محاولة تفكيك النص (2/2) من وجهة نظرنا المتواضعة، وحسب تقييمنا الحر من أي قالب نقدي ترميز فني موّفق أمثلة: دوروثي ما هي إلاّ "لندن المقيتة" وإنجلترا والغرب عموماً، والبطل سامي حميدان راغباً فيها وهي تمانع وترفضه، وما كاجين إلاً شبح دوروثي، أي كافرة وكيلة الغرب في بلاد الإسلام، وما قمر بعينيها السود إلاّ بلاد العروبة والإسلام، مبذولة له، وعقدة الانكسار العاطفي من دوروثي تشوش عليه، كلما عنّ له الاستمتاع بهنّ بكاجين وقمر. "العالم يساوي طفلة اسمها كاجين، في غابر السنين كان اسمها دوروثي" ص. 330 من خلال تبين عراقة مكتبة التحرير لصاحبها عوض في الموصل، وشغف التلميذة النجيبة كاجين بالقراءة والاطلاع، إقرار من الراوي بعلو كعب بلاد الشام في الحضارة والعلم والمعرفة. ربط الإعصار بالدخول في الصلاة، فيه ترميز ذكي إلى ظلامية المذهب الفقي للدواعش. "الأكواب الورقية الفارغة الملطخة بسواد الكوكاكولا" ص. 114. إتهام حصيف من سامي حمدان للغرب بالسوداوية. "الأصولية ليست في الشرق، هي في الغرب أيضاً" ص. 116 في النهاية يبدو أن الشر (السواد) انتصر مؤقتا على الخير (الخضرة)، بتزوج بالبطل من "قمر" بالبدوية ذات العيون السود. رغم أنّه مات مكلوماً ومطعوناً غيلة بطعنه من ذات العيون الخضر كاجين شبح دوروثي. الخلاصة، أنّ الخيرية في الغرب، انتصرت على السوداوية في الشرق، بمقتل معاون الخليفة على يد كاجين السبية اليزيدية، ممثلة الغرب في الشرق. " استرق النظر إلى عينيها السوداوين فاضطربت ثم ابتسمت." ص. 392 "قمر"، "اسم على مسمى. أنت جميلة جداً! سأتزوجك يا ذات العيون السود." ص. 392 العصابة التي احتوته، واحتفت به أيما احتفال، وزوجته ابنتهم قمر، ما هي إلاّ العصابات الجهادية المرابطة في الصحراء العربية، وحُمرة لسان الفتاة قمر، كناية عن الطرح التكفيري الدموي، والنبيذ والخمر، ما هي تأثير الفكر الظلامي السوداوي. تبدو الربكة الفنية في صابئية هذه العصابة، وربما قصد الراوي أنها فرق مسلمة (تقدس السبع وتؤثر الثلاث الأرقام الوحدانية) إلا أنها في نظر البطل زنديقة. " نحروا سبعة جمال وثلاث نياق" ص. 393 الكرم الحاتمي للضيف العابر، دلالة على بدائية العصابة وجاهليتها، والاحتفاء المبالغ به، دلالة على ضياع هذه العصابة وتيهانها والتعويل عليه. رمادية لون اللاندروفرات في ضاحية ألدرشوت بإنجلترا، وكذلك كأولى سيارة يدخل بها الصحراء العربية، قادماً من أفغانستان، متزعماً مجموعته. تعني الضبابية الفكرية. " نعم، تلك كانت أول مرة يدخل فيها الصحراء العربية، كان في سيارة لاندروفر رمادية اللون". ص. 376 الحلم المتكرر برؤية الملك فكتوريا في مخدعها وانتهاك خصوصيتها، ترميز عن تجدد روح الانتقام من لندنوإنجلترا، التي ظلت تراوده بسبب التمييز العرقي والديني ضده. "أحس بالطائر الشرس يفرد جناحيه ويضرب في كبده ويطعن بمنقاره." ص. 429 هذا الطائر الذي تكرر ذكره، يرمز إلى بذرة الشر، ونزعة التشفي والانتقام، وروح الكراهية التي بين جنبيه، والنائم اليقظان بين جوانحه. عدم إتساق اسم البطل سامي حمدان، كيف يسمو وهو القائل السفّاح؟ " يتذكر جيدا أن أخرج لسانه وراح عمدا يلعق من تلك الدماء." ص. 43 القائد الميداني الداعشي، يخلط بين تمجيد خالد بن الوليد وعذراء أورليان والقديس بول وبين هافانا وبغداد؟ رغم ازدواجية مشاربه الثقافية، بعد أن رمى الشوك والسكاكين من مطبخ والدته، وبعد أن رمى قسراً كتاب الملكة فكتوريا، يتوقع انحيازه لرموز البطولة الإسلامية. غالباً لا يجتمع حب الأدب والموسيقى والجنوح للعنف في جوفٍ واحدٍ. "لا ريب أن الشعر والأدب قد ربَّيَا في مكان ما من نفسه القاسية الآن شوقاً للرومانسية يكاد يجنح إلى المحال." ص. 193 مصادفة درامية مباللغة، أن يلتقي وجهاً لوجه بطل الرواية، مع مارتن زوج زميلته " دوروثي" التي رفضته بإهانة لخلفيته العرقية، وفضلت عليه زميل إنجليزي. ص. 141 من المفترض أن تؤول أسلحة مجاهدي داعش لملكية دولة الخلافة، فلا يعقل أن تستخدم كقيمة عينية لاقتناء السبايا التي هنّ كذلك تعتبرنّ متاع الدولة وجزء من رأسمالها. "موقف الرجل من المرأة كحالته بالنسبة إلى اللحم المشوي! كلما كانت الأسنان هرمة كانت بحاجة إلى لحم أكثر طراوة، لحم طفلة، هل تفهمين؟" معاون الخليفة ليس هرماً، وإنما في ريعان شبابه." ص. 330 حيلة فرار كاجين المرة الأولى لا تناسب طفلة عمرها ثلاث عشر ربيعا. ليس مقنعاً أن يعرض معاون الخليفة الخلاص في الدنيا وفي الآخرة للمهمشين في مدن العالم الغربي. كان الأنسب أن يعرض عليهم العدالة الاجتماعية، والرفاهية المعيشية، والاعتبار الذاتي، والتشفي للظلم الاجتماعي والتمييز العرقي والديني. وهي ذات الدوافع التي جندته لتنظيم القاعدة ومن ثم لداعش. "كل مؤمن بنا له الخلاص في الدنيا وفي الآخرة" ص. 432 ليس متسقاً أن يحرص معاون الخليفة ورجاله السفاحين على أداء الصلوات المكتوبة وحتى النوافل في مواقيتها، وهم لا يتورعون عن ارتكاب الكبائر وإتيان الموبقات وجز الرؤوس على وضوءٍ. ذلك "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر". ص. 440 448. يبدو أنّ هذا التناقض قصد به تجريم للفقه الداعشي. ليس متسقاً أن يأكل عمَّار وأبو نورة التيس الجبلي وحدهما ويتجشآ عن شبع ولم يطعما أسرائهما كاجين سبية معاون الخليفة وعمها فراش المدرسة كامل وساعي البريد. ص. 448 ليس مثالياً أن يناجي معاون الخليفة سبيته المفضلة ويديها مقيدتين بالأصفاد داخل زنزانة، حتى إن كانت ترفضه. ص. 474 من المفارقة أنّ يكون ساعي البريد حمدين الذي ظل يرفد أهالي قرى سنجار بالكتب وشعل التنوير، يتخذ قسراً دليلاً للسواد المر لذات الشعاب، وقواداً للخراب والهلاك!. "الحرب صبر واللقاء ثبات والموت في شأن الإله حياة" ص. 426 هذا البيت من قصيدة لشاعر المهدية عبد الله البنا السوداني الجنسية، لا نظن أن معاون الخليفة قد سمع به، وكما لا نظن أن شهرة هذه القصيدة قد تخطت الأسوار لتصل الجاليات العربية في لندن أو المجاهدين في أفغانستان. هنا خلط بين ثقافة الراوي وثقافة معاون الخليفة سامي حمدان وقفات عامة: الحديث التقريري في ص. 19 على لسان الراوي، ويبدو كأنه قناعته الشخصية. يفتخر البطل بانتصارات القاعدة في أفغانستان، وينفر منها، دون أن يوضح متى ولماذا انشق عنها! " كونوا معنا وتجنبوا النصرة والقاعدة والسنة والشيعة" ص. 58 أشد ما يجذب الدواعش لدخول الجنة، المتعة بالحور العين. يصورهم الراوي على أنهم شهوانيين، هذا التصوير يتسق من سبيهم للنساء، خلافاً للجماعات الأصولية الأخرى. "قفز منها رجل مهمل اللحية في جلبابه الأسود بقع طعام ومني وشراب." ص. 135 " دماؤهم ونساؤهم وأموالهم حل لكم إن انتصرتم، وإن استشهدتم فلكم الحور ولكم الجنان" ص. 58، الشيخ وهدان على وهدان متزوج من أربع نساء وهو مقيم في لندن، عراب بطل الرواية سامي حمدان. وكذلك صديقه أكمل الأفغاني صديق سامي حمدان، "نريد النساء سبايا والرجال أمواتاً." ص. 141 ما وراء سطور الرواية، أنّ السواد ليس سواد الراية، أو سوداوية الأفعال ومرارتها فحسب، وإنما ظلامية الأفكار ومحاربة العلم والمعرفة ومنابع التنوير. إشارات ذلك تدمير معالم وآثار الحضارات الإنسانية، حرق مكتبة التحرير في الموصل، إصرار التلميذة كاجين على إخفاء كتاب نهروا في أهلك الظروف عن عيون الدواعش، وقراءة نصوص منها في أشد المواقف. تفضح الرواية سوداوية الدواعش في غزوتها لليزيديين في جبال سنجار، ليس من أجل طرح فكرها عليهم، أو دعوتهم للإسلام الحق من وجهة نظرهم، وإنما من أجل سبي الصبايا الجميلات. "من ضمن تلك الأوامر كان أمر الهجوم على قضاء سنجار واحتلاله وسبي النساء لبيعهن مع أوامر بإعدام الأهالي من الرجال." ص. 95 لخّصت الرواية قبح السودان ومرارته في مشاهد سبي الصبية كاجين وزميلاتها تلميذات مدرسة أستيرا للبنات في جبال سنجار، ومقتل كلبها، ووالديها. الفصل العاشر. لم يتمكن سامي حمدان التخلص من طيف زميلته وحبه الأول "دوروثي" وكأن تلك الانكسار العاطفي، هو المحرك لسوداويته الفكرية، ورغم ادعائه أنه يكره البيض، تمنى يوماً لو كان والديه إنجليزيان عيونيهما خضر. مقارنة بين البطل سامي حمدان، والبطلة كاجين، كليهما وحيد أبويه، ومحبي القراءة والاطلاع، نحيفيّ البنية، واسعا العينين، البطل عينيه سوداوين افتراضا، والبطلة ذات العيون الخضر، والمقارنة بين عامر محمود وجيهان، صديقي البطلين الذين ماتا انتحارا. المرارة ليست في سواد الدواعش فقط، وإنما في ماضي البطل سامي حمدان في لندن. "قسوة الماضي في إنجلترا، الماضي المر." ص. 315 "العالم عندي عينان خضراوان وزغب نامٍ، إن هذا ليعدل حياتي وليفوق كل مجدي … لو أنك تفهمين. هذه عقدة معاون الخليفة، الجميع بين خضرة العنين، وسواد الزغب، هذا يفوقان منصب معاون خليفة المسلمين. "وليفوق كل مجدي". يزداد البطل تعقيداً نفسياً بسبب رفض النساء له، وهو يعتقد أن حده ذكائه، وتفوقه الدراسي، ومنصبه الرفيع، يكفيان للنيل منهم متى وكيف أراد. "أرق يلازمني منذ الصبا بسبب عينين خضراوين وزغب حي" ص. 331 الخاتمة الهزيمة المتوقعة " يبدو مشوشاً ضعيفاً متألماً من تجدد هزيمة غورت من جرح روحه الذي لا يندمل: عينان خضراوان صرعتاه يافعاً والآن تعودان فتفعلان به الشيء نفسه" ص. 433 ليس مثالثاً أن تقتل سبية رجلاً مهيباً وهي ضعيفة البنية، مصفدة اليدين، داخل زنزانة لم تقتل ً شيئاً من قبل في حياتها. مشهد ختامي ضعيف، وغير مقتنع. رغم مباشرة العنوان للمضمون، نرى أنّ العنوان المناسب لمحتوى الرواية، هو (سواد الكراهية) سيما وقد تكرر ذكر الكراهية مراراً، سيما في الفصل الأخير. ص. 476، ومن أمثلة التركيز على الكراهية: "إنهم يكرهوننا"، "ونحن نكرههم"، «مقالة نقد طموح لكنها تنضح بالكراهية وتفيض بالحقد !» ص. 61، " كانوا يُطلقون عليه: صائد العيون الخضراء، كان يكره تلك العيون أشد الكره، ويمقتها أشد المقت." ص. 69، "من لم يكره الكفار فهو كافر" ص. 168، "«حد السكين يجعلهم يشعرون بمدى كرهكم لهم، يا أولاد إن لم نكره الأعداء فلن نحب أنفسنا" ص. 232. [email protected]