لدينا بدائل نتمنى ألا نضطر لاستخدامها في السودان..رسائل تحذيرية لمستشار ترامب    الإمارات دولة محتضنة وراعية وداعمة للإرهاب...الفاشر لن تكون المحطة الأخيرة من الإنتهاكات    جثث النساء تناثرت في الطرقات...أكثر من مليون نازح (ناجي) من الفاشر نحو المجهول    الصليب الأحمر بعد حادثة السودان:"نشعر بالذعر"    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    السلطات الصحية في الخرطوم تزفّ خبر حزين    حسين خوجلي يكتب: الفاشر والسياب جدلية الجسد والوطن    شاهد بالفيديو.. اعتدى عليه أثناء تصوير مقطع بالفاشر.. الناشط بالدعم السريع "شيخ بدران" يهرب ويجري من "جمل" غاضب والجمهور ينفجر بالضحكات: (تخاف من جمل طيب لو جاتك مسيرة تعمل شنو؟)    شاهد بالصورة والفيديو.. من داخل الطائرة.. "بقال" يغادر تشاد في طريقه إلى تركيا ويؤكد اقتراب عودته للخرطوم وبورتسودان    "جاء الوقت الذي أضع فيه عائلتي في المقام الأول".. فنانة سودانية معروفة تفاجئ جمهورها وتعلن إعتزالها الفن وتقرر الهجرة لفرنسا بصورة نهائية    مشاهد مرعبة من الفاشر.. صور الأقمار توثق جثثاً وبقع دماء    الفاشر لم تكن مجرّد مدينة بل كانت قلب الذاكرة الدارفورية    المريخ يختتم إعداده للقاء التعاون    الخارجية تبلغ مدير مكتب برنامج الغذاء العالمي ومديرة قسم العمليات بالسودان بانهما غير مرغوب فيهما    محمود الخطيب يكشف أسباب أداء الأهلي في كأس العالم للأندية ويؤكد: "ريبيرو مرحلة وانتهت"    إليسا تحتفل بعيد ميلادها في لبنان بحضور نجوم الفن    نقل 218 جثمان من مواقع متفرقة بقشلاق الشرطة بمنطقة ابو سعد جنوبي امدرمان وإعادة دفنها وفقاً للإجراءات القانونية    4.5 مليون فرنك مكافأة لكل نادٍ رواندي بسبب مشاركة الأندية السودانية في الدوري    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    القوات المسلحة تحث المجتمع الدولي ووسائل الإعلام على توثيق جرائم مليشيا آل دقلو في الفاشر    وزير الداخلية يشيد بقوات مكافحة التهريب بقوات الجمارك لضبطها عدد 586 كيلو جرام من مخدر الأيس    نادي الصفا يكسب خدمات نجم مريخ الابيض كلول    الوادي يبدع ويمتع ويكتسح الوطن بعطبرة    مسؤول أممي: التدّخل في شؤون السودان يقوّض آفاق السلام    انقلب السحر على الساحر.. لامين جمال يعيش كابوسا في البرنابيو    تفاصيل استشهاد المراسل الحربي آسيا الخليفة.. لجأت لمبنى مفوضية العون الإنساني بعد أن اشتد بهم الخناق والمليشيا طالبت بتسليمها لكن زملائها رفضوا ودافعوا عن شرفها حتى استشهدوا جميعا    الدوري الممتاز 7 يناير بدون استثناء    سيطرة عربية.. الفرق المتأهلة إلى مجموعات دوري أبطال إفريقيا    ترامب: أحب إيقاف الحروب    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تربط جميع مكاتبها داخل السودان بشبكة الألياف الضوئية لتسهيل إستخراج الفيش    تطوّرات بشأن"مدينة الإنتاج الحيواني" في السودان    ستيلا قايتانو.. تجربة قصصية تعيد تركيب الحرب في السودان    الديوان الملكي: وفاة الأميرة نوف بنت سعود بن عبدالعزيز    أمين تجار محاصيل القضارف : طالبنا الدولة بضرورة التدخل لمعالجة "كساد" الذرة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل توجه رسالة للفنانين والفنانات وتصفهم بالمنافقين والمنافقات: (كلام سيادتو ياسر العطا صاح وما قصده حاجة.. نانسي عجاج كاهنة كبيرة والبسمع لفدوى الأبنوسية تاني ما يسمع فنان)    متى تسمح لطفلك بالحصول على جهاز ذكي؟ خبير أميركي يجيب    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليد الخفية و الثورة الخفية و ليست ثورة في الثورة كما يظن كمال الجزولي..
