بقلم المستشار القانوني فائز بابكر كرار Faiz Karar بصورة عامة : إن من صعوبات تحقيق مبدأ الفصل بين السلطات والاختصاصات في الأجهزة العدلية والقضائية والنيابة العامة والمحكمة الدستورية تتمثل في الاستبداد السلطوي و الوصاية الحزبية وسيطرة وتدخل السياسة الحاكمة، وأحيانا تحدث عوامل داخلية تتمثل في التهرب من المسئولية القانونية على اعتبار أن تلقى كل سلطة بالمسؤولية على الأخرى، وعدم تطبيق صحيح القانون وفهمه. بصورة خاصة : لذلك لابد أن يحقق مبدأ الفصل بين السلطات والاختصاصات منع الاستبداد السلطوي، ويضمن مبدأ الشرعية، وتقسيم العمل والاختصاص وزيادة الفاعلية. استقلال السلطات يجعلها متساوية ومتكاملة ومتوازنة. أن من طلب السلامة لزم الاستقامة والعدالة جسر النهضة والاستقرار والتعايش السلمي. وفى ذلك وفى تقديري فى السودان نملك منظومة عدلية يجب أن تنهض بكامل دورها فى تحقيق دولة القانون. لمحة من الواقع:: مظاهر التقاطعات القانونية والتعارض بين الاختصاصات والسلطات من حيث الآليات والمهام والأهداف:- مسألة : خلال الأيام الماضية ثار جدل قانونى كثيف بين فتوى السيد المحامى العام فى إصدار الفتوى القانونية والرأي في شأن وقف التصرفات التى قامت بها لجنة التحقيق فى التصرف فى أموال الخطوط البحرية السودانية واللجنة الاخيرة مكونة بقرار من النائب العام، حيث أصدر المحامي العام فتوى تبطل التصرفات التى قامت بها لجنة التحقيق وأثر ذلك أصدر السيد وكيل وزارة العدل قرار بإلغاء فتوى المحامى العام بشأن وقف التصرف . توضيح عام قرار السيد وكيل وزارة العدل بالرقم (84)لسنة 2021 بتاريخ الخامس والعشرون من شهر ابريل ، بناء على الطلب المقدم من رئيس المكتب التنفيذي للنيابة العامة ورئيس لجنة التحقيق بتاريخ 19/4/2021 علما بأن اللجنة مشكلة من السيد النائب العام بموجب قرار رقم ( 24 ) لسنة 2019 وفق الاختصاص الممنوح لها من النائب بموجب سلطاته الواردة في المادة 30 من قانون النيابة العامة لسنة 2017 ، والمادة 20 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 بناء على ذلك منحت اللجنة بموجب قرار التشكيل إختصاصات النيابة العامة. حقائق قانونية: -النيابة العامة مستقلة في أداء أعمالها. -قرارالسيد النائب العام رقم (24) حدد مهام واختصاصات اللجنة في التحري والتحقيق حول التصرف في أصول ومخالفات الخطوط البحرية السودانية. -وزارة العدل ليس لها سلطة على أعمال النيابة العامة أو لجان التحقيق فيما يتعلق بالعمل الجنائي. -سلطة وزارة العدل تتعلق بالعمل بالموافقة على التسويات في المسائل المدنية التي تكون أجهزة الدولة طرفا فيها وهذا بموجب المادة الرابعة من قانون تنظيم وزارة العدل لسنة 2017 ، وكذلك قرار وزير العدل رقم( 97) لسنة 2019 الصادر بتاريخ 5/11/2019 بتفويض سلطاته للوكيل أو المحامي العام بإجراء التسويات التي تكون اجهزة الدولة طرفا. السؤال:- من ناحية السلطات والاختصاص هل النيابة العامة والخطوط البحرية السودانية من اجهزة الدولة؟ – الاجابة نعم- وبذلك تكون فتوى المحامي العام ملزمة لاجهزة الدولة. الموضوع يتعلق بمدى مشروعية تدخل المحامي العام في شأن التصرف والتسويات ومن حيث القانون والقرار الصادر من السيد وزير العدل نجد انه يجب ان تتم التسويات التي تكون أجهزة الدولة طرفا بموافقة وزارة العدل ، وفي ذلك لم أجد نصا صريحا يفوض النيابة العامة بإجراء التسويات التي تكون أجهزة الدولة طرفا فيها، وينعقد الفهم عندي أن لا فرق بين التسوية والتصرف حسب تواضع مداركنا. وهنا نهدف لتأكيد مبدئين لبيان مبدأ الفصل بين السلطات والاختصاصات الأول: أن النيابة العامة لها كامل السلطات الاختصاص في المسائل الجنائية، وأن وزارة العدل لها كامل الاختصاص والسلطات فى المسائل المدنية التي تكون أجهزة الدولة طرفا فيها. الثاني: أن من سلطات واختصاصات وزارة العدل الموافقة على إجراء التسويات التى تكون اجهزة الدولة طرفا فيها وإصدار الضوابط التى تنظمها وفقا للوائح، وفى ذلك تكون فتوى السيد المحامى العام ملزمة لأجهزة الدولة. (هذا ما جاء في المادة الرابعة والخامسة من قانون تنظيم وزارة العدل لسنة 2017) نورد ذلك لتبيان وتأكيد الفصل بين السلطات والاختصاصات، ودور وسلطات وزارة العدل في إصدار الفتوى ، وعلى المستوى العام المساهمة فى سن التشريعات والقوانين المتعلقة بمهام الفترة الانتقالية. غاية الأمر والأهم والمستفاد من ذلك السعي والحرص لتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات والاختصاصات والاستقلال لتحقيق:- اولا/ دولة القانون وسيادة حكمه. ثانيا/ تنفيذ وتطبيق القانون والمحاكمات العادلة بكل حياد واستقلال. إجراء الإصلاحات القانونية التي نادت بها الوثيقة الدستورية و مهام الفترة الانتقالية. ونؤكد أن الوثيقة الدستورية ضمنت لجميع سلطات المنظومة العدلية استقلالها كما جاء فى المادة ثلاثون بأن تسند ولاية القضاء للسلطة القضائية وتكون السلطة القضائية مستقلة، وفى المادة واحد وثلاثون المحكمة الدستورية محكمة مستقلة ومنفصلة عن السلطة القضائية، وفي المادة إثنان وثلاثون جهاز النيابة العامة جهاز مستقل يعمل وفق القوانين المنظمة له، وفى قانون تنظيم وزارة العدل لسنة 2017 الذى حدد فى المادة الرابعة اختصاصات الوزارة وسلطاتها ومهامها واختصاص الوزير وسلطاته فى السعى لبسط سيادة حكم القانون وتحقيق العدالة، ودراسة وصياغة مشروعات القوانين ومراجعة القوانين وإصلاحها، والعمل على تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وإصدار الفتاوى القانونية في أي نزاع تكون أجهزة الدولة طرفا فيها، والموافقة على إجراء التسويات فى المسائل المدنية التي تكون أجهزة الدولة طرفا فيها، وحدد القانون فى المادة الخامسة الفتوى الصادرة من المستشار القانوني ملزمة لأجهزة الدولة. ولمنع التضارب والتقاطع والتعارض بين القوانين والوثيقة الدستورية جاء فى مبادئ الوثيقة الدستورية إلغاء القوانين والنصوص المقيدة للحريات، والإصلاح القانوني. وفى سبيل تحقيق العدالة وتطبيق القانون والمحاكمات العادلة أوردت الوثيقة الدستورية فى المادة الثامنة والأربعون المساواة أمام القانون، والمادة الثانية والخمسون كفلت مبدأ المحاكمة العادلة، وأتاحت الحق فى التقاضى فى المادة الثالثة والخمسون. والتزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان والمعاهدات والمواثيق الدولية والإقليمية ووفقا لما نص عليه فى المادة الثانية والأربعون أن كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل حكومة السودان جزء لا يتجزأ من الوثيقة الدستورية. وختاما تبقى لنا ونستنتج أن قيام دولة القانون وسيادة حكم ينعقد على جهود وزارة العدل فى إصدار التشريعات والقوانين وفق منهجية المواءمة والانسجام، وقيام السلطات النيابية بدورها في تقديم الدعاوى الجنائية، وأن تقوم السلطة القضائية والمحكمة الدستورية بكامل الاستقلال وتطبيق وتنفيذ القانون في المحاكمات والمحاسبة ومحاربة الفساد واسترداد الأموال. العدالة يجب أن ترى وهي تطبق، ،،،،، وإن كانت هناك تقاطعات وتضارب في سير عمل السلطات العدلية فإننا أمام حالة، ،،، Such contradictions called for urgent legal review. هذه التناقضات تتطلب مراجعة قانونية عاجلة.