اختتم رئيس وزراء السودان الدكتور عبدالله حمدوك، الأحد، زيارته الرسمية إلى الولاياتالمتحدة، وعاد إلى الخرطوم ظافراً باختراق تاريخي في العلاقات مع واشنطن، الأمر الذي كشف محنة فلول نظام الحركة الإسلامية المعزول، وفق محللين. وأجمع خبراء ومهتمون بالشأن السوداني على أن زيارة حمدوك لواشنطن، التي استمرت أسبوعاً، أحدثت تقارباً غير مسبوق بين البلدين، ونقلت العلاقات من مربع العداء إلى التعاون الذي سيقود -وفق تقديرهم- إلى تطبيع على المدى القريب. واعتبر هؤلاء الخبراء أن قرار الإدارة الأمريكية بتبادل السفراء مع السودان بعد 23 عاماً، بمثابة الإنجاز الأبرز لزيارة حمدوك لواشنطن، مع توقعات بأن تسهم الخطوة في مزيد من التقارب بين البلدين وتوطيد العلاقات الثنائية. ومع ذلك، ينشط فلول النظام البائد في حملة إعلامية مضللة عبر أبواقهم المختلفة للتقليل من نجاح زيارة رئيس الوزراء إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية والتقارب الذي أحدثته، وهو ما فسره مراقبون بأنه "غيرة سياسية" لعناصر النظام المعزول الذي فشل في استعادة العلاقات مع واشنطن، رغم التنازلات الكبيرة التي قدمها على مدى سنوات. وقال المحلل السياسي عمرو شعبان "إن حملة التشويش التي يقودها فلول الإخوان ضد زيارة حمدوك لواشنطن تعكس محنتهم مع نجاحات حكومة الثورة، التي تمضي بخطوات ثابتة في اجتثاثهم وإعادة البلاد إلى الساحة العالمية، بعد أن عاشت عقوداً من العزلة الدولية بسبب الممارسات الإرهابية لحكومة المخلوع عمر البشير". وأضاف "الإخوان حاقدون على الشعب السوداني الذي ثار عليهم وعزلهم عن السلطة، لذلك يتمنون أن تبقى العقوبات الأمريكية على كاهله للأبد، حتى يكون في ضائقة معيشية واقتصادية مستمرة، ومن هنا جاءت حملتهم اليائسة ضد زيارة حمدوك لواشنطن التي أحدثت اختراقاً غير مسبوق". ويرى شعبان أن حمدوك تمكن من تحريك الركود في العلاقات السودانية الأمريكية، وإنهاء حقبة "الإخوان" السوداء في هذا الملف، خاصة أنهم كان السبب في العقوبات المفروضة على البلاد، نتيجة ممارساتهم الإرهابية وتهديدهم الأمن والسلم الدوليين. ورغم حالة التأرجح التي صاحبت العلاقات الثنائية بين الخرطوموواشنطن منذ استقلال السودان، إلا أن فترة حكم نظام الإخوان الإرهابي بقيادة المخلوع البشير، شهدت توتراً غير مسبوق بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والسودان، والتي ما يزال الشعب يدفع ثمنها. وشدد أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية عبداللطيف محمد سعيد على أن زيارة حمدوك أسست لعهد جديد في العلاقات بين الخرطوموواشنطن ونقلتها من العداء إلى التعاون، الشيء الذي يعد مؤشراً إيجابياً على التقدم بين البلدين. وقال سعيد "في تقديري زيارة حمدوك كانت ناجحة إلى حد كبير، وأحدثت تقدماً واختراقاً في العلاقات قد يفضي إلى تطبيع وشيك بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأن أي حديث للتقليل منها غير منطقي". وأضاف "تمكن حمدوك من إيصال توجهات الحكومة الجديدة في السودان، والتي تقوم على التعاون والانفتاح على العالم، تحقيقاً للمصالح المشتركة دون تهديد مصالح الآخرين كما كان يحدث في السابق". وعرفت العقوبات الأمريكية طريقها إلى السودان في عهد نظام الإخوان، حيث أدرجت واشنطن اسم البلاد في قائمة الدول الراعية للإرهاب عام 1993م، بسبب إيواء حكومة البشير زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن. ومع استمرار الإخوان في الأنشطة الإرهابية أغلقت واشنطن عام 1996 سفارتها في الخرطوم وسحبت سفيرها في ذلك الوقت توم كارني، كنوع من الضغط الدبلوماسي، وكان تمثيلها منذ ذلك الحين على مستوى قائم بالأعمال، ونجحت زيارة حمدوك الأخيرة إلى رفعها مجدداً لمستوى سفير". وفي عام 1997، أصدر الرئيس الأمريكي بيل كلينتون أمراً بفرض عقوبات اقتصادية ومالية وتجارية شاملة على السودان أثرت كثيراً على الاقتصاد والبيئة الاستثمارية في البلاد. لكن إدارة الرئيس دونالد ترامب رفعتها في أكتوبر/تشرين الأول 2017، وأبقت على الخرطوم في قائمة الدول الراعية للإرهاب التي تمثل إحدى التركات الثقيلة التي أورثها النظام البائد للحكومة الانتقالية، وهدفت زيارة حمدوك لواشنطن للتخلص منها.