طاهر عمر
نشر في الراكوبة يوم 01 - 04 - 2021

بالمناسبة مسألة البناء الأسري و دوره في نشؤ النظم السياسية مسألة أمرها في غاية الأهمية و ملاحظته ضرورية للغاية فالمجتمعات التي يرجع تاريخها الى الأسرة النووية تنتج نظم سياسية تؤسس على الحرية لذلك نجدها تتمتع بنظم ديمقراطية ليبرالية كفرنسا و بريطانيا أما مجتمعات الأسرة الجذعية فانها تنتج نظم شمولية كما رأينا كيف بزغت شمس كل من النازية في المجتمع الألماني و كيف ظهرت الشيوعية في روسيا بسبب أن كل من ألمانيا و روسيا يتشكل بناءها الأسري على أساس الأسرة الجذعية و نفس الشئ نجده في اليابان و تاريخ الأسرة الجذعية في كيفية دورها في الحرب العالمية الثانية و لكن بعد نهاية الحرب العالمية الثانية و هزيمة اليابان نجد أن ظلال الأسرة الجذعية قد تحولت الى جهة الانتاج لذلك نجدها هي و ألمانيا قد نجحت نجاح منقطع النظير في الاقتصاد بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لأنها شعوب متجذرة فيها ثقافة الأسرة الجذعية و منعكسة في علاقة انتاجها الذي بموجبه قد أصبحت تنتج لتصدر و ليس لكي تستهلك.
و لكنها على الدوام أي كل من ألمانيا و اليابان يسيطر على سلوكها سؤال كيف تهيمن على بقية المجتمعات الأخرى مثلا ما زالت مسألة أجور النساء في اليابان و تدنيها منحدرة و أهم أسبابها سيطرة ثقافة الأسرة الجذعية و كذلك هيمنة ألمانيا على الاتحاد الأوروبي و تحطيم بقية دول الجنوب الأوروبي بسياساتها الاقتصادية أيام اصرارها على سياسة التقشف ماهي إلا ثقافة الاسرة الجذعية و قد انعكست في سياسات ألمانيا الاقتصادية رغم أن دول الجنوب الأوروبي أعضاء معها في الاتحاد الأوروبي و لكنها قد تعاملت معهم ألمانيا بقسوة فارضة سياسة التقشف كما لم تنتبه اليابان الى مسألة الظلم الناتج على النساء بسبب الأجور. و لاحظ كيف اتجهت روسيا بعد فشل الشيوعية و على مدى ثلاثة عقود باتجاه ما تنتجه الأسرة الجذعية من نظم سياسية و ها هو بوتين يعدل القوانيين ليستمر في الحكم الى عام 2036 و هكذا تتحول ثقافة الأسرة الجذعية و تتبدل و لا تنتج إلا سلوك سلطة الأب و ميراث التسلط. و عليه لا يمكن تخطي أثار الأسرة الجذعية و انتاجها لنظم متسلطة إلا بوعي نخب قادرة على خلق ثقافة ناتجة من انتاج عقل الأنوار عقل الحداثة يستطيع أن يغيّر ديناميكية المجتمعات التي ترتكز على ثقافة الأسرة الجذعية و عليها أعطينا مثال كل من اليابان و روسيا و ألمانيا و الصين.
أما روسيا بتاريخها ذو ثقافة الأسرة الجذعية الذي تشترك فيه مع الصين فكانت أرض خصبة لإستقبال الفكر الشيوعي كفكر لا ينتج غير نظام حكم شمولي لا يقل في بشاعته عن النازية و الفاشية.
