* مقاطعة أخبار وأنشطة العسكر لأجل محدود؛ أقل ما تم الإجماع عليه في الوقفة الإحتجاجية التي نفذها الصحافيون أمس أمام مجلس الصحافة وأمام مجلس الوزراء.. وأرسل الصحافيون رسالة قوية وتحذيرات للعسكر ممن يعولون على العنف والتطاول على الشعب جهلاً منهم بالمآل.. وستستمر وحدة الوسط الصحفي للتصدي لأفعالهم القذرة (سلمياً).. والتنديد بجرائمهم سيكون شغلنا الشاغل؛ ليس تصدياً في ما يخص الصحافيين؛ بل تجاه كافة ما يعانيه الشعب من بغيهم.. الشعب الذي لم ينل من العسكر طوال تاريخهم سوى القتل والأذى والخراب وإرجاع أمة السودان للخلف كلما تلمست خطواتها للأمام.. ومقاطعة أخبارهم كموقف أدنى محترم لا تكفي؛ بل علينا ألا نيأس من عمل ثوري جبّار يرجع العسكر ثكناتهم إلى الأبد؛ بدلاً عن هذا الإستبداد والإستئساد الذي عودناهم عليه ويحللونه لأنفسهم (الموهومة) بالتميز والفوقية على المواطن.. وما يدري هؤلاء بأن فرط الكراهية لهم هو (ما يميزهم) ويجعل الرتب من أعلاها لأدناها مدعاة للتعوذ والاسترخاص! فلماذا أوصلوا الشعب إلى هذا المحك؟! هل هي البلادة لا غير؟! * لم تكن الوقفة الإحتجاجية الجامعة من أجل ما حدث للصحفي علي الدالي فحسب وإن كان سبباً فيها؛ بل كانت أهدافها الأساسية النبيلة من أجل الشعب السوداني كله وهو يشهد تغوّل العسكر في حياتنا.. أما الصحفي الذي تكالب عليه (الجياشة) المنفوخين بالحقد؛ فهو يتحسن الآن مع بعض الآلام في الظهر.. وكل تحايا الإعزاز والتقدير للمرأة السودانية الأصيلة التي حاولت أن تفديه بنفسها وهي تشاهد هجمَة و(همجية) أوباش السفاح برهان على شخص واحد أعزل؛ حتى رمت بنفسها على الضحية وصاحت في العسكر: (أقتلوني معاه)! وربما موقفها البطولي حفظ المجني عليه من موت محقق. * المكان بالقرب من المركز الثقافي الفرنسي بالخرطوم شرق.. كان هنالك احتكاك عادي في الشارع بين سائقين (كالذي يحدث يومياً)؛ وقد شهد المتجمعون ومنهم علي الدالي بأن سائق البوكس غلطان؛ ولأن الأخير كان بصحبته عسكري (عاجباهو روحو) أضمروا للزميل شيئاً.. ومع الأخذ والرد في الكلام طالبهم أحد عساكر الإستخبارات بمغادرة الشارع (مع أنه ليس في منطقة عسكرية ممنوعة) وقال لعلي ورفيقه بلغة الطغيان الآمرة: أمشوا من هنا أو سأخلع لوحات السيارة..! ردّ علي بكل ثقة: تقلعهم بأي قانون.. فعاجله فرد الاستخبارات بالقول: نحن ما عندنا قانون؛ وأكمل جملته بالصياح لأحدهم: أمش جيب السلاح من جوّه.. فقال علي بثبات: ما دام الموضوع فيه سلاح نحن ما متحركين من هنا ولا شبر وإنت ما رجل مرور.. و.. و.. هنيهة وتكاثر عدد (الأعداء) فصاروا (5) لكنهم استعملوا أياديهم العشرة وأرجلهم في الضرب العشوائي.. وعندما عرفوا أنه صحفي إزداد حقدهم وغليانهم؛ فواصلوا (مهرجان العوارة) والعنف؛ حتى أغمى على الزميل.. هذا هو اختصار القصة. * المشهد الذي أدى لهذه البربرية لا يستحق أبداً ما جرى.. لكن لأنهم عسكر (معقدين ممتلئين بأمراض النفوس) ولا صلة لهم بالشعب أو بتراب هذه البلاد كما يبدو؛ يرون أنهم فوق أي مواطن وفوق أي قانون، بالرغم من أنهم يكلفوننا فوق طاقتنا بقوانينهم (الغابية) وبالصلف والضر وتشويه صورة الوطن الكلية.. هذا في العموم.. أما في الخصوص فإن البعض منهم أهل هِمة ومروءة؛ لا يفكرون في العدوان على الناس؛ أو يزهون بالروح الاستفزازية؛ كما يفعل القطيع الأعظم. ورغم أن علي وصاحبه لم يركنوا سيارتهم في منطقة عسكرية؛ ورغم أن ركونهم مؤقت بالثواني؛ وجد العسكر ضالتهم في تنفيس غلّهم؛ وليس في بالهم أي قانون.. فلو فرضنا أن زميلنا أسمعهم سباباً (وهذا ما لم يحدث)؛ فإن كثرتهم كفيلة بالقبض عليه وتسليمه للشرطة من غير هذا (الإسترجال) الفارغ.. فالرجالة ينبغي أن تكون في الحدود المحتلة وليست مع المواطن الأعزل المسالم. * إن القادة من الرتب الكبرى الذين يكررون الإستهبال عند كل حادث بأنه (فردي) لا يختلفون عن الصغار ويعلمون افترائهم بهذا الإدعاء؛ وهم أصل الفوضى الكاكية العارمة.. ولذلك ستظل العقيدة الراسخة لديهم أن المواطن هو العدو والخصم مهما (مشى عِدِل)؛ وربما يطول بنا الزمان لنخرج من هذه الدوامة؛ فالعسكرية في بلادنا لا تشرف سوى الناقصين (هكذا أرادوها)؛ بل تبدو العسكرية حسب الإعتقاد المتخلف وسيلة لإكمال الشخصية؛ لكن بالإنحدار للأسفل..! وإذا لم يتأدب العسكر الكبار قبل الصغار فقد يكون مستقبل بلادنا رهين بحمل السلاح؛ وإغلاق النيابات والمحاكم؛ ليكون قانون الغابة هو السائد أو كما يريد الأوباش؛ فلا يتورع المواطن من أخذ حقه بيده مُجبراً.. وهل من دافع لقانون الغابة أقوى من وجود المجلس العسكري الإجرامي؟! أعوذ بالله [email protected]