لماذا تجد صعوبة في ترك السرير عند الاستيقاظ؟    بعد تأهل صقور الجديان للدور الستة عشر في البطولة الافريقية إبياه: تحررنا من كل الضغوط    والي ولاية غرب كردفان ومدير شرطة الولاية يشهدان تخريج دورة حرب المدن لمنسوبي الشرطة بالولاية    فلومو... أوع تلومو!    لجنة الانضباط توجه انذار نهائي بشطب فريق ام دغينات من كشوفات الاتحاد    إنشاء مطار جديد في الخرطوم    عبده فايد يكتب: تطور تاريخي..السعودية تقصف شحنات أسلحة إماراتية علنًا..    صراع النفوذ في القرن الأفريقي وإنعكاساته السالبة على الإقليم    الأهلي يكتسح الشباب في افتتاح دوري الدرجة الثانية برفاعة    التحالف: نفذنا ضربة جوية استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا    حالة دكتور ناجي: جزاء المعروف سبعة كفوف    سقط قناع "حرب الجنرالين" وانكشف مشروع تفتيت السودان    الفنّانُ الحق هو القادر على التعبيرِ عن ذاتِه بما لا يخرج عن حدود خالقه    الخرطوم .. افتتاح مكتب ترخيص الركشات    الحزب الشيوعي السلطات الأمنية منعتنا من إقامة ندوة احتفالا بذكرى الثورة    السودان..مسيرات في الشمالية والسلطات تكشف تفاصيل المداهمة    رئيس الوزراء يهنئ المنتخب الوطني بفوزه على غينيا الاستوائية في بطولة الأمم الإفريقية    ضمنها طائرة مسيّرة.. ضبط أسلحة ثقيلة ومواد كيميائية خطرة بالشمالية    شاهد بالصورة.. إعلامي مصري معروف يتغزل في تفاعل فتاة سودانية عقب نهاية مباراة صقور الجديان وغينيا: (الله على الجمال بكاء مشجعة سودانية بعد فوز المنتخب السوداني)    المذيعة والصحفية ملاذ ناجي تتلقى التهانئ والتبريكات من نجوم السوشيال ميديا بمناسبة عقد قرانها    رونالدو يرفض الاعتزال قبل الوصول لهذا الرقم    السودان..وزير الشؤون الدينية والأوقاف يصدر قرارات    5 أطعمة تخفف أعراض البرد في الشتاء    رياض محرز يقود الجزائر لتخطي بوركينا فاسو والتأهل لثمن نهائي أمم أفريقيا 2025    الحقيقة.. كرة القدم تجرّنا جرّاً    رئيس الاتحاد السوداني ينعي الناظر طه فكي شيخ    شاهد بالصور.. الرابر "سولجا" يقتحم مران المنتخب الوطني بالمغرب    شاهد بالفيديو.. تحسن أم استقرار أم تدهور؟ خبيرة التاروت المصرية بسنت يوسف تكشف عن مستقبل السودان في العام 2026    الجامعة العربية: اعتراف إسرائيل ب"إقليم أرض الصومال" غير قانوني    الجزيرة .. ضبط 2460 رأس بنقو بقيمة 120 مليون جنيهاً    بنك السودان يدشن نظام الصادر والوارد الإلكتروني عبر منصة بلدنا في خطوة نحو التحول الرقمي    زيادة جديدة في الدولار الجمركي بالسودان    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحول الديمقراطي في السودان درب الآلام و شوق لا ينتهي..
نشر في الراكوبة يوم 08 - 06 - 2021

ثورة ديسمبر في السودان قد قادت الموجة الثانية من مد الربيع العربي حيث لم ينجح في مد الموجة الأولي غير تونس و ما زالت محاطة بصعاب جمة و أبرزها فشل النخب التونسية في التحول الذي يفتح على ازدهار مادي ينعكس في ارتفاع مستوى المعيشة إلا أن كل البارومترات التونسية تؤشر الى اتجاه معاكس للازدهار المادي نتاج مشاريع تنموية تقودها ريادات وطنية مدركة لمعوقات التنمية أما مصر و بعد فشل حكومة الأخوان المسلميين فاذا بالسيسي يلعب دور نابليون مصر كما أوقف نابليون بحروبه مد الثورة الفرنسية فمصر السيسي مقارنة بتونس ما بعد الربيع تسير مع السيسي الى تأسيس نظام حكم تسلطي ليعيد الكرة الى فشل جمال عبد الناصر و زمان الحشود.
و بعد فشل عبد الناصر فقد ورثت الحشود الحركات الاسلامية في مصر و السعودية و السودان منذ مطلع سبيعنيات القرن المنصرم الى لحظة إعلان الصحوات الاسلامية التي قد أورثت العالم العربي و الاسلامي الندم. ربما يكون دور الحبيب بورقيبة في محاولته المتقدمة التي قد اقتربت من العلمانية كثيرا قد أنقذت تونس من أوهام الاسلاميين رغم وجود الغنوشي كمراوغ يحاول أن يلعب بكرت الاسلام السياسي في الزمن الضائع و قد أخر تحول تونس نحو الديمقراطية بسبب الفشل في العشرية الأخيرة بسبب غياب أي برامج اقتصادية تكون بمستوى الطموح السياسي الذي نتج عن نجاح تونس في اشعال موجة الربيع العربي الأولى.
