يبدو أن حالة من التوتر غير المُعلن تسود علاقات السودان وروسيا بعد أن أعلنت القوات المسلحة السودانية رسمياً الشروع في مراجعة اتفاقية أبرمها نظام الرئيس المعزول عمر البشير لبناء قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر لصالح الروس، بالمقابل ذكر نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف أن السودان لم ينسحب، مضيفا أعتقد أنه يمكن دائما التوصل إلى حل وسط وأضاف لم يستنكروا الاتفاق ولم يسحبوا توقيعهم. . اكتفوا بالقول إن بعض الأسئلة ظهرت. مراجعة وقال رئيس أركان الجيش السوداني محمد عثمان الحسين، إن الاتفاق على بناء القاعدة البحرية الروسية تم توقيعه في عهد حكومة الرئيس السابق عمر البشير، وأن الزيارة الأخيرة للوفد الروسي كانت عبارة عن محادثات لإعادة النظر في الاتفاقية لتحقق مصالح السودان، موضحاً أن مراجعة الاتفاقية سببه أن بعض بنودها إلى حد ما مضرة بالبلاد، وتابع طالما لم تعرض الاتفاقية على المجلس التشريعي، ولم يتم التصديق عليها فهي غير ملزمة بالنسبة لنا، مؤكداً في الوقت نفسه تعاون بلاده العسكري لن يقتصر، بعد الآن، على روسياوالصين. بالمقابل قال الخبير في المجالات الاستراتيجية الدكتور لواء إسماعيل، أن القوات المسلحة السودانية عمدت لمراجعة الاتفاقية لعدد من الأسباب من بينها أنها جاء تبرعاً من الرئيس المخلوع البشير مجانا إلى الحكومة الروسية حيث إن السودان لم يستفيد منها أي شئ، بالإضافة إلى أن هذه الاتفاقية تمس السيادة السودانية بحسبان فترتها تصل إلى 25 عاما ولا توجد أي ولاية قضائية للحكومة السودانية طيلة هذه الفترة داخل القاعدة الروسية على الأراضي السودانية، كما أنه غير مسموح إطلاقا السماح بالتصديق لإنشاء أي قاعدة لأي دولة أخرى من قبل الحكومة السودانية في إطار التعاون الثنائي، مضيفاً: وقطعاً هذه أمور تمس السيادة السودانية وتعد انتهاكاً صريحة لها. وأشار إسماعيل خلال حديثه ل'' المواكب'' لأن علاقة الخرطوم وواشنطن بعد رفع اسم السودان من لائحة دولة الإرهاب لها تأثير مباشر وواضح على علاقات السودان مع الدول الأخرى خاصة في المجالات العسكرية والأمنية، لافتاً إلى إنشاء المملكة السعودية آلية أمنية لحماية منطقة البحر الأحمر وجعله بحيرة عربية، وتابع لذا لا توجد أي رغبة للأطراف الإقليمية وحلفاءها بوجود نفوذ لدول غير مرغوبة بتواجدها في هذه منطقة الدول المشاطئة للبحر الأحمر. وكان الطرفان الروسي والسوداني أطلقا في مايو 2019 اتفاقية ثنائية حول التعاون العسكري لمدة 7 سنوات، ولم تتحفظ الحكومة السودانية بعد إسقاط نظام البشير على هذه الاتفاقية، ودعا رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان خلال زيارة إلى روسيا في أكتوبر2019 إلى توطيد التعاون بين البلدين. ونفى الخبير الاستراتيجي اللواء أمين إسماعيل، أن يكون التقارب السوداني الأميركي مؤثر على علاقات الخرطوم بكل من موسكو وبكين، مدللاً على ذلك بان السودان له الحق في أن يحدد مصالحه من الجهات التي يريد أن يتعامل معها رغم أنه كان تحت العقوبات الأمريكية وخلالها كانت لديه علاقات جيدة ومتسارعة من كل من روسياوالصين، واصفاً الأمر بالعادي وان موسكو وبكين قد استفدت من السودان خلال تلك الفترة، مشيراً إلى أن الصين تملكت أراضي زراعية واستفدت من مجالات الطاقة والتعدين ولديها ديون ضخمة على السودان، كما أن روسيا استفدت ومن خلال واجهات شركاتها الأمنية بالاستثمار في مجالات اليورانيوم