انتبهت الصين في العقود الأخيرة و أدخلت نمط الانتاج الرأسمالي و قد أصبح أكبر رافعة لاقتصادها الذي قد أصبح منافس للاقتصاد الأمريكي و لكنها على المدى الطويل ستجابهها مسألة أن الرأسمالية ذات علاقة طردية مع الديمقراطية و لا يمكن أن تستمر الصين في التقدم و الازدهار إلا بتغيير سياسة ثقافة الأسرة الجذعية حاضنة النظم الشمولية كالشيوعية و النازية و الفاشية. الذي نريد قوله أن الشعوب التي تتجذر فيها ثقافة الأسرة الجذعية غير قادرة على انتاج نظم حكم ديمقراطية بسهولة و تحتاج لمراقبة جادة من قبل نخبها على الدوام في كيفية تقليل انحرافها و تباينها عن ما ينتجه عقل الأسرة النووية القادرة على انتاج نظم حكم ديمقراطي ترتكز فيها على حرية الفرد و من ميزاتها أي الأسرة النووية بأنها ذات مرونة و قابلة للتغير بسهولة فيما يتعلق بعلاقتها بمعادلة الحرية و العدالة و نلاحظ كل ذلك في كيف استطاعت كل من أمريكا و بريطانيا في سهولة تحولها في التسعة عقود الأخيرة من سياسة اليد الخفية مرورا بالكنزية و فكرة التدخل الحكومي دون أن يصل الى مستوى اليد الحديدية كما كانت الشيوعية ثم مرت بسهولة من بعد الكنزية الى ديناميكية النيوليبرالية التي قد وصلت الى منتهاها في انتخاب ترامب كشعبوي و خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.
و ها هي كل من بريطانيا و أمريكا تتجه باتجاه الحماية الاقتصادية دون أن تعلن عن ذلك و لكن ما تقوم به كل من أمريكا و بريطانيا دون الاعلان عنه سوف يصبح ممر إلزامي ستتبعها عبره بقية دول العالم و هذه نتائج مفاهيم اليد الخفية في تحولها عبر ديناميكية المجتمع الحي الذي يعرف تغيير مساراته في اللحظة المناسبة و خاصة في العقود الأخيرة من مسيرة البشرية فقد أصبحت تسوقها أفكار الثورة الخفية كما تحدث عنها عالم الاجتماع الفرنسي مارسيل غوشيه و ليست ثورة في الثورة التي قد تخلى عنها صاحبها ريجيس دوبريه و يحاول كل من حيدر ابراهيم علي و كمال الجزولي الترويج لها بشكل مثير للشفقة. أما فرنسا التي تشترك مع كل من بريطانيا و أمريكا في ثقافة الأسرة النووية المنتجة لنظم ديمقراطية ليبرالية فلها ظرفها و قد تحدث عنها فلاسفة و علماء اجتماع و انثروبولوجيون فرنسيون و قد حمّلوا النخب الفرنسية مسؤلية أخطاهم سواء كانت نخب اليسار الفرنسي أو اليمين و كانت النتيجة معاقبة الشعب للنخب الفرنسية بانتخاب ماكرون كعقاب لليميين و اليسار الفرنسي في عدم قدرته على التنبؤ بالثورة الخفية التي تجتاح العالم فقد فقدت فرنسا بدخولها في العملة الأوربية اليورو أهم أدوات سياساتها النقدية التي تستطيع عبرها تأبيد ثقافة الأسرة النووية و علاقتها بمعادلة الحرية و العدالة المشتقة من مبادئ حقوق الانسان و قيم الجمهورية.
و كذلك لم تفطن النخب الفرنسية للمخاطر الكامنة في الانجرار وراء سياسة النيوليبرالية و خاصة بعد انهيار جدار برلين و اختفاء المنظمومة الاشتراكية و بالتالي قد فقدت النخب الفرنسية بسبب دخولها في العملة الاوروبية قاعدة صناعتها الوطنية بسبب العولمة و لم تستطع كبح جماح ألمانيا في مسألة سياسة التقشف التي قد حطمت بها اقتصاد كل من ايطاليا اسبانيا و اليونان و قد تأثر الاقتصاد الفرنسي رغم محاباة ألمانيا لفرنسا و الغرض ليس حبا في فرنسا و لكن لكي تصل الى غايتها في تحطيم دول الجنوب الأوروبي كنتاج لثقافة الهيمنة الناتجة من ثقافة الاسرة الجذعية في المجتمع الالماني.
