تتعدد تحليلات وقراءات العديد من الدوائر لتحديد اتجاهات السياسة الامريكية تجاه السودان بعد جملة من الاجراءات والخطوات التي اتخذتها الادارة الجديدة.. آخر التقارير التي تحدثت عن مشهد العلاقات السودانية الامريكية اوردها موقع"المونيتور" الأمريكي تحت عنوان: السودان يحتل الصدارة في الاستراتيجية الإقليمية الأمريكية.. فما هي التفاصيل؟ ماذا قال التقرير؟ ابتدر الموقع تقرير الموصوف بتقدير الموقف، بأن السودان سيتلقى هذا الأسبوع دعماً من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في وقت قام فيه المبعوث الأمريكي إلى السودان بجولة في المنطقة. وبالفعل شهدت الخرطوم وصول المبعوث الامريكي بدايات الاسبوع الماضي، كاشفا عقب لقائه وزير المالية السوداني عن رغبة مصارف أمريكية وغربية في العمل بالسودان، ولكنه دعا لاستباق ذلك بتهيئة المناخ الاستثماري الحاضن لهذه البنوك.. وازالت واشنطن اسم السودان من قوائم الإرهاب العام الماضي، ما يتيح المجال أمام الخرطوم للاندماج في الاقتصاد العالمي. عمليا دشنت البنوك السودانية بعد عقود من العزلة، عمليات التحاويل المالية مع بنوك عربية وغربية. وشهد اللقاء الذي جرى الاربعاء الماضي اشادة من بوث بالإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة الانتقالية مؤخراً، حيث عوّم البنك المركزي الجنيه جزئياً، الأمر الذي أسهم في جذب مدخرات المغتربين للدورة البنكية. كما بحث اللقاء الدور الذي يمكن أن تلعبه الولاياتالمتحدة، خلال مؤتمر باريس المقرر له مايو المقبل، حيث يأمل السودان في أن ينتهي المؤتمر بإعفاء ديونه الخارجية، مع حصوله على منح وقروض من مؤسسات وصناديق ودول غربية. وتطرق اللقاء إلى بحث ترتيبات وصول القمح الذي قدمته الولاياتالمتحدة للسودان، إضافة إلى المساهمة الأمريكية في برنامج دعم الأسر السودانية (ثمرات). وأكد دونالد بوث حرص بلاده على دعم السلام والتحول الديمقراطي في السودان خلال الفترة الانتقالية. وبدأ السودان في تطبيع علاقاته مع الولاياتالمتحدة عقب الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير (يونيو 1989 – إبريل 2019). وأدت سياسات النظام المخلوع إلى فرض الولاياتالمتحدة جملة من العقوبات على الخرطوم، شملت فرض حصار اقتصادي خانق، لشل النظام. وتقول الولاياتالمتحدة أن الفرصة مواتية للدفع بعلاقات البلدين اليوم، لا سيما بعد دفع السودان مبلغ 335 مليون جنيه لتعويض ضحايا تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في دار السلام ونيروبي، والمدمرة كول في خليج عدن. التحول الكامل تقرير الموقع لم يكن بعيدا عن رصد التفاعلات السودانية الامريكية، منبها الى أن العلاقات الأمريكية السودانية تشهد تحولّاً كاملاً عما كانت عليه قبل عامين، واضاف: إذ ما يزال الانتقال في السودان هشاً، لكنه يسير بخطى سريعة، وخاصة بعد هذا الأسبوع. إذ يمنح قرار صادر عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي سكان السودان البالغ عددهم 44 مليون نسمة فرصة لكسر حلقة الفقر المزمن والضعف في البلاد. تقييم الزيارة زيارة المبعوث الامريكي يبدو انها المعيار الاساسي في تحليل المشهد بالنسبة للموقع الامريكي، اذ اعتبر "المونيتور" أن الزيارة التي قام بها بوث إلى المنطقة هذا الأسبوع تشير إلى الدور المحوري المتزايد الذي تلعبه الخرطوم في المنطقة، وبخاصة في محادثات سد النهضة الإقليمية والتصدي للحرب الأهلية في إقليم تيغراي في إثيوبيا، التي امتدت إلى السودان. وأضاف أن فورة الدبلوماسية تأتي مع تزايد خطر التصعيد حيث من المقرر أن تبدأ الجولة الأخيرة من المحادثات التي يتوسط فيها الاتحاد الإفريقي بين وزراء خارجية السودان ومصر وإثيوبيا في كينشاسا اليوم السبت. وأبلغت إثيوبيا المبعوث الأمريكي للسودان وجنوب السودان السفير «دونالد بوث» بمواقفها المعلنة من مفاوضات سد النهضة، والنزاع الحدودي بينها والسودان، وتمسكها بملء سد النهضة في يوليو المقبل، واستعدادها للتفاوض مع السودان للوصول لحل دبلوماسي للنزاع الحدودي، وللمرة الأولى منذ اندلاع النزاع اعترف دبلوماسي إثيوبي بارز بالاتفاقيات الدولية الحدودية الموقعة بين الخرطوم وأديس أبابا. وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية السفير دينا مفتي في الإيجاز الأسبوعي لوزارته آنذاك، إن نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية دمقي مكونن، تواصل مع المبعوث الأمريكي الخاص للسودان وجنوب السودان السفير دونالد بوث، وأطلعه على الموقف الإثيوبي المتعلق بسد النهضة وأزمة الحدود مع السودان. ووفقاً لصفحة الخارجية الإثيوبية الرسمية على «فيسبوك»، ذكر السفير مفتى أن مكونن أكد للمبعوث الأمريكي أن إثيوبيا تساهم بنسبة 86 % من مياه النيل في الوقت الذي يعيش فيه 60 % من مواطنيها في الظلام، وأنها تعمل على تغيير ذلك بالانتهاء من بناء السد، وفي الوقت ذاته هي تملك الحق القانوني والسيادي في استخدام المياه للتنمية بشكل عادل ومنصف، دون الإضرار بدول الحوض. وأكدت إثيوبيا أثناء المباحثات مع السفير بوث، تمسكها بملء السد في الموعد الذي حددته سابقاً، في يوليو المقبل، وقال مفتي: «ملء السد جزء من مشروع البناء العام» لإثيوبيا، وقالت إنها قدمت المعلومات اللازمة للسودان بشأن الملء الثاني لبحيرة السد وأمنه، بما يطمئن مخاوفه من تأثير الملء على منشآته المائية. ووفقاً للسفير مفتي، فإن إثيوبيا أبلغت السفير بوث باستعدادها والتزامها بالوصول لتسوية للقضايا العالقة عن طريق التفاوض، بما يعالج قلق السودان ومصر، وأكدت له تمسكها بالمفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي الذي تترأسه جمهورية الكونغو الديمقراطية، ورفضها للمقترح المصري السوداني، المتعلق بالوساطة الرباعية، واشترطت على الولاياتالمتحدة إعمال ما سمته «أحكام الحزب الديمقراطي» بشأن الأزمة، التي وقعتها الدول الثلاث 2015. وبشأن النزاع الحدودي بين إثيوبيا والسودان، قال السفير مفتي إن حكومة بلاده تقدر مبادرات الوساطة التي تقدمت بها العديد من الدول، بما في ذلك المبادرة الإماراتية. من جهة أخرى، أعلنت إثيوبيا عبر سفارتها في الخرطوم، على لسان السفير فوق العادة ومفوض إثيوبيا لدي السودان يبلتال إيميرو، إن حكومة بلاده ملتزمة باتفاقيتي الحدود المبرمتين مع السودان في (1902 – 1972) والخاصة بترسيم الحدود ووضع العلامات. فصل جديد وقال الموقع الأمريكي إنه في 31 مارس الماضي، رحب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين ب"فصل جديد" في العلاقات الأمريكية السودانية بعد أن دفعت الخرطوم 335 مليون دولار لتعويض ضحايا إرهاب تنظيم القاعدة في تفجيرات 1998 لسفارتي الولاياتالمتحدة في كينيا وتنزانيا والبارجة الأمريكية كول اليمن عام 2000. وكان البشير، الذي أطيح به في أعقاب الثورة الشعبية في إبريل 2019، متورطاً في أعمال تنظيم"القاعدة" الإرهابية في إفريقيا، بما في ذلك توفير الملاذ الآمن لزعيم التنظيم أسامة بن لادن في السودان بين عامي 1994 و1996. وصنفت واشنطن السودان كدولة راعية للإرهاب. وأقر "المونيتور" أن دفع السودان للتعويضات للضحايا الأمريكيين واعترافه دبلوماسياً ب"إسرائيل" كانا جزءاً من صفقة لإخراج السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، والتي منعت السودان سابقاً من تلقي المساعدات الدولية. وقال إن شطب السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية كان قيد الإعداد وكان يحتاج لبعض الوقت، ولكن تم التعجيل به نتيجة قرار السودان الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام للتطبيع، كما أفاد الكاتب جاريد زوبا، في مقالته "المونيتور" في ذلك الوقت. فرصة واحدة وقال الموقع إنه مع خروج السودان من قائمة الإرهاب في واشنطن، ينظر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الآن في طلب السودان إعفائه من ديونه بموجب مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون. ففي 26 مارس الماضي، وصف ديفيد مالباس، رئيس مجموعة البنك الدولي، القرار بأنه "اختراق"، مضيفاً أن خطوات الإصلاح التي اتخذتها الحكومة السودانية حتى الآن، "بما في ذلك تسوية المتأخرات وتوحيد سعر الصرف، ستضع السودان على الطريق نحو تحقيق أهداف جوهرية وتخفيف عبء الديون والإنعاش الاقتصادي والتنمية الشاملة". وأشار تقرير لصندوق النقد الدولي هذا الشهر إلى أن السودان لديه "فرصة واحدة في كل جيل" لتسريع الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الحكومة الانتقالية المدنية -العسكرية لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وقال تقرير "المونيتور" إن التحديات ما تزال هائلة أمام السودان الذي يواجه فقراً مزمناً وتخلفاً. فالسودان، باعتباره اقتصاداً زراعياً في المقام الأول، حساس بشكل خاص لتقلبات المناخ والفيضانات. وأشار إلى أن معدل انتشار الفقر المدقع (الذين يعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم) مرتفع بنسبة 13.5٪، لكنه يرتفع إلى 46.1٪ إذا تم استخدام معيار الفقر في البلدان ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط (3.20 دولار في اليوم). كما يحتل السودان المرتبة الأدنى في مؤشرات التنمية البشرية ورأس المال البشري. وقد تقلص اقتصاد السودان، وخاصة بعدما تضرر بشدة من وباء كورونا، بنحو 3.6٪ في عام 2020. ولسوء الحظ، كان هذا العام الثالث على التوالي من النمو السلبي. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد السودان هذا العام بنسبة 0.9٪.