أثار طلب السودان من أمريكا تنظيم حفل توقيع للتطبيع مع إسرائيل جدلاً واسعاً، سيما أن عملية التطبيع لم يتم التوافق عليها من الشعب السوداني وذلك بعد أن رهن رئيس الوزارء عبدالله حمدوك الموافقة عليها بقيام المجلس التشريعي وما سيقرره، ليبقى السؤال كيف لحكومة السودان أن تقدم طلباً للإحتفال بإتفاقية أبراهام المختصة بالسلام مع عدد من الدول العربية (البحرين والإمارات والمغرب)؟؟ ما هي الأسباب التي دعت السودان إلى ذلك وما الذي يدور داخل أروقة الإدارة الأمريكية؟ إسرائيل لا تكذب يبدو أن ثمة إشارة خضراء منحت لإسرائيل للمضي في عملية التطبيع. ففي الأسبوع الفائت كشف وزير الخارجية الإسرائيلي عن ترتيبات لإتفاقيات مع السودان، وقبل أن تمر أيام عن تصريحاته تلك، خرج موقع (جوش سايت) الإسرائيلي بخبر مفاده طلب السودان لواشنطن بتنظيم إحتفال التوقيع على التطبيع، بالولاياتالمتحدةالأمريكية، الأمر الذي أثار علامات استفهام واسعة. وبحسب مصدر ل (الانتباهة) فإن إسرائيل بكل مؤسساتها لا تتحدث عن فراغ. وطبقاً للمصدر فأن السودان يخطو في التطبيع عقب فشل المكون المدني في تشكيل المجلس التشريعي. ويرى مراقبون أن الشق العسكري في الحكومة يخطو مع رئيس الوزراء بخطىً حثيثة في إكمال الملف المرهون بذريعة تباطوء تشكيل البرلمان. لكن وفي مقابل ذلك يستبعد السفير الرشيد أبو شامة ، فى إفادة ل(الإنتباهة) أن تمضى خطوات التطبيع إلى أرض الواقع في ظل غياب المجلس التشريعي الذي ربما يطول لجهة أن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بحسب إفادته. ويقول أبو شامة أن حمدوك أبلغ وزير الخارجية الأمريكي نفسه بأن قرار التطبيع ستتم إجازته بواسطة التشريعي ، منوهاً في ذات الوقت إلى أن الشعب السوداني منقسم فيما يتعلق بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مع وجود معارضين للتطبيع وبالتالي هناك حالة إنتظار للمجلس التشريعي لحل المسألة والشاهد أنه عند إعلان الحكومة الانتقالية تطبيع العلاقات مع إسرائيل في أكتوبر الماضي لم تقبله بعض القوى السياسية حيث أعلنت رفضها القاطع للتطبيع، بينها أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم. وفى أبريل الماضي صادق مجلسا السيادة والوزراء على مشروع يلغي قانون مقاطعة إسرائيل القائم منذ عام 1953. دعاية سياسية وقبل عدة أشهر وقع السودان وإسرائيل إتفاقية لتعزيز التعاون الاستراتيجي شملت المجالات الأمنية والاستخباراتية وحفظ الاستقرار وذكر أنها تمهد الطريق لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة، خلال زيارة إمتدت لساعات قام بها وزير شؤون المخابرات في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيلي كوهن إلى الخرطوم. لكن السفير أبو شامة يعلق على ذلك مؤكداً أنه و رغم تلك الزيارات والإتفاقيات فأن الأمر مرهون للمجلس التشريعي، وقلل في ذات الوقت من ما نقله موقع (جوش سايت) الإسرائيلي، بمطالبة السودان للولايات المتحدة بتنظيم حفل توقيع للتطبيع مع إسرائيل، منوهاً إلى أن تصريحات الإعلام الإسرائيلي كثيراً ما يكون المقصود منها الدعاية السياسية ولا يمكن إعتمادها مالم يتم تأكيدها من الخرطوم. وعلى غرار حديث أبوشامة يذهب كثيرون إلى أن الإعلام إسرائيلي لا يكذب، وقد بدأ ذلك واضحاً عندما أخفت الخرطوم لقاء البرهان مع نتنياهو في مدينة عنتيبي الأوغندية في مطلع فبراير العام الماضي، والذي أثار جدلاً كثيفاً، فقبل أن تحط طائرة البرهان مطار الخرطوم، كان نبأ اللقاء إنتشر إنتشاراً واسعاً، وتضاربت حوله الإدعاءات والأقوال. وما بين معقد ويحتاج للنقاش وأمره بيد المجلس التشريعي الإنتقالي، تتجنب الحكومة الإنتقالية التوجه المعلن للمكون العسكري نحو التطبيع رسمياً وفق إتفاق وتوقيع مع إسرائيل، وتتلافى بالتأكيد عقبات كثيرة تحيط بالملف منها واقعية التطبيع وفوائده الدبلوماسية والسياسية والإقتصادية، وفق ما بدأ به دبلوماسي سابق التعليق ل (الإنتباهة) حول طلب السودان التحضير لإحتفال التوقيع في البيت الأبيض. عكس ذلك، يتجه مهتمون بالشؤون الدولية والعلاقات إلى أن الخرطوم لم تبد حماساً بائناً وحقيقياً للعلاقة مع إسرائيل، لجهة تفسيرات عديدة منها أن مقابلة البرهان لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو كانت من أجل تثبيت إنفتاح السودان و(ملفات أخرى أقرب ما تكون لتأمين صفقات تطبيع مع دول عربية جرت مؤخراً)، وليس رغبةً منه في التطبيع، خاصةً مع الأحاديث التي راجت آنذاك بعدم علم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وهو ما تم نفيه وتأكيد علمه. مثار خلاف ويقر دبلوماسي بوزارة الخارجية ل(الإنتباهة) بأن خطوة التطبيع في حد ذاتها مثار خلافات داخل الوزارة من ناحية الآراء بين السفراء أنفسهم، إذ يعتقد البعض أن مُضي السودان في الخطوة دون ترتيبات (دبلوماسية محددة لا يعود بفائدة للسودان)، بينما يقابل بعض السفراء الأمر، بحماس عال ويعتبره خطوةً مهمةً لبناء علاقات السودان الجديدة بعد (30) عاماً من العزلة، لكن آراء أخرى تنصب في خانات مختلفة متعلقة من ناحية عدم إهتمام إدارة الرئيس بايدن بصفقات وملف التطبيع الذي خاضته الإدارة السابقة بقيادة ترامب، وإنشغلاتها الحالية بملف أفغانستان. دبلوماسي مخضرم، عمل في عدد من إدارات الوزارة، استبعد أن يكون السودان قد طلب من الولاياتالمتحدة ذاك التحضير لجهة أن التعامل يتم عبر قنوات دبلوماسية معروفة منها طلب السفير أو القائم بالأعمال وإبلاغه بالطلب والرغبة، لكن في الوقت نفسه لم يستبعد أيضاً أن يكون الإبلاغ نفسه قد تم عبر قناة أخرى مثل الإتصال المباشر بالمسؤولين في الإدارة الأمريكية من قبل شخصيات كبيرة في الدولة- رفض تحديدها