والذهب على الأراضي السودانية. وأوضح أن مستجدات ومتغيرات الأوضاع في السودان عقب الثورة من الطبيعي أن يحدد النظام الجديد مساراته في العلاقات الدولية والإقليمية ومع من يكون التحالف الاستراتيجي وفقاً لمصالح البلاد وشعبها، وأضاف قائلاً السودان يعتبر دولة ضعيفة لذا من الطبيعي أن يتجه نحو الأقوياء وهنا يكون تحديد الخيارات هل أمريكا أو دول الاتحاد الاروربى أو روسيا أم الصين، أو مجموعة كمجموعة متكاملة. الصراع الاستراتيجي الباحث المهتم بالشؤون الاستراتيجية، الدكتور عصام بطران يقول بشأن ل'' المواكب''، بشأن هل السودان يركل الاتفاق كليا ويتجه نحو أمريكا وحلفاءها في المنطقة العربية خاصة الإمارات والسعودية، يقول قبل الدخول في الإجابة ما يهم أولا هو الجانب الروسي الذي أكد أن السلطات السودانية لم تقم رسميا بهذا الشأن إلا أن موسكو اعترفت بوجود خلاف مع السودان حول مصير القاعدة البحرية وطلبت حلا وسطا. . أي أن تصريحات الجانبين الروسي والسوداني تقع في خانة المناورة حتى الآن. وشدد بطران على أنه بالتأكيد البحر الأحمر منطقة صراع استراتيجي يتحكم في الملاحة العالمية وله عمق استراتيجي دولي ولكنه ليس من نصيب العرب فقط بل للأفارقة عدد 3 دول هي: جيبوتي.. أريتريا. . الصومال وعدد الدول الأفريقية العربية دولتان هما السودان ومصر بينما عدد الدول العربية المطلة عليه من جانب الشام وجزيرة العرب 3 دول هي: اليمن. . السعودية. . الأردن بجانب إطلالة ل إسرائيل وهي مصدر الصراع في منطقة العبور البحري داخل الممر الاستراتيجي الهام. . مقابل ذلك تعلو عوامل الشأن العسكري والأمن القومي والاستخباري والتحكم في حركة التجارة الدولية بالإضافة إلى جعلها قواعد استراحات لصيانة السفن والقطع البحرية العابرة. ونصّت اتفاقية إقامة القاعدة العسكرية في بورتسودان على منح روسيا الحق في نشر سفن حربية على ألا تزيد عن 4 سفن في نفس الوقت، وأن يبلغ تعداد الفرقة العسكرية الروسية في القاعدة 300 شخصاً، وأن تكون الاتفاقية سارية لمدة 25 عاماً ويتم تجديدها تلقائياً لفترة 10 سنوات لاحقة، إذا لم يقم أي من الطرفين بإخطار الطرف الآخر كتابياً عبر القنوات الدبلوماسية قبل عام واحد على الأقل من انتهاء الفترة التالية بنيته إنهاء الاتفاقية. يرى المراقبون الاستراتيجيون وفقا لبطران خلال حديثه ل'' المواكب''، أن هنالك أحلاف بدأت تتشكل معالمها بقوة في منطقة البحر الأحمر ولكن من أهمها على الإطلاق في المرحلة القادمة هو تشكل حلف روسي/ تركي/ قطري/ سوداني وحلف آخر أمريكي إسرائيلي/مصري/إماراتي/ سعودي/يمني بينما هناك محور إيراني/يمني، وبالأمس القريب أعلنت إثيوبيا نيتها لإنشاء قاعدة عسكرية أثيوبية في البحر الأحمر على الرغم من أنها دولة مغلقة على البحر الأحمر ويبدو أن تواجدها سيكون عبر طرف ثالث لتسجيل كرت ضغط ضد السودان ومصر حول سد النهضة من جانب الإمارات التي تضع أعينها في منطقة الفشقة المتنازع عليها بين السودان وإثيوبيا. وأضاف قائلا: "في رأيي سيحرك السودان ورقة الاتفاق مع روسيا من أجل المناورة للوصول إلى تفاهمات تمكنه من حلحلة عدد من الملفات الاستراتيجية والاقتصادية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الغربية والمحيط العربي الفاعل في تقديم الحلول الاقتصادية المتعثرة في السودان". وبشأن احتمال نشوب صراع أمريكي روسي في البحر الأحمر بسبب تعطيل السودان لاتفاق قاعدة فلامنجو، يقول بطران إنه لا يتوقع ذلك