وضح جلياً بأنّ هوة الثقة بين المواطن والأنظمة السياسية عميقة جدا، وأنّ المسافة بينهما كبيرة تحتاج إلى خطواتٍ إصلاحية حقيقية مُتسارعة لطي هذه المسافة، ولن يتأتى هذا إلّا بفعلٍ ملموس مدعوم بجدية تقترب بها المسافات، وتُردم بها الهوة، وتُرمّم بها جسور الثقة المُنهارة ، وننصح الذين جاءوا ليحكُمونا من الذين لم يتجاوزا بعد الفُصول الدُنيا في مدرسة السياسة بأنّ المواطن المكتوي على الدوام بنيران السياسات الخطأ أزكى بكثير مما تتصوّرون، وقد حاول من سبقوكم استغفاله وتغييبه عن أفعالهم ولم يفلحوا، فابحثوا عن طريقٍ آخر للنجاح مبني على الصدق والشفافية، وفارقوا الطريق الملتوي الذي أوصل البلاد وأهلها إلى هذه النهايات البئيسة، وإيّاكم والعمل بسياسة الأحمق (حشّاش بي دقنو) . نقول لهؤلاء الجُدد بأنّ سياسة اللت والعجن لن تؤسس لدولة يحلم أهلها بمدنية مُكتملة الأركان قوامها آداء الواجبات كما ينبغي لها أن تؤدى، ونيل الحقوق كاملة غير منقوصة لمن أدّى ما عليه، وكما تعلمون بأنّ بلادنا التي اختارها الله لنا جعل التبايُن سمة من سماتها، فلن نصل بها إلى شط الأمان إن لم يتفق الجميع على خطوط عريضة أساسية نُقيم بها دولتنا التي حلمنا بها وقاتلنا لأجلها، ولنجعل اختلافاتنا في ما لا يضُر بوحدة البلاد ونهضتها وفي ما لا يمس سيادتها، وإلّا فالمصير أسوأ، والوصول إلى الغدِ المُبتغي لن يتحقّق أبداً. نقول لقادة الأحزاب وأصحاب الطموح السياسي لماذا لا نتعلّم من أخطاء ماضٍ تجاوزناه، ولِمَ لا نجتهِد ونتفِق على الخُروج من هذه الدائرة الخبيثة ونتحرّر من قيود التخلّف السياسي، ونسعى لايجاد موطء قدم لنا بين منظومة دولية لا مجال فيها للضُعفاء، ولا مساحة فيها لمن نجحوا في تدمير بلدانهم بأيديهم، وضيُعوا مُكتسباتها لأجل بناء أمجاد شخصية زائفة، وكسب منافع ذاتية ومادية زائلة، ولمن أدمنوا التغني ببطولاتِ أشخاص لم تُثبِت لنا الأيام صحتها ، صدقوني لن ينفعنا في يومنا هذا سوى العمل الجاد لأجل (الوطن) والخروج به عبر بوابات (العمل) من مُربعات الاختلاف والصراع التي تقوقعنا فيها مُنذ استقلاله . نقول لحمدوك لقد عرضنا عليك أمانة الحُكم في بلادنا فلم تأباها ولم تُشفِق على نفسِك من حملها، لن تعفيك حداثة عهدك بالسياسة من المُساءلة في الدُنيا، ولن تحميك حاضنتك السياسية من يومٍ تجتمع فيه الخُصوم أمام مالك المُلك، ذلك اليوم الذي يهرُب فيه منك من حالوا بينك واختيار القوي الأمين لحكومة ثورة علّق عليها الشعب الآمال، وتمنّوا أن تنقلِب بها الأحوال من حالٍ مُزري إلى أفضل حال، والحال يا ريس ما زال يُغني عن السؤال. نقول للمواطن كان الله في عونك.