أثار إعلان مجلس السيادة السوداني، حول تشكيل "مجلس شركاء الفترة الانتقالية"، خلافات حادة بين قوى السلطة في السودان، ما هدد بتقويض التحالف الحاكم في البلاد. وتبيانت ردود أفعال الأحزاب والقوى السياسية، وعلى رأسها قوى الحرية والتعبير والحركة الشعبية والحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري، وحزب الأمة القومي، بين عدم التوافق على ما ورد في إعلان المجلس الانتقالي من صلاحيات، وأن المجلس أصبح جزء ًمن أزمة الشراكة. وكان رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق عبدالفتاح البرهان، أصدر مرسوماً بتشكيل مجلس الشركاء، برئاسته وعضوية رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، و5 من أعضاء مجلس السيادة العسكريين، إلى جانب نائب ثانٍ لقوات الدعم السريع، و13 من قوى "إعلان الحرية والتغيير"، و7 من قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام، إلى جانب عضوين من شرق السودان، يتم اختيارهما بعد عقد مؤتمر عام، لكل مكوّنات الإقليم. مشروع لائحة وقالت قوى الحرية والتغيير،في بيان، السبت، إن المرسوم الصادر من رئيس مجلس السيادة بتشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية، غير متوافق على ما ورد فيه من صلاحيات، ولم يعرض على "الحرية والتغيير" قبل إصداره، واحتوى على صلاحيات للمجلس تخرج به من الطبيعة التنسيقية التي أنشئ من أجلها. وأضافت "قوى الحرية والتغيير"، أنها أعدّت مشروع لائحة أرسلته لرئيس الوزراء والمكون العسكري وأطراف العملية السلمية، واستمعت لملاحظاتهم الأولية ومن ثم قامت بتطوير مسودة أخيرة لنقاشها بين الأطراف المختلفة. وأكدت أن المجلس لا يمتلك أي صلاحيات تنفيذية أو تشريعية، ولا ينبغي أن يمس المؤسسات المشكلة بواسطة الوثيقة الدستورية، أو يتغول على صلاحياتها. وشددت "قوى الحرية والتغيير" على أنه يجب الحفاظ بوضوح على صلاحيات ومهام هياكل السلطة الانتقالية المختلفة، دون تغول طرف أو انتقاص طرف آخر. البحث عن مخرج من جانبه، علّق نائب رئيس الحركة الشعبية بالسودان (قطاع الشمال)، ياسر عرمان، في مقابلة مع "الشرق"، على ردود الأفعال الرافضة لتكوين مجلس شركاء الحكم الانتقالي، بقوله إن الغرض من المجلس كان حل أزمة غياب الشراكة الحقيقية، وأن المجلس نفسه أصبح جزءاً من أزمة الشراكة. وأضاف: "هناك تحفظات حول صلاحيات المجلس، الفكرة أساساً ليست في أن يكون للمجلس صلاحيات تنفيذية أو تشريعية، الفكرة أن يكون مجلس من الحكيمات والحكماء، مجلس سياسي ويكون ضيّق التمثيل، يمثل الكيانات الرئيسية لحل أزمات الشراكة سياسياً وفض النزاعات، الآن هناك أزمة، والخيار الصحيح هو أن نذهب تجاه حل هذه الأزمة، وأن نتعلم كيف نبني الشراكة لا أن نتجه ناحية المواجهة". وأوضح: "عرمان"، أن المجلس كان يجب أن يكون مختصراً في تمثيل التيارات الرئيسية، إلّا أنه أصبح مجلساً واسعاً الآن، وأعاد إنتاج الأزمة فضلاً عن حلها، وما يهمنا هو ضرورة العودة إلى منصة التكوين وضرورة النظرة الشاملة للفترة الانتقالية. ودعا نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، إلى البحث عن كتلة انتقالية وحلول شاملة لإعادة إنتاج الفترة الانتقالية، ومناقشة القضايا الكبرى مثل جائحة كورونا والقضايا المعيشية، وإزالة التمكين وتنفيذ اتفاقية السلام. وتابع: "الآن لا توجد رؤية، ولا برنامج ولا قيادة موحدة، هذا ما يجب أن نركز البحث فيه، وألا نوسع ونعمق هذه الأزمة بل نبحث عن مخرج وحلول لها". رفض التعديلات وقال الحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري، (التيار الشعبي للعدالة الاجتماعية)، في بيان، تعليقاً على الأزمة، إنه لن يسمح لأي جهة بالانحراف بمسار الثورة من المدنية إلى العسكرية. وأكد الحزب رفضه لكل التعديلات التي تمت على الوثيقة الدستورية، كما جدد رفضه للتجاوز الدستوري – حسب قوله – معلنًا تحفظه على اتفاقية جوبا للسلام، وأنه مع السلام الشامل الذي يناقش القضايا لا المحاصصات والمسارات. وقال إن المجلس المعلن يتجاهل مجلس الوزراء المدني ودوره، ويؤسس لتحالفات جديدة مدعومة بغطاء دولي وإقليمي لا تعبر عن الثورة. تواصل عاجل بدوره، قال حزب الأمة القومي في بيان "عندما طرح حزبُنا فكرة تكوين مجلسٍ لشركاء الفترة الانتقالية، مستصحباً ذات فكرة العقد الاجتماعي، كان الهدفُ أن يكون مرجعية قومية عقلانية تعمل على معالجة التباينات بين شركاء الفترة الانتقالية، وتدعمُ مؤسسات الانتقال، وتهتمُّ بموجباتِ نجاح الفترة الانتقالية، والوصول إلى الغاية العليا، وهي التحول الديمقراطي الذي يرجوه شعبنا في ميقاته المضروب". وأضاف البيان: "تمَّ السعيُ لإتمامِ تكوين مجلس الشركاء عبر مشروع ميثاق، وتحالفٍ إصلاحي ارتضته مكوناتُ الساحة السياسية السودانية الوطنية، فجاءت فكرةُ مجلس شركاء الفترة الانتقالية، بتوافقٍ بين مجلسي الوزراء والسيادي المفوضَين". وتابع: "في الأثناء تواصل حزبُنا مع كافة الشركاء المعنيين ببناء مجلس الشركاء، وفقاً للوثيقة الدستورية، وتمكَّن من رسمِ ملامح بنائه بما يتسقُ وكل المرجعيات التوافقية، إلّا أنَّ بعضَ الجهات ذات الأجندة، والتي تحاولُ تعطيلَ المسيرةِ نحو الديمقراطية، انحرفت بالفكرةِ من حيثُ الشكل، والاختصاص، والتكوين". واختتم الحزب بيانه: "لقد اجتمع مجلس التنسيق، وقرر أن ينهض الحزبُ فوراً للعملِ على ضرورة إصلاح هذا الوضع بالتواصل مع جميع الشركاء خلال الساعات القادمة، لتصحيح التجاوزات، خصوصاً فيما يتعلق بصلاحيات مجلس الشركاء لضمان عدم تغوله على الأجهزة الأخرى، وأن يتم تكوينه بالتراضي والتوافق بين الجميع".