فشل الموجة الأولى بسبب اختطاف الاسلاميين لها و هم في آخر أنفاسهم نتاج زمان الحشود التي ترتكز على العرق و الدين كما فشل عبد الناصر و قد ورثه الاسلاميون بخطاب ديني متخلف يسير بسرعة فائقة نحو الهاوية و قد رأينا كيف سقط أخوان مصر في الهاوية بتجربة أيقن عبرها المصريين بأن الاخوان المسلميين لا علاقة لهم بمفهوم الدولة الحديثة لا من قريب و لا من بعيد إلا أن ثقافة سلطة الأب و ميراث التسلط في مصر قد ساقت الشعب المصري بأن يرضى بالسيسي و هو يقودهم نحو بناء حكم تسلطي من جديد و سيكون الخروج من هاويته بالغ الثمن.
أما ليبيا فقد وقعت فريسة تحت سلاح المليشيات الاسلامية وها هي اليمن تعود الى أيام حكم السلالات في زمن الحوثيين و كلها مؤشرات تدل على أن دولة الارادة الالهية قد ولى زمانها و لا طريق يسوق الى العودة إليها و خاصة أن العالم و مواكب البشرية في مرحلة وداع الدولة الوطنية و تستقبل فكرة الدولة الحقوق فالعالم العربي و الاسلامي يعيش في لحظة تشنج ناتجة من صدمة الحداثة التي لم يشارك في انتاج أفكارها و لا يريد أن يشارك في أفراحها كما يقول داريوش شايغان.
لذلك تجد كثير من المفكرين في العالم العربي و الاسلامي يحلمون بعودة فكرة الدولة الارادة الالهية و هيهات و فشل النخب في ترسيخ فكرة الدولة الحديثة و مفهوم السلطة كظاهرة اجتماعية جعل الخروج من مستنقع وحل الفكر الديني من الصعوبة بمكان فلا تستغرب أن تجد ازدهار أفكار الحركات الاسلامية و النسخ المتحجرة من الايديولوجيات المتحجرة و قد ابتلعت أذكى المثقفين في مجتمعاتنا التقليدية و أوضح مثال عليها حال النخب السودانية. كل ما ذكرناه يجعلنا نوجه مقالنا الى النخب السودانية و نقول لهم أن مسألة التحول الديمقراطي مسألة طويلة و تحتاج لنفس يجيد سباق المسافات الطويلة ها هي تونس بعد عقد من زمان شرارة الموجة الاولى من مد الربيع العربي ترسّخ استقرار سياسي و لكنها تفشل في خلق ازدهار مادي نتاج برامج تنموية تجسر الهوة ما بينها و بين الاقتصاد العالمي.
فما بالكم أيها النخب السودانية و قد سيطرت عليكم أفكار وحل الفكر الديني و لا تريدون مفارقة أحزابها بطرح فكر جديد يفارق بقايا أفكار القرون الوسطى المتجسد في فكر أتباع الحركات الاسلامية و أحزاب الطائفية و النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية فكلها أحزاب مازالت تؤمن باعطاء الحلول النهائية في زمن النسبي و العقلاني فايمان الكيزان و الشيوعيين السودانيين بالمطلق يجعلهم يلتقون في مستوى وعي متدني يمكن رصده في طرح فكرة برنامج اسعافي لحل مشكلة الاقتصاد السوداني و شعار لن يحكمنا البنك الدولي و هو وهم ناتج من عدم ايمانهم بفكرة الدولة الحديثة من الأساس و ايمانهم بفكرة انتهاء الصراع الطبقي و انتهاء التاريخ و هيهات.
و لهذا السبب تجد تطابق أفكار الاسلامي خالد التجاني النور و عثمان ميرغني مع أفكار الشيوعي تاج السر بابو لأنهم جميعا أبناء أحزاب تؤمن بالمطلق و تريد تقديم حلول نهاية و هيهات. ما أريد أن أنبه له النخب السودانية أن نجاح تونس في ترسيخ استقرار سياسي في العشرية الأخيرة ربما يرجع لزمن حقبة ابو رقيبة و طرحه لفكر مفارق لما ساد عندنا من فكر غارق في وحل الفكر الديني و العرق و هو معاكس لفكرة النشؤ و الارتقاء و قد تجاوزت كل من العرق و الدين و نحن في السودان نرى كتب تتحدث عن أهمية القبيلة كما يزعم الطامة الكبرى الشفيع خضر و هو عكس ما ذهب إليه عالم الاجتماع فالح عبد الجبار في فشل الشموليات العربية في ارتكازها على القبائل و العشائر و قد رأينا كيف كان فكر كثير من المفكريين السودانيين عن فكرة الدولة المدنية و محاباتها للاديان في مفارقة بائنة لسير مواكب البشرية.
