إلغاء الهامش ضرورة أخلاقية وإنسانية .. فقط الحيطة العالية، أي السور، هي التي تخلق الجار الممتاز وإنفصال دارفور هو سلام وأمان لاهل دارفور في المقام الأول، وبقية السودان والمنطقة كلها، وبعدها يتوجب النظر في حال بقية الأقاليم .. الإنفصال لا يجب أن يعني عداوة وحرب وكراهية ولكنه يعني دولتان جارتان شقيقتان تعيشان في وئام وسلام وتساندان بعضهما البعض .. البيت الذي تسكنه أسرة واحدة أكثر أماناً وهدؤاً من ذلك الذي تسكنه أسر متعددة .. بالطبع ستكون جاراً طيباً أن كان جارك أيضاً طيباً لماذا لا يتم إلغاء الهامش الذي صنعه المحتل البريطاني؟ الآن وجب تفكيك قوة السلطة المتراكمة في المركز وإعادة توزيعها لمكانها الطبيعي وإنتمائها الحقيقي حيث تكون في يد شعوب الرقعة الجغرافية صاحبة الحق وتنال حريتها في إنشاء كيان يجعلها غير هامشية ولذا يكون إنفصال دارفور ضرورة إيجابية لينعم أهلها بتجريب ممارسة السلطة الوطنية الذاتية بموجب رؤية خصوصية لما يناسب أهل الإقليم من خلال دستور ذاتي ينبع من مكوناتهم الثقافية والعقائدية والتركيبة المجتمعية التي حتماً تختلف إختلاف مهول عن مجتمعات الشمالي النيلي والوسط، حيث لا قدسية للزعامة والنظارة القبلية ولا إنتماء وطيد لها ولا تعصب عرقي، كما هو حال دارفور .. مجتمعات الشمال والوسط قد نجحت في التخلص من تلك الظواهر منذ زمان طويل، وعليه؛ نجد أن الإنفصال يكفل البيئة الطبيعية لأهل دارفور لينعموا بالنمط الحياتي بموجب المعطيات الثقافية والوجدانية التي تخصهم دون مؤثرات من سلطة مركزية جائرة تفرض عليهم غير ما يناسبهم .. وإيضاً الإنفصال هو العدل الإنساني المطلوب حيث يتاح لأهل دارفور التمتع بثروات إقليمهم العظيمة دون منازع مجحف عجز أهل دارفور عن تحمل مسؤولياتهم في حفظ أمنهم لا يعني، بالضرورة، أنها مسئولية أحد غيرهم غيرهم، وليعلم أهل دارفور أنهم إذا فشلوا في صنع السلام سيلاحقهم الفشل في خطة غيرهم أن سعى ليحقق لهم السلام ويجب عليهم أن لا يهدروا الوقت في الإستماع للعنصريين الساذجين الذي ينعقون باليل والنهار ليخدعونهم بأن الجلابة هم سبب كوراثهم .. فليعلم أهل دارفور أن كل مشكلاتهم نابعة من طبقة مستنيرة تتاجر بإختلافاتهم العرقية وان عطائها الأوحد لهم هو التحريض على كراهية أهل الشمال والوسط بحجة دعاوي كاذبة والدليل هو ما حدث في الجنينة، وما قبلها، ويحدث في غيرها يؤكد أنها صرعات قبلية والواجب الأخلاقي يحتم الإعتراف بتلك الحقائق ومن ثم العمل على معالجتها بكل تجرد وإمانة وبدون إيقاع اللوم على عاتق آخر .. وبذلك يتحتم على أهل دارفور السعي لعقد مؤتمر عاجل جامع للإدارات الأهلية والقوى السياسية والمجتمعية من نقابات وإتحادات مهنية وشبابية ورياضية ومنظمات المجتمع المدني الدارفورية لترسيخ مفاهيم السلام والتعايش ما بين كل المكونات وذلك لن يتم إلا بمراجعة أصل دارفور وسيادتها وحتمية بناء كيانها الخاص وإعادة وجودها الأممي كدولة لها تاريخها وحضارتها وأن يعلموا أن مشاريع الإنتقام الوهمية لن تخدم قضايا الجوع والفقر والجهل والتخلف والقتل والسلب والنهب ولن تكفل الأمن والسلام عندهم في العالم المتقدم نجد الشعوب المتطورة تعيش في تصالح كبير ما بين طبقاتها الثلاث: أولى وثانية وثالثة، حيث ينظر مواطني الطبقة الثالثة لقاطني الطبقة الأولى بعين الرضا كونهم الدرع والأمان الإقتصادي للبلد والمكلفين بشيل الهموم القومية الكبرى وكونهم يوفرون فرص العمل والإنتاج ويدفعون الضرائب الباهظة التي تخدم كل الدولة، وخاصة البسطاء والمعدمين، وفي المقابل يبادلهم مواطني الطبقة الأولى نظرة أشد تقديراً وتبجيلاً كونهم الشعب العامل الكادح والمنتج والمستهلك في نفس الوقت .. أما الطبقة الثانية أو الوسطى فهي الرابط والقلب النابض للأمة وتحظى بتبجيل الجميع .. أما المتميزون فوق كل هذا المجتمعات فهم النخب وهم الموهوبين في كل المجالات حيث يستيقظ الناس كل صباح متشوقين لإبداعات النخب .. ليضطلعوا على إبداعات النخبة السياسية وإنجازاتها ومجهوداتها فيما يخدم مصالح أوطانهم وأيضاً ليتابعوا إبداعات النخبة الإعلامية فيما تنتج من صحف وفضائيات وراديوهات وفي المساء يتابعون النخبة الرياضية والفنية والأدبية والموسيقية وغيرها .. كل هذه النخب لها تمجيدها وتقديرها عدا في سوداننا حيث نجد النخبة السياسية النيلية مصنفة كمجرم مطلوب القبض عليه، حياً أو ميتاً، من قبل عنصريون يدعون أنهم المدافعون عن الهامش .. الآن وجب إلغاء العامش بإسترداد الشعوب لسلطتها المسلوبة مركزياً حتى تصنع مراكزها وذاتيتها وكينونتها ولا تكون هامشية