قبل 120 * عاماً إستشهد أب الشهداء " الخليفه عبدالله (خليفه المهدي) " في يوم 24 نوفمبر 1899 وهو يدافع عن كرامة وطنه ودينه وشرفه وحريته في موقف بطولي رائع بأراضي أم دبيكرات التي تقع على بعد ثمانين كيلو متراً جنوب غرب كوستي على النيل الأبيض بالسودان . وهناك إستشهد معه الف شهيد وكان عدد الجرحى ألفين جريح وعدد من الأسرى الذي بلغ عددهم أكثر من تسعه آلف أسير بما فيهم من النساء والأطفال. وكان على رأس الأسرى الأمير عثمان شيخ الدين (ابن الخليفه عبدالله) ● الأمير يونس الدكيم ● الأمير علي فرفار ● الأمير موسى الختيم ● الأمير إسماعيل أحمد ● الأمير فضل حسنه ● الأمير يعقوب أبو زينب ● الأمير علي الجله ● الأمير محمود ود أحمد ● وأفلت الأمير عثمان دقنة وإنطلق شرقاً وأسر فيما بعد . وقد تم نفي الأسرى جميعاً (الأمراء وعوائلهم مع عوائل وعشيرة المهدي والخليفة عبدالله والخليفة علي ود حلو) إلى مصر حيث إنزلوا السجون في رشيد ودمياط . وتوفى هناك في رشيد الأمير عثمان شيخ الدين والأمير محمود ود أحمد . وتوفى عدد كبير من النساء والأطفال وذلك نتيجة السل الرئوي وبرودة الجو وسوء التغذية. كانت دولة المهدية شوكة في جنب الإستعمار ترفع أعلامها عاليه ترفرف في سماء السودان ويلتف جميع السودانيين حولها بقيادة "الإمام المهدي" ومن بعده "الخليفه عبدالله" بتأسيس أول دولة إسلاميه في القرن التاسع عشر الميلادي في قلب إفريقيا السوداء . و ذلك إعلان لكلمة لا اله إلا الله محمد رسول الله وكما قال الله تعالى : { ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن نقبل منه } صدق الله العظيم. وهكذا فقد تواطأت جميع دول أروبا وتأمرت مع بعضها البعض لحرب هذه الدولة الإسلامية في السودان والقضاء على دولة المهدية وذلك بالهجوم عليها من كل النواحي في وقت واحد حتى يتفرق جيشها ويتمكنوا من تحقيق هدفهم في القضاء على هذه الدولة الإسلامية الفتية . فلما إنتهت " معركة كرري " أو " معركة امدرمان " في يوم الجمعة 2 سبتمبر 1898 بإنتصار القوات البريطانية بقيادة " اللورد كتشنر" ، إنسحب "الخليفة عبدالله" بما بقي له من جيش من أمدرمان وصلى عصر الجمعة في الجامع ، وثم أصدر أوامره لجمع العوائل والخروج مهاجرين في سيبل الله إلى شركيلا ، حيث قرر أن يجمع قوته مرة أخرى للمعركة الفاصلة . كان "الخليفة عبدالله" معروفاً بالشجاعة الفائقة والصرامة المنقطعة النظير وبداء بتنظيم جيشه في شركيلا وتحرك نحو جبال النوبة ، حيث أنضم إليه الكثيرون من أبناء الشعب. وبلغت الأخبار الأنكليز بأن "الخليفة عبدالله" قد قرر العودة إلى أمدرمان لخوض المعركة الأخيرة ، فإنزعج "كتشنر" و"ونجت" خاصة بعد أن أحسوا بأن عودته ستلهب الشرارة بين السودانيين مرة أخرى . و هاجمت إنكلترا شمال السودان فتصدى لها "الأمير عبد الرحمن النجومي" ومن بعده "الأمير محمود ود أحمد". و هاجمت الحبشة شرق السودان وتصدى لها "الأمير حمدان أبو عنجه" ومن بعده