نكرر بأننا في حوجة لفكر جديد يؤمن بالفكر السياسي الليبرالي بشقيه السياسي و الاقتصادي فكر مفارق لفكر أتباع الايديولوجيات المتحجرة اتباع النسخة المتخشبة و أتباع الحركات الاسلامية و أتباع أحزاب الطائفية فكلها وفقا لعلماء الاجتماع أي أن الشيوعية السودانية و الحركات الاسلامية و أحزاب الطائفية و السلفيين لا تختلف عن الفاشية و النازية و كلها بقايا أفكار القرون الوسطى التي تأبى أن تزول و لا يمكن تجاوزها الا بوعي جديد يؤمن بالفكر الحر بالفكر الليبرالي السياسي و الاقتصادي و حينها يمكننا أن نتحدث عن الديمقراطية و كيفية التحول الديمقراطي و ما معنى فكرة الدولة الحديثة التي تقود التحول الاجتماعي الذي يفتح على التحول الديمقراطي و ما معنى فكرة الاقتصاد و المجتمع في سيره باتجاه التقارب الطبقي و التضامن الطبقي و التصالح الطبقي بعيدا عن أوهام فكرة انتهاء الصراع الطبقي التي يروج لها اأتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية.
و قد أصبح في حيز المؤكد أن أقرب الطرق لانجاز اقتصاد التنمية هو طريق الفكر الليبرالي بعيدا عن أفكار أحزاب الشموليات و الغريب قد فطن لهذه الفكرة في آخر عهده الدكتور منصور خالد في نقده لتجربته و قد وصفها بأنها كانت بسبب اللوثة الفكرية التي قد أصابت أغلب النخب و اعتقادها بأن نظام الحزب الواحد و الفكر الاشتراكي هو الطريق الأقرب الى انجاز التنمية الاقتصادية الا أن النتيجة كانت خيبة أجيال بأكملها و عليه و في ظل ثورة ديسمبر حيث أصبحت أبرز علاماتها أنها تجسد تقدم الشعب و سقوط النخب لأن شعار الثورة حرية سلام و عدالة هو روح معادلة الحرية و العدالة و هي بوصلة الفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الاقتصادي لذلك ننبه النخب السودانية بأن الشعب قد أختار معادلة الحرية و العدالة كشعار للثورة و هو يعكس روح الفكر الليبرالي و لا طريق غير الفكر الليبرالي لتحقيق أهداف الثورة و خاصة بعد أن راجت بعض الأفكار الضالة و المضلة بأن الشعار يمثل فكر الايدولوجية المتحجرة و هيهات.
و عليه فلا يمكن تحقيق شعار الثورة بفكر الأحزاب السياسية الموجودة في الساحة الأن و قد قضت ثلاثة أرباع القرن من الزمن في تكلسها دون أن تصل الى موقع يجعلها تفهم ديناميكية المجتمعات و ظواهرها الاجتماعية و بالتالي اذا أردنا تفادي فشل تونس في تحقيق نجاح و ازدهار مادي علينا بأن نطالب كوادر أحزاب اللجؤ الى الغيب و أحزاب الأيديولوجيات المتحجرة بأن تقدم فكر جديد يتماشى مع روح العصر لأننا في زمن الفكر الليبرالي حيث أصبحت معادلته و فكرة الحرية و العدالة الأفق الذي لا يمكن تجاوزه و قد رأينا أحزاب شيوعية في الغرب و منذ ثلاثينيات القرن المنصرم قد آمنت بنمط الانتاج الرأسمالي و مازال شيوعي النسخة المتخشبة عندنا في فكرة انتهاء الصراع الطبقي و انتهاء التاريخ و هيهات و لافرق بينهم و أحزاب اللجؤ الى الغيب في محاولاتهم البائسة لتقديم حلول نهائية.
العالم اليوم يرتكز على تجربة الانسان و ضمير الوجود و عليه فان النزعة الانسانية هي التي تتيح لنا أن نتمتع بمجد العقلانية و ابداع العقل البشري و لا يكون ذلك بغير مفارقة أحزاب اللجؤ الى الغيب و أحزاب الايديولوجيات المتحجرة. فلا تهتم أيها القارئ الكريم بأن فيها أي أحزابهم فلا ن و لا علان فأنهم في أبهى مقاماتهم مثقفي مجتمعات تقليدية و قد وقفوا كثيرا بالباب لا يريدون ان يدخلوا و لا يتركون من يريد الدخول أن يدخل أنهم عبدة النصوص كما الكتبة و الفريسسين عبدة النصوص حفظة الشريعة قساة القلوب كما وصفهم السيد المسيح.
فأي طرح جديد و أي وثيقة جديدة لا تثبّت نمط الانتاج الرأسمالي و لا تعترف بالفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الاقتصادي أنها بداية مسيرة لتضييع الزمن من جديد كما رأينا أحزابهم و عمرها الآن قد تجاوز ثلاثة أرباع القرن إلا أنها لم تنتج غير نخب قد أدمنت الفشل. و لا يمكننا تحقيق شعار الثورة بغير فكر يؤمن بالفرد و العقل و الحرية بعيدا عن أحزاب الشموليات و أحزاب اللجؤ الى الغيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.