قوات الدعم السريع تعلن إسقاط طائرة تركية بالخوي (فيديو)    شاهد بالفيديو.. أفراد بالدعم السريع يطلقون أغنية جديدة يهاجمون فيها قائدهم الميداني "أبو الجود" بعد هروبه من المعارك والقبض عليه: (أبو الجود ماشي لرخصان خلى كردفان وخذل ود حمدان)    بنك السودان الجزيرة يستعد لبدء عمليات استبدال العملة    بالفيديو.. القيادي بالدعم السريع الفاضل منصور يفضح قيادات "قحت": (يسكروا في أثيوبيا ويتصلوا يقولوا عاوزين 60 بير.. رفضوا إقامة ندوات في أماكن سيطرتنا بسبب الحافز وحذرنا حنان حسن من الظهور بدون طرحة في دارفور)    "الحاسوب الخارق" يتوقع فوز صلاح ب"ذات الأذنين"    العكد يبداء الإعداد للموسم الجديد بالدامر    إكتمال عملية الإستلام والتسلم داخل مكاتب اتحاد الناشئين بالقضارف    تعيين مدير جديد للشرطة في السودان    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    الفار يقضي بفوز فرنسا    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    شاهد بالصورة والفيديو.. رغم جلوسهم على فصل دراسي متواضع.. طلاب وطالبات سودانيون يفاجئون معلمتهم بإحتفال مدهش والجمهور يسأل عن مكان المدرسة لتعميرها    شاهد بالصورة والفيديو.. رغم جلوسهم على فصل دراسي متواضع.. طلاب وطالبات سودانيون يفاجئون معلمتهم بإحتفال مدهش والجمهور يسأل عن مكان المدرسة لتعميرها    الهلال السودانى يتأهل ويواجه الجيش الرواندى في نصف نهائي سيكافا وأهلي مدني يخسر    شاهد بالصورة والفيديو.. فنان سوداني يحمل زميله المطرب علي الشيخ على أكتافه ويرقص به أثناء إحياء الأخير لحفل بالقاهرة وساخرون: (لقيت وزنه 5 كيلو وقعدت تنطط بيهو)    بالصورة.. المريخ يجدد عقد نجمه الدولي المثير للجدل حتى 2028    شاعر سوداني كبير يتفاجأ بمطرب مصري يتغنى بأغنيته الشهيرة أثناء استغلاله "توك توك" بمدينة أسوان    النائب العام تلتقي رئيس مجلس حقوق الإنسان بجنيف وتستعرض جرائم وانتهاكات المليشيا المتمردة    الهلال يتأهل ويواجه الجيش الرواندى في نصف نهائي سيكافا    ميسي يحقق إنجازا غير مسبوق في مسيرته    ترامب: الهجوم على قطر قرار نتنياهو ولن يتكرر مجددا    في الجزيرة نزرع أسفنا    جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث الغارات الإسرائيلية على الدوحة    اعتقال إعلامي في السودان    السودان..تصريحات قويّة ل"العطا"    شاهد بالفيديو.. حسناء الإعلام السوداني تستعرض جمالها بإرتداء الثوب أمام الجميع وترد على المعلقين: (شكرا لكل من مروا من هنا كالنسمة في عز الصيف اما ناس الغيرة و الروح الشريرة اتخارجوا من هنا)    أعلنت إحياء حفل لها بالمجان.. الفنانة ميادة قمر الدين ترد الجميل والوفاء لصديقتها بالمدرسة كانت تقسم معها "سندوتش الفطور" عندما كانت الحياة غير ميسرة لها    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    والي الخرطوم يدين الاستهداف المتكرر للمليشيا على المرافق الخدمية مما يفاقم من معآناة المواطن    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    هذا الهجوم خرق كل قواعد الإلتزامات السياسية لقطر مع دولة الكيان الصهيوني    إيران: هجوم إسرائيل على قيادات حماس في قطر "خطير" وانتهاك للقانون