و أيضا من وجوه الثورة الخفية غير المعلن عنها و في سرية تامة في ظروف كورونا قد أطلق الاتحاد الأوروبي برنامج اعادة اطلاق الاقتصاد الأوروبي و لكنهم لم يقولوا بأنهم قد كانوا مجبرين لأن سياسة النيوليبرالية قد وصلت لمنتهاها. ما يجب أن تنتبه له النخب السودانية بأن الثورة الخفية قد أصبحت قاطرة تجر مسألة تحول المفاهيم و تحتاج لنخب قادرة على رصد هذه التحولات و قادرة على التنبؤ بمسارات العالم عبر ظواهره التي تخترق مجتمعاته و ليست نخب ملتصقة بشعار عمره أكثر من أربعة عقود و لا يجسد غير جمود النخب السودانية و تخشبها في مواقف تسندها أفكار متخشبة مثل فكرة لن يحكمنا البنك الدولي في وقت يحتم علينا مسألة عودة الدولة لحضن المجتمع الدولي و عودة الدولة للمجتمع السوداني كمفهوم حديث تقود التحول الاجتماعي و خاصة أن البشرية فارقت فكرة الدولة الارادة الالهية و هاهي فكرة الدولة الأمة تتهئ للدخول لفكرة الدولة الحقوق و هنا تكمن أهمية مراقبة تحول المفاهيم المتجسد في سير الثورة الخفية.
وحتى عندنا هنا في السودان نجد أن من نتائج الثورة الخفية و أفكارها الجديدة في روح ثورة ديسمبر المجيدة لأول مرة قد عرفت النخب السودانية الفاشلة بأن التغيير يقوم به الشعب و لا يقوم به المثقفين و القادة و المفكرين و لأول مرة تدرك النخب السودانية أن مسألة الوطن لم تعد مسألة دينية و لأول مرة تعرف النخب الفاشلة بأن السيادة مصدرها الشعب و ليس الدين لأن ثورة ديسمبر كانت مفاجئة للنخب و كانت تجسيد لتقدم الشعب و سقوط النخب ففي لحظة تجاوز الشعب للنخب و خروجه للشوارع كان مناوي و جبريل في طريقهم الى اتفاقية الدوحة المعدلة و عقار و عرمان في طريقهم الى أديس أبابا و منها الى جوبا و كان مهندس الهبوط الناعم الصادق المهدي يستعد الى العودة و هندسة الهبوط الناعم و كانت في تلك اللحظات كتابات عبد العزيز الصاوي و السر سيد أحمد و النور حمد في ترويجهم لفكرة انتخابات 2020 بل قد أكدوا بأن الانقاذ و الحركة الاسلامية قد أصبحت جزء من رأس المال الاجتماعي و لا سبيل غير التعايش معها. و فجأة يقوم الشعب السوداني و يقلب الطاولة في وجه الجميع كيزان و نخب فاشلة لم تدرك بأن السيادة مصدرها الشعب و اذا بالشعب السوداني ينجز أجمل ثورة أدهشت العالم و كانت مساندتها من جميع أحرار العالم و من العلامات التي تدل على أن ثورة ديسمبر تعمل بروح الثورات الخفية عندما فاجئت عطبرة بشعارها العبقري كل البلد دارفور بلادة حس النخب و تعطل مشاعرها الأخلاقية فلم يهتدوا يوم لفكرة الانسانية التاريخية التي تقوم على الأخلاق و أدنى مستوياتها التعاطف مع الضحية كما تعاطفت عطبرة بشعارها العبقري مع ضحايا الحروب.
لعقود لم تشهد ساحة الفكر السوداني غير حطام فكر الهووي الصاخب فاذا بعطبرة و شعارها العبقري الحيوي ضد أفكار كل هووي صاخب فشعار عطبرة العبقري أحرج النخب الفاشلة التي كانت تلعب دور أبناء القبائل العاجزة عن تنفس هواء الاعالي كما يقول فردريك نيتشة و قد أخرج النخب الفاشلة من شرنقة رهاب الغريب التي تسيطر على عقل النخب الفاشلة التي قد أصبحت يسوقها عقل الحيرة و الاستحالة و يعشعش فوق رؤسهم الخوف المرضي فكانوا لتبرير انتخابات 2020 يقولون بأن البلد بها عشرات الجيوش و أن إزالة الانقاذ سوف ينتج عنها حرب أهلية و كان ردنا عليهم بأنهم لا يعرفون الشعب السوداني و قلنا لهم لا يوجد سوداني يستطيع أن ينتقم من سوداني آخر و أن من قام باشعال حرب الكل ضد الكل هي الحركة الاسلامية و ثمرتها المرة الانقاذ و صدق تحليلنا فلم ينتقم سوداني من سوداني و كل الشهداء كانوا بسبب ايمان الانقاذ و الحركة الاسلامية بمسألة عنف الكل ضد الكل و لكن لم تكن روح الشعب السوداني على استعداد أن تمارس حرب الكل ضد الكل و نجحت ثورة ديسمبر كثورة مجيدة قد طرحت لأول مرة فكرة أن السيادة للشعب و أن التغيير يقوم به الشعب و ليس النخب و لا القادة و لا المفكريين و بترسيخها لفكرة ان من يقوم بالتغيير هو الشعب مصدر السيادة قد وضعت ثورة ديسمبر المجيدة كل النخب الفاشلة سواء كانوا من دار فور أو من أي جهة في كفة النخب الفاشلة عندما كانت تتحدث عن الهبوط الناعم و هنا يتساوى مقام مناوي مع جبريل مع مقام النور حمد و الصاوي و السر سيد أحمد في الترويج لانتخابات 2020 مع الصادق المهدي و عرمان و عقار و قد فاز عليهم جميعا عبد العزيز الحلو عندما إلتقط اشارة التحول الهائل باتجاه مفهوم الدولة الحديثة التي لا تقوم إلا على أسس العقلانية و شقيقتها العلمانية و هذا هو طريق الانسانية التاريخية التي تنبني على الأخلاق و ليس على الدين كما يتوهم الهووي الصاخب.
بالمناسبة شعار عطبرة العبقري روح الثورة الخفية على وزن اليد الخفية التي تحدث عنها أدم اسمث و به قد فكت عطبرة علاقة الشعب السوداني من أوهام الهووي الصاخب في انتصار بائن للحيوي الذي لا يعنيه غير معادلة الحرية و العدالة و هنا يمكننا تنمية روح الثورة الخفية التي أعلنتها عطبرة و في نورها تنكشف لنا خيبة النخب الفاشلة المتجسدة في خوفهم المرضي نتاج أوهامهم بأن من يقوم بالتغيير هم النخب و القادة و المفكريين و هيهات فمن يقوم بالتغيير هو الشعب و سوف تمضي مسيرة ثورة ديسمبر و مخطئ من يظن بأن ثورة ديسمبر سوف تفشل كم فشلت ثورة اكتوبر و ابريل. و لم تفشل اكتوبر و ابريل الا لأنهما كانتا تحت ضباب فكر النخب الفاشلة التي كانت تعتقد بأن من يقوم بالتغيير هم النخب و القادة و المفكريين و قد تناسوا أن للشعب ديناميكية خفية قد تحتاج لعقود لتنضج و تظهر في عبقرية الشعب السوداني كعبقرية عطبرة في شعار كل البلد دارفور و كل البلد نويا و كل البلد فونج.
الشعب السوداني له مكنزماته الخفية لكبح جماح العنف و لن يأتي يوم على الشعب السوداني ليمارس عنف الكل ضد الكل لو جاءت كل جيوش دارفور و جيوش الفونج و جيوش النوبة الى الخرطوم فللشعب السوداني عبقرية عبرها يستطيع أن يكبح جماح العنف و لن يمارسوا عنف الكل ضد الكل و لا حرب الكل ضد الكل فقد انتهى زمن الخوف المرضي المعشعش في رؤس النخب الفاشلة ضحية رهاب الغريب كمرض مزمن قد أصاب سكان وادي النيل منذ فجر الحياة فهم أول من ابتكر سياسة الضربات الاستباقية كما نجد تهارقا في حربه ضد الجيوش الآتية من آسيا باتجاه وادي النيل و قد حاربهم في منطقة فلسطين و معروف منذ كان فصاعدا بأن شعب وادي النيل و خاصة الكوشيين القدامى فهم كما وصفهم أشعيا النبي بأنهم أمة ذات قوة و شدة و دوس قد خرقت الأنهار أرضها فهم معروفين بالشجاعة عبر التاريخ و بعد أشعيا النبي بزمن طويل وصفهم الغزاة العرب بأنهم رماة الحدق. و رهاب الغريب لا يقل خطر عن فكرة الاسرة الجذعية في انتاج فكر مهيمن لذلك على النخب السودانية أن تحاول معالجة رهاب الغريب المعشعش في عقلهم الخرب لأن الشعب قد تخلص منها بشعار عطبرة العبقري كل البلد دار فور.
و من هنا تبتدي الثورة الخفية كما تحدث عنها مارسيل غوشيه في تحول المفاهيم عبر الأربعة قرون الأخيرة و قد أدت لخروج الدين من أن يلعب أي دور بنيوي على صعد السياسة و الاجتماع و الاقتصاد فالنخب السودانية الفاشلة نجدها لم تسطع إلتقاط موجات الثورة الخفية لذلك لم تفهم شعار عطبرة العبقري و عدم فهمهم لشعار عطبرة نجده نتاج الخوف المرضي و لم يلتقطوا فكرة أن الدولة الحديثة كمفهوم حديث قد أخرج المجتمع السوداني من حيز المفاهيم القديمة التي كانت تؤمن بأن المجتمع يمكن أن يكون على قياس الدين و هيهات و من هنا قد فات عليهم مسألة أصرار عبد العزيز الحلو على فصل الدين عن الدولة فالثورة الخفية تحتاج لقدرة هائلة لإلتقاط اشاراتها و من اشارات الثورة الخفية شعار عطبرة و علمانية الحلو.
لذلك قلنا أن ما يروج له حيدر ابراهيم علي و كمال الجزولي عن ثورة في الثورة وهم من أكبر أوهام النخب الفاشلة التي لم تفهم بعد مفهوم الثورة الخفية لمارسيل غوشيه كما فكرة اليد الخفية لأدم اسمث و كذلك أفكار عمانويل تودد في البناء الأسري و انعكاس ثقافة الأسرة الجذعية في انتاج نظم شمولية و انعكاس الأسرة النووية ذات الثقافة التي تنتج نظم حكم ليبرالية لذلك نلاحظ كتابات حيدر السالبة عن الحركات المسلحة بمستوى لا يختلف عن مستوى الهواة و ما لم يتخلص من رهاب الغريب و روح ابن البلد كما يقول العقاد عن من يكتب بمستوى كتاباته عن الحركات المسلحة سوف يظل غير قادر على إلتقاط مفهوم الثورة الخفية و غير قادر على الخروج من أسر الأسرة الجذعية التي تجعله يبحث دوما عن سلطة الأب و ميراث التسلط و تجعله دوما يطرح ثورة في الثورة و قد تخلى عنها صاحبها أي ريجيس دوبريه من قبل ما يزيد عن خمسين عام و ما زال حيدر ابراهيم علي و كمال الجزولي في انبهارهم بها و هذه واحدة من المضحكات المبكيات.
ثورة ديسمبر على المدى الطويل تسوقها ديناميكية مجتمع سوداني قد بدأ مسيرته باتجاه هدف نبيل للغاية و هو ترسيخ فكرة العيش المشترك و على المدى الطويل ستختفي أفكار قادة الحركات المسلحة لأنهم لا يختلف مستواهم كما ذكرنا عن نخب السودان الفاشلة و كما ضربنا مثل لذلك بأن مناوي و جبريل يتساويان مع الصادق المهدي في هندسة الهبوط الناعم و يتساويان مع عقار و عرمان و مع النور حمد و السر سيد أحمد و عبد العزيز الصاوي في ترويجهم لانتخابات 2020 و قد تجاوزهم الشعب السوداني بثورة عظيمة و مجيدة كثورة ديسمبر لم يستطيعوا جميعا التنبؤ بها لأنها تسير بديناميكية خفية ديناميكية المجتمع السوداني الذي لن يمارس حرب الكل ضد الكل و لا عنف الكل ضد الكل بل وضع حد لممارسة عنف الكل ضد الكل من قبل الحركة الاسلامية و ثمرتها المرة الانقاذ و يبقى في الاخير أن ندعو الجميع للانتباه الى روح الثورة الخفية الكامن في شعار عطبرة العبقري و علمانية عبد العزيز الحلو ندعو الجميع الى تغيير زوايا النظر الى التحول في المفاهيم الذي سوف يقود التحول الديمقراطي و هذه هي روح الثورة الخفية و ليست أوهام ثورة في الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.