كمال كرار ليسوا حرامية أو سماسرة، ولم يحترفوا اللصوصية يومًا، ولم يأكلوا المال العام لكنهم يأكلون من عرق جبينهم حين تلسعهم الشمس الحارة وهم عل الأرصفة يبحثون عن لقمة العيش مما يبيعونه من سلع وخردوات.. إنهم الفِرِّيشة (بتشديد الراء) وما أدراك ما الفِرِّيشة.. سودانيون متعلمون وغير متعلمين.. ساقتهم الحروب والبطالة والفقر إلى عاصمة تسمى مجازًا الخرطوم.. وفي قلبها تجمع للمواصلات اسمه جاكسون.. ولو كانت الأمور في بلادنا طبيعية لكان هؤلاء في المزارع أو المصانع أو دواوين الحكومة، ولكنهم فريشة بحسب الأمر الواقع.. والفِرِّيشة ليسوا كومة نفايات مهملة، وفيهم الثوار الذين خاضوا غمار المقاومة.. فلماذا إذن تعود الكشة اللعينة في عهد ما بعد الثورة؟ الخميس الماضي هجمت عليهم قوة من البوليس مدججة بالسلاح ترافقها الشاحنات والتاتشرات وأرقامها تشير للدعم السريع.. شحنوهم في الدفارات كما تشحن البهائم ومعهم بضاعتهم وسيقوا إلى جهة غير معلومة.. وهكذا تعود الدولة البوليسية وحكاية المظهر العام والكشات وكأن هؤلاء ليسوا بشرا.. وهذه الكشات تقول بصريح العبارة أن وثيقة الحقوق الموجودة في الوثيقة الدستورية لا مكان لها في الواقع.. والكشة نفسها تعني غياب المنظومة العدلية والقضائية حيث يقبض على الناس دون جريمة ويودعون الحراسات دون تهمة. والكشة نفسها تختار المكشوشين حسب معايير عجيبة.. الفِرِّيشة الذين يعتبرون مناظر مؤذية في عاصمة تعج بالحرامية، هم أشرف من الذين يجوعون الشعب ويخزنون السلع ويخلقون الأزمات.. والكشة هي إرث النظام البائد.. الثورة على الكشة تشمل من يصدرون الأوامر ومن يقننون بهدلة الناس،، ومن يظنون أن العاصمة حكر للبعض وحرام على الآخرين.. ويا أيها الثوار كونوا في الموعد. وأي كوز مالو؟ الميدان