتقد ستنا عائشة ومن معها من عضوية السيادي ممن تقبل هذا الفكرة وتصالح معها ان الشارع سيتقبل هذا التصريح التاريخي المسيئ للثورة وللشهداء؟ مؤكد لأ ، فمن كان سببا في جلوسها ومن معها في هذا المنصب حتما سيقتلعها كما فعل مع تتار الإنقاذ ما لم ترعوي وتعيد حساباتها المبنية على باطل. ماحدث بالامس يشير إلى المنعطف الخطير الذي تسير فيه الحكومة التي تقبلها الشارع على مضضن ويعلن في ذات الوقت عن طلاق قادم بين حكومة قحت بشقيها السيادي والوزاري، وبين الشارع، وأن الشرعية الثورية التي أجلستهم جنبا إلى جنب مع قوات تجد الرفض التام من الشعب السوداني، هي نفسها الشرعية الثورية التي ستعلن الحرب على هذا التراخي والتماهي الذي لا يشبه روح ولا قيم الثورة المدهشة. السيدة عائشة مطالبة بتقديم إستقالتها تكفيرا عن ما إقترف لسانها من تصريح أثبت أنها بعيدة تماما عن روح الثورة وثوابتها، وخيرا لها أن تتقاعد اليوم قبل أن نسمع لها زغرودة للمليشيات التي هي جزء أصيل مما حدث في ليلة 3 يونيو المشئومة وما قبلها. مجلس السيادة مطلوب منه وضع المتجاوز في حده وليس التهليل والتطبيل له، ومطلوب منه الإشراف على تنفيذ ما جاء في المسودة (رغم تحفظنا عليها)، وليس المساهمة في إثارة الفوضى ومنح صلاحيات في غير مكانها، مطلوب منه الوقوف على حقيقة دمج مليشيا الدعم السريع في القوات المسلحة السودانية وليس ذوبان الجيش السوداني في المليشيا. مطلوب من الجناح المدني في المجلس السيادي الوقوف على معالجة أزمات السودان المختلفة عبر الوزارات المعنية وبناءا على خطط مدروسة، وليس عبر مليشيا الدعم السريع أو الجيش نفسه، لأن لهذه إختصاصاتها وأدوارها والتي ليس من بينها حل ازمة المواصلات، أو توزيع الأدوية للمرضى، ولا توزيع كيس الصايم ولا تزويج المواطنين، ولا حلَ الصراعات القبلية كما حدث في بورتسودان. فإن كان الجنجويد يقوم بكل هذه الأدوار فما داعي لبقاء الوزارات من الاساس؟ بل وما الداعي لوجود المجلس السيادي ذات نفسه؟ ما يحدث الآن مخطط له بدقة، ومتفق عليه، وتوزيع الأدوار وضح تماما ولن يمر مرور الكرام على الشارع الذي وقف وأعلن رفضه للوصاية من أبناء جلدته فما بالك بمن ينفذون أجندة خارجية معلومة الدوافع؟ على الشعب الإنتباه جيدا لما يحدث، وعلى لجان المقاومة بكافة الأحياء داخل العاصمة والولايات أخذ الحيطة والحذر لما يحاك بليل، فالقادم اسوأ، وما كنا نظنه خيرا وضح انه شرَ مستطير. وعلى حكومة قحت مراجعة (إندماجها وإندغامها)المخجل مع المجلس العسكري الجنجويدي، وإلا فخير لها أن تخلع البزة المدنية وتستبدلها بالبزة العسكرية لتسهل على الشعب عملية (فرز الكيمان).
هنادي الصديق بلا حدود الجريدة الوسوم الجنجويد الدعم السريع السودان المجلس السيادي