الأمير "زاكي طمر" . وهاجمت إيطاليا شرق السودان أيضا وتصدى لها " الأمير أحمد ود علي" من جهة أرتيريا و"الأمير أحمد فضيل" من جهة القضارف . وهاجمت إنكلترا كذلك شرق السودان إمتداد البحر الأحمر ومدينة سواكن وتصدى لها "الأمير البطل عثمان دقنه" . وهاجمت بلجيكيا وإنكلترا جنوب السودان وتصدى لها "الأمير علي ود دفع الله" و" الأمير كركساوي" . وهاجمت فرنسا غرب السودان من جهة تشاد بالقرب من ملكال على النيل الأبيض وتصدى لها "الأمير سعيد صغير الجعلي" . وهكذا كانت حروبهم في المهدية أشبه بالحروب الصليبية . وفي هذه الأثناء ، وصل "الأمير أحمد فضيل" ومعه جيشه إلى أم دبيكرات بعد أن تحرك من القضارف وقطع النيل الأزرق ثم النيل الأبيض رغم قصف المدافع من بواخر الإستعمار التي كانت تترصد وتحاول منعه من الإلتحاق بالخليفة. ووصل أيضاً " الأمير موسى الختيم بجيشه من كردفان . وبعد وصولهما أصدر "الخليفه عبدالله" أوامره للتحرك شرقاً نحو النيل بقصد الرجوع إلى أم درمان لتحريرها أو الإستشهاد فيها. وعندما عرف القائد البريطاني "ونجت" أسرع وأنزل جنوده اللذين يزيدون عن أربعة ألف رجلاً مدججين بأحدث الأسلحة من بواخره التي كانت تمخر في النيل . وتقابل الجيشان في أم دبيكرات في صبحية يوم 24 نوفمبر . 1899 و وجهت إليهم نيران الرشاشات وسقطوا أرضاً واحداً تلو الآخر وأصيب "الخليفه عبدالله" في ذراعه الأيسر فستر الجرح و غطى الدماء بيده اليمنى وأصيب بعدها بثلاث طلقات في صدره وإخترقت إحداها قلبه. وإستشهد معه أكثر من ألف مقاتل وعلى رأسهم…. الخليفة عبدالله (خليفة المهدي). ● الخليفة علي ود حلو. ● الأمير أحمد فضيل. ● الأمير هارون بن السيد محمد (شقيق الخليفة عبدالله). ● الأمير خاطر حميدان. ● الأمير بشير عجب الفيه. ● الأمير عبدالباري الوكيل. ● الأمير حامد ود علي. ● الأمير أبو دكة. ● و السيد صديق إبن الإمام المهدي. ● و هكذا إستشهد " الخليفه عبدالله" ومن معه من الرجال إستشهاداً بطولياً رائعاً في تلك البقعة الطاهرة..و كان ذلك بعد أكثر من سنة من " معركه كرري " الذي يظن الكثيرون إن المهدية إنتهت بنهاية " معركة كرري " . ولكن في الحقيقة إنتهت دولة المهدية في السودان بإستشهاد "الخليفه عبدالله" بأم دبيكرات . وفي ذلك اليوم تمت التصفية النهائية للثورة المهدية ، وإنتهت صفحة مشرفة من تاريخنا يحق للسودان أن يفتخر به من جهاد السودانيين وتضحياتهم في سبيل كلمة الله ودفاعاً عن عزة هذا الوطن . اللهم أرحم أجدادنا وعوضهم عن كل ألم أصابهم بجنة عرضها السموات والأرض . وأنزل عليهم نوراً من نورك ينير ظلام قبورهم. اللهم أرحم كل من كان حبيب وحنين ومصدر قوتنا وتأج رأسنا . اللهم ارحم أبي. أود أن أشكر الوالد السيد محمد دَاوُدَ الخليفة (رحمة الله عليه ) ، على ما ترك لنا من مقالات ومراجع لكي ننتفع وننفع بها جميعاً. ولي معكم لقاء أخر مع.... "من أوراق أبي" .
سلمى محمد دَاوُدَ * تعديل نسبه لمرور السنين منذ وفاته