الدولي    نجاة وفد الحركة بالدوحة من محاولة اغتيال إسرائيلية    ديب ميتالز .. الجارحى ليس شريكا    التدابير الحتمية لاستعادة التعافي الاقتصادي    ضبط (91) كيلو ذهب وعملات أجنبية في عملية نوعية بولاية نهر النيل    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    تمويل مرتقب من صندوق الإيفاد لصغار المنتجين    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية    وزارة المعادن تنفي توقيع أي اتفاقية استثمارية مع شركة ديب ميتالز    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تفاصيل جديدة حول جريمة الحتانة.. رصاص الكلاشنكوف ينهي حياة مسافر إلى بورتسودان    قوات الطوف المشترك محلية الخرطوم تداهم بور الجريمة بدوائر الاختصاص وتزيل المساكن العشوائية    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خوفا من التطور.. مصر "لا ترتاح كثيرا" لمضي السودان في طريق التطبيع
البرهان راغب في أن يسير على خطى السيسي في ترتيبات الصعود إلى قلب السلطة
نشر في الراكوبة يوم 14 - 11 - 2020

يُثير اعتزام السلطات الانتقالية في السودان التطبيع مع إسرائيل تساؤلات عن ارتدادات ذلك على العلاقة بين القاهرة والخرطوم خاصة أن الأخيرة في حاجة إلى مصر لتأمين نفسها في ظل وجود مخاطر أمنية جدية تتربص بأمنها ورغبة القاهرة في المزيد من التنسيق مع الخرطوم في العديد من الملفات على غرار سد النهضة وكذلك الحيلولة دون أن تذهب السودان في تعاون كبير مع إسرائيل باعتبارها تبقى العدو الأول لها.
يبدو أن السلطة الانتقالية في السودان لن تتوقف حيرتها السياسية في الداخل والخارج، فعلى المستوى الأول قطعت شوطا مهما بعد توقيع اتفاق سلام في جوبا مع الجبهة الثورية التي تضم تنظيمات مسلحة وسياسية عدة، وسوف تحتفل الخرطوم بعودة قياداتهم، اليوم الأحد، لكن لا تزال هناك فصائل لم تنخرط بعد في قطار السلام، ولا أحد يعرف متى وكيف سيحدث ذلك، ما تسبب في حيرة داخل أروقة الحكومة.
وجرى التوقف عند مقتضيات السلام والتباساته وتجاوز حيرات السودان المتعددة في الخارج، وأمعن كثيرون في الحديث عن خطوة التطبيع مع إسرائيل والأجواء التي أحاطت بها وتداعياتها المحتملة على علاقة الخرطوم بالولايات المتحدة، وإسهامها في رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب الأميركية.
ما يحتاج تسليط الأضواء عليه حاليا هو انعكاسات التطبيع على علاقات الخرطوم بالقاهرة التي تتشارك معها في الاتجاه نفسه، حيث تقيم الثانية علاقات سياسية مع إسرائيل منذ أربعة عقود، وبدأت تتطور روابطها مع السودان مؤخرا، وأخذت أشكالا عديدة من التعاون والتنسيق، ظهرت أجلى صورها في إجراء البلدين مناورات عسكرية بعنوان "نسور النيل 1′′، خلال الفترة من 12 إلى 21 نوفمبر الجاري.
بين فكي رحى
مع أن مصر أول من سلكت طريق التطبيع مع إسرائيل، غير أنها لا ترتاح كثيرا لمضي السودان في الطريق نفسه، خوفا من حدوث تطور يجعل الخرطوم قريبة من تل أبيب أكثر من القاهرة، ففي ظل أوضاع السودان المعقدة تحتاج سلطته الانتقالية لمساعدات كبيرة يمكن أن تقدمها إسرائيل من خلال علاقاتها القوية بالولايات المتحدة، فتضطر الخرطوم لتقديم مقابل سخي قد يأخذ شكلا سياسيا وأمنيا مزعجا للقاهرة.
مصر لا تستبعد تأثير علاقات إسرائيل مع السودان على مصالحها الحيوية في المنطقة، وهو ما جعل القاهرة تضاعف من التعاون مع الخرطوم
وترى القاهرة خطرا على أمنها القومي في هذه الزاوية، لأنها تشك في نوايا إسرائيل الاستراتيجية، ففي أدبيات القاموس الرئيسي لمصر هي عدو حقيقي، ولا تستبعد تأثير علاقاتها مع السودان على مصالحها الحيوية في المنطقة، وهو ما جعل القاهرة تضاعف من التعاون مع الخرطوم، وتحاول تصحيح الأخطاء السابقة، الأمر الذي ينسجم مع رغبة السلطة الانتقالية في الهدوء وتعدد مراكز القوى الإقليمية لديها.
ويقول الكاتب المصري محمد أبو الفضل، إن رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان يجد في الرئيس عبدالفتاح السيسي نصيرا له، بحكم الانتماء للمؤسسة العسكرية في البلدين، وامتلاك الرئيس المصري لتجربة مكنته من تجاوز جملة من الصعوبات الإقليمية والدولية لا تقل خطورة عما يعاني منه البرهان لترتيب أوضاع السودان.
يبدو البرهان راغبا في أن يسير على خطى السيسي في ترتيبات الصعود إلى قلب السلطة، فهناك تشابه في كثير من المقاطع بينهما، ويمثل توثيق العلاقات مدخلا مناسبا للوصول إلى صيغة قريبة، وبناء حائط إقليمي يسهم في تجاوز بعض التحديات التي يواجهها الرجل على صعيد الحكم مستقبلا، وآليات الحصول على شبكة أمان خارجية.
يواجه رئيس مجلس السيادة عقبات كبيرة في سبيل تحقيق هذه الأمنية، أبرزها وجود هواجس تاريخية من قبل بعض القوى السياسية حيال مصر، ولن تستطيع الخرطوم تجاوزها إلا بالتوصل إلى تفاهمات مختلفة ومغرية مع القاهرة، تشمل النواحي الأمنية، لأن السودان محاط بمجموعة من الأزمات، ويتعرض لتهديدات مكتومة من جانب قوى متشددة يمكن أن تفجر عواصف داخل البلاد، ويحتاج للتعاون مع مصر لكبح جماح هذه القوى، ومنع استثمارها للأوضاع المتدهورة في البلاد.
جاءت مناورات "نسور النيل 1" لترسل إشارة تعكس التقارب الجديد بين البلدين، وتوحي بأن هناك مناورات أخرى قادمة، وسط توازنات إقليمية تفرض على كل طرف تبني مقاربات منسجة مع الآخر، ولا تتعارض مع التزاماته الإقليمية.
يعد اقتراب رؤية الخرطوم من القاهرة في ملف سد النهضة الإثيوبي واحدة من التطورات التي تعزز التعاون بينهما، فقد أذابت هذه المسألة الكثير من الفجوات السابقة، وفتحت طاقة أمل لمزيد من التنسيق، مع مراعاة ألا يصل ذلك إلى مستوى يؤثر سلبا على العلاقة مع أديس أبابا، وهو ما يمثل أحد أبعاد الحيرة التي تبحث لها الخرطوم عن وسيلة لخروج آمن منها.
رهانات متباينة

البرهان يبدو راغبا في أن يسير على خطى السيسي في ترتيبات الصعود إلى قلب السلطة
تحتاج القاهرة من الخرطوم أيضا ضبط إيقاع التطبيع مع إسرائيل، والذي تريد السلطة الانتقالية أن يكون خاليا من الاندفاعات، فهي ترفض التمادي في توثيق العلاقات مع إسرائيل خوفا من التوظيف السياسي له في الداخل، حيث أعلنت قوى متعددة رفض هذه الخطوة، وهددت باستخدام كل الوسائل لعرقلتها، ووضع رئيس الحكومة عبدالله حمدوك أي تطور في هذا المجال في سلة المواقف الشعبية.
في الوقت الذي تعوّل فيه إسرائيل على التطبيع مع السودان لتوسيع نفوذها في أفريقيا وبعض المناطق المهمة فيها، في الوسط والشرق، تجد الخرطوم نفسها بحاجة إلى التقاط الأنفاس، لأن السلطة فيها انتقالية ومكبلة بقيود عديدة، وتخشى الانخراط في التطبيع فتكون له ارتدادات لا تستطيع تحمل تبعاتها على المدى البعيد.
تجد طبقة سياسية كبيرة في السودان، أن الخروج من هذه الحيرة يأتي من تكرار النموذج المصري في التطبيع مع إسرائيل إلى حين استشفاف أبعاد العلاقات في المستقبل، حيث حصرت القاهرة (تقريبا) ملف التطبيع في نطاق العلاقات الدبلوماسية، وفرغته من مضامينه الجوهرية، وحجمت الكثير من جوانبه الاقتصادية والأمنية، واستندت في ذلك إلى رفض شعبي عارم، رفع شعارات متباينة ضد التطبيع.
يصعب على السودان الوصول إلى صيغة مماثلة عقب حدوث تحولات كبيرة في النظرة للقضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل، وما أحاط بهما من فتور على الساحة العربية، ولم يعد هذا الملف ضمن أولويات الكثير من الشعوب.
إسرائيل، التي تعول على السودان، تحافظ على درجة من الدفء أيضا، تمكنها من انتظار استجلاء الأمور، وقياس المدى الذي يمكن أن تذهب إليه مع الخرطوم
أصبح تجاوز الأزمات الاقتصادية يسيطر على تفكير الطبقة الحاكمة، وشريحة كبيرة من القوى السياسية في السودان، والمزايدات فيه وعليه تراجعت كثيرا، وبالتالي لن يكون تصاعده أو انخفاضه ذا بال، وستحاول الخرطوم التجاوب معه وفقا لما يحققه من فوائد.
وقد يكون اقتراب مصر من السودان، أو العكس، من ضمن محدداته المشتركة آلية التعامل مع إسرائيل الفترة المقبلة، لكن ليس بالضرورة أن يرتهن التطبيع أو تتحدد بوصلته، تقدما أو تأخرا، على حجم التطور الحاصل بينهما.
إذا كان التوافق ظاهرا الآن بموجب حزمة من المصالح المشتركة، فاحتمال تآكله غير مستبعد، في ظل عدم حسم مصير السلطة الحالية في الخرطوم بعد انتهاء الفترة الانتقالية، وعدم حل بعض الخلافات مع القاهرة، والتي يمكن أن تنفجر في أي لحظة، وفي مقدمتها النزاع حول مثلث حلايب وشلاتين.
من هنا تظهر حيرة أخرى مع مصر تقود إلى أن السودان ربما يستقر على دبلوماسية بها الكثير من الدفء مع القاهرة، ووصوله إلى درجة السخونة يتوقف على ما يقدمه كل طرف للآخر، وربما تفرض المصالح تفاهمات عدة، غير أنها معرضة لتصطدم بمتغيرات إقليمية أمامها بعض الوقت لتتضح معالمها، فالسيولة الراهنة لن تمكن أحدا من الأطراف حسم خياراته سريعا.
تحافظ إسرائيل، التي تعول على السودان، على درجة من الدفء أيضا، تمكنها من انتظار استجلاء الأمور، وقياس المدى الذي يمكن أن تذهب إليه مع الخرطوم، فهي تريد أن تستفيد من الأزمات لتدشين مقاربات واعدة في مجالات متنوعة، لكن لا تضمن الثبات والتغير في المشهد الحالي، لذلك سوف تبقى حيرة السودان مستمرة حيال كل من مصر وإسرائيل إلى حين التعرف على التوجهات العامة في المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.