فالتقاطعات والمصالح الأمريكية الروسية في العالم أكبر من إشعال صراع بين الدولتين حول إقامة قاعدة في البحر الأحمر، وتابع كثير من كروت الضغط تجيد الدولتان استخدامها ضد الأخرى وسبل المقايضات والتسويات بينهما تجعل من تقديم التنازلات أمرا سهلا، مبينا أن هذا خلاف أن منطقة البحر الأحمر تعتمد عليها كلتا الدولتين في مصالحهما الاقتصادية والاستراتيجية حيث الممر إلى قناة السويس وليس من المصلحة لكليهما تعطيل الممر بسبب إنشاء قاعدة في فلامنجو. اللجوء للقانون الفريق حنفي عبد الله المحلل الأمني والاستراتيجي، يرد على سؤال ''المواكب''، بشأن هل السودان الآن يركل الاتفاق كليا ويتجه نحو أمريكا وحلفاءها في المنطقة العربية، أنه وبطبيعة الحال حسب القانون الدولي للاتفاقيات والمعاهدات الخطية يتوقف الأمر وفقا لوضع الاتفاق حول المحطة اللوجستية، إذا كان التوقيع بالأحرف الأولى يمكن بسهولة إعادة النظر، مضيفا: أما إذا كانت قد وقعت واعتمدت عبر المؤسسات الرسمية للحكومات والمجالس التشريعية يمكن أن يتم التعديل ولكن الطرف المتضرر يلجأ للقانون الدولي. ويعتقد عبد الله أن هناك وفقا للتسريبات نقاط ليست في صالح السودان منها ما ذكر بحصر منح الامتياز فقط لروسيا وعدم قيام أي منشأة لدولة أخرى وكذلك نقطة الاستخدام الطويلة 25 سنة وان ليس للسودان سلطة داخل موقع المحطة بمعنى خروجها من السيادة فضلا عن عدم وجود مقابل مادي للإيجار. وكانت وثيقة الاتفاق السوداني الروسي الموقع خلال عهد البشير أشارت إلى أنه يلبي أهداف الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة، وهو دفاعي بطبيعته ولا يستهدف الدول الأخرى، كما منح الاتفاق الجانب الروسي الحق في استيراد وتصدير أي أسلحة وذخيرة ومعدات ومواد وممتلكات أخرى لازمة لتعزيز وحماية القاعدة. هذا ويري الباحث المهتم بالشؤون الاستراتيجية، الدكتور عصام بطران، أن علاقات الخرطوموموسكو على المستويين الدبلوماسي والسياسي خلال المرحلة المقبلة، ستكون وفقا لوضوح معالم السياسة الخارجية في الفترة الانتقالية والتي تميل لصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوربي. وأضاف هذا أمر يتضح بجلاء للمتتبع لمسارات العلاقات الخارجية خلال العامين الماضيين، مستطردا بالقول. ولكن المحور الروسي يمتلك وثائق اتفاقيات ملزمة النفاذ من الحكومة السابقة وللروس علاقات متميزة مع السودان في الجانب العسكري خاصة أن معظم التسليح وقطع الغيار العسكرية خلال العشرين عاما الماضية روسية وصينية الصنع ومن العسير جدا حدوث انتقال سريع في نمط التسليح حتى يتيح للسودان قطع أو انسحاب كلي في علاقته مع روسيا في القريب العاجل. هذا مع النظر إلى تقلبات الشأن السياسي لما بعد الفترة الانتقالية. هذا وأوضح الفريق حنفي عبد الله المحلل الأمني والاستراتيجي، أنه ربما لظروف الحصار الذي كان على السودان اعتقد الأمر فرض على السودان وربما مقابل دعم عسكري أو حماية السودان من أي عدوان وهذا ما برز خلال لقاء البشير مع بوتين والذي ذكر فيه أنه يطلب الحماية من موسكو تجاه التهديد الأمريكي ذلك اللقاء الذي عمدت روسيا أن يكون لايف خلافا لكل الأعراف الدولية التي تحجب مثل هذه اللقاءات وربما أرادت روسيا توصيل رسالة لواشنطن. وتابع عبد الله: "واضح أن تحرك السودان لتفاوض جديد مع روسيا جاء بضغط أمريكي، مشددا على أن السودان يملك وضعا موارد ضخمة جيواستراتيجيا متميزا وعليه تسويقها وفق مصالحه الحيوية". المواكب