أمن مجلس الوزراء في جلسته الطارئة رقم (3) يوم أمس برئاسة د. عبدالله حمدوك رئيس الوزراء ببند واحد فقط وهو الأزمة الراهنة بالبلاد. واستعرض المجلس الوضع الراهن بالبلاد ووتيرة الأحداث المتسارعة خلال عامين من عمر الانتقالية من خلال نقاش بناء وشفاف. وأكد المجلس حرصه التام على معالجة الأزمة السياسية الراهنة من منطلق مسؤوليته الوطنية والتاريخية. كما أمن مجلس الوزراء على أهمية الحوار بين جميع أطراف الأزمة الحالية، سواء بين مكونات الحرية والتغيير، أو بين مكونات الحرية والتغيير والمكون العسكري بمجلس السيادة الانتقالي، ولذلك الهدف فقد تقرر تشكيل ''خلية أزمة'' مشتركة من جميع الأطراف لمعالجة الأوضاع الحالية، والالتزام بالتوافق العاجل على حلول عملية تستهدف تحصين وحماية واستقرار ونجاح التحول المدني الديمقراطي والمحافظة على المكتبسات التاريخية لشعبنا في تعميق قيم الحرية والسلام والعدالة. وشدد المجلس على أهمية أن تنأى جميع الأطراف عن التصعيد والتصعيد المضاد، وأن يعلي الجميع للمصلحة العليا لمواطني السودان وشعبه. هذه الخلية (خلية الأزمة) وجدت الكثير من الاهتمام من قبل القوى السياسية المتابعة لهذه الجلسة باهتمام كبير، في انتظار ما ستقدمه من جهد وحلول لهذه الأزمة الشائكة التي ضربت أكبر تحالف سياسي يشهده السودان الآونة الأخيرة. خلية الأزمة الاجتماع الطارئ لمجلس الوزراء جاء والبلاد تمر بظروف سياسية غاية التعقيد بعد أن استمرت الخلافات تعشعش داخل مكونات الحرية والتغيير المختلفة في كيفية إدارة الحكم في البلاد. ويرى الدكتور السر محمد علي أستاذ العلوم السياسية بالجامعات أن واحدة من الأسباب التي قد تساعد خلية الأزمة في تقريب وجهات النظر هو الخطر الكبير المحدق بالفترة الانتقالية والذي إذا ما استمر في نموه فإن الانتقالية ستنقلب وبالاً عليهم جميعاً لجهة أن الشعب السوداني لا يحب التكرار بعد أن تعلم كثيراً من تجارب السنين الماضية وما نتج من تجارب الديمقراطية الثالثة تحديداً التي شهدت خلافات متعاظمة حتى أودت بهلاك الحكومة قبل أن تكتمل فترتها القانونية بانقلاب الإنقاذ. وقال السر ل(اليوم التالي): الآن الشارع السوداني كله يترقب هذا الاجتماع المهم وما سيلفظه من حلول قد يتفق معها البعض وقد لا تنال اتفاق الآخرين، لكن من الملاحظ وفقاً للسر فإن أزمة الشرق لم تنل حظها من هذا الاجتماع رغم عظمة ما أحدثته من خسائر وكان السر يرى أنه كان لابد من أن تجد تلك الأزمة نصيباً أكبر لأنها جزء أصيل من صراعات الحرية والتغيير وإن لم تكن واقعة تحت ذلك المسمى لكنها استطاعت أن تخلخل النسيج السياسي الداخلي لهذه القوى. اعتصام القصر د. مصطفى حسين الاستراتيجي والقيادي بقوى الحرية والتغيير يقول إن الدعوة لتكوين جسم خلية الