استطاع رجل عجوز في ولاية تشو الاقطاعية الاستمرار بالحياة من خلال احتفاظه بقرود لخدمته، وكان أهالي تشو يسمونه "جو غونغ" أي "سيد القرود". كان الرجل العجوز يجمع القردة كل صباح في ساحته ويأمر أكبرها بأن يقود نظراءه إلى الجبال لجمع وجني الفاكهة من الأجمة والأشجار، وكان سيد القرود يفرض على قردته قاعدة ان يقدم كل قرد منهم عشر ما جمع إليه، وكان يعاقب كل قرد يتخلف عن ذلك بجلده دون رحمة. كانت معاناة القرود شاقة، ولكنها لم تجرؤ على الشكوى، ومرَّة، سأل قرد صغير القرود الآخرين قائلاً: هل زرع الرجل الهرم جميع أشجار الفاكهة والأجمة؟ فأجابوه، لا، إنها تنمو وحدها، ثم تساءل القرد الصغير: ألا نستطيع أن نأخذ الفاكهة من دون إذن من الرجل العجوز؟ فأجابوه: نعم نستطيع، فقال القرد الصغير: لماذا إذًاً نعتمد على الرجل العجوز، لماذا علينا أن نخدمه؟ فهمت القردة جميعها ما كان يرنو إليه القرد الصغير حتى قبل ان ينهي جملته، وفي نفس الليلة وعند ذهاب الرجل الهرم إلى فراش النوم حيث غطّ في سبات عميق قامت القردة بتحطيم قضبان أقفاصها جميعا، واستولت على الفاكهة التي كان العجوز قد خزنها وأخذتها إلى الغابة. لم تعد القردة إلى العجوز بعد ذلك أبدا، وفي النهاية مات العجوز جوعاً. يقول يو لي زي "يحكم بعض الرجال شعوبهم باتباع الخدع، لا بالمبادئ الأخلاقية، هؤلاء الحكام يشبهون سيد القردة، فهم لا يعون تشوش أذهانهم ولا يدركون انه في اللحظة التي يدرك الناس أمرهم ينتهي مفعول خداعهم". ندعو الله اخوتي ان ينتهي مفعول خداع حكوماتنا لنا. فالسودان وبسبب ساسته يحتل المركز الأخير في تصنيف مجلة السياسة الخارجية foreign policy الأمريكية في تصنيف الدول الثمانيه الأكثر فشلاً في تقدير الباحثين الذين أعدوا هذا التقرير وقد اعتمد التصنيف على عدة مؤشرات اجتماعية واقتصادية وسياسية وعسكرية لقياس مدى نجاح وفشل حكومات الدول في التعامل مع المشكلات المختلفة التي تواجهها ، مثل الزيادة في عدد السكان، وسوء توزيع الثروة ، والحركة السلبية للهجرات واللجوء ، والميراث العدائي بين الطوائف، والقبائل، والأعراق . وغياب التنمية . ومستوى الفقر ، وانعدام المساواة. وفقدان شرعية الدولة، وغياب القانون. وتدخل دول خارجية في شؤون الدولة بما في ذلك التدخلات العسكرية. وعلى ذلك فإن الدولة "الفاشلة " هي : الدولة التي لا يمكنها السيطرة على أراضيها، وعادة ما تلجأ للقوة، وتفشل حكومتها في اتخاذ قرارات مؤثرة، إضافة إلى عدم قدرتها على توفير الخدمات لأبناء شعبها، فضلاً عن فشلها في التعامل بفاعلية مع المجتمع الدولي، وعادة ما تشهد معدلات فساد وجريمة مرتفعة. وقد لا يحتاج المرء اي صعوبة لمعرفة معايير الدولة الفاشلة. ولكنها تظهر له جلية في آلاثار التي خلفها حكم لثلاثون عاما وقد مرت على السودان مر السوء. فلقد فشلت الحكومة البائدة في بلورة كيان سياسي يحدد معالم السودان طيلة تلك الفترة . بل كان كل العنوان الحروب والقتل والسرقة والإرهاب. وهذا ما يقنع المرء بصحة التصنيف اعلاه لأن السودان ظلت تعمه فوضى خلاقة في كل جوانبه . فمعالم الفساد السياسي والإداري كانت واضحة في كل مفاصل الدولة، وأسماء ولصوص وسراق مرة المتعافي ومرة الخضر ومرة نافع ومرة اللمبي ومرة كرتي ومرة بشه وزوجته ومرة عبد الله البشير. وخط هيثرو ومشروع الجزيرة والخطوط البحريه والمطار الجديد وسواكن وووووووو………….. حتى باتت الرؤية العامة لأي مسؤول أو موظف في تلك المؤسسات توكد أنه غارق في الفساد. فلم تنعكس موارد السودان المهولة ايجابا على الشارع السوداني ولو قليلا. فلا تنمية ولا مشاريع ولا بنى تحتية ولا حلول لأزمة المعيشه، وهناك أزمات خبز ووقود وانفلات أمني. اذن أين كانت المشكلة؟ ألمشكله في تنافر الساسه فيما بينهم. وتواصل الأمر سوءا بعد سقوط النظام. هبوط ناعم و مكون عسكري بحبل سري مع النظام البائد. وجميعهم مشاركون في إدارة الدولة و ينتقدون إدارتها، فالبرهان رئيس المجلس يخرج ليتحدث عن الفشل التام… وحميدتي يتحدث عن الفساد التام … حتى أصبحت تلك الازدواجية صفة تميز كل العمل السياسي في السودان. ويبدو أنها الازدواجية السياسية… وصفة العجز والفشل في إدارة الدولة رغم انهم متحالفون في السلطة بموجب الوثيقة …. فالعسكر يسيطرون على 82٪ من الموازنة. والمدنيين يسيطرون على 18٪ من الموازنة ورواتب العسكر تستقطع من ال 18٪ لذا تمددت الازدواجية السياسية وأصبحت واضحة من خلال تمتعها بجميع امتيازات الحكم والسلطة ، وبالمحصلة النهائية نجد ان الطبقة السياسية تعيش أزمة كبيرة . ولعل السبب الرئيس هو شخصنة المؤسسات وربطها بشخصيات احتكاريه تحاول تصوير نفسها على أنها الوحيدة القادرة على إدارة البلاد، فالوقود له شركاته المسيطرة عليه والسكر له شركاته المسيطرة عليه والذهب له شركاته المسيطرة عليه والدواء له شركاته المسيطرة عليه والماشية لها شركاتها المسيطرة عليها والعلة لها لصوصها المسيطرون عليها والحكومة وكأنها تتعامل مع عصابات ومافيات وهي عاجزة أمام انفلات الأسعار… ويكمن كذلك فشل السودان في غياب الدستور الدائم المعطل عمدا من هذه المجموعات والمافيات. كذلك كيف لا يكون السودان دولة فاشلة وهو عاجز وكسيح امام أكبر ثروة حيوانية في العالم لاترى مداخيلها ابواب الموازنة العامة. ويملك السودان ذهبا يهرب جله إلى الخارج وتستفيد منه تلكم الجماعات والمافيات. واليوم خرج علينا وزير الماليه بقرار تعويم الجنيه السوداني. وهي تجربة قد تكون قاسية جدا على المواطن المسكين ولكنها غير مستحيله. ودعواتنا أن يعبر الوطن إلى بر الأمان. بس رجاءا لا تحكمونا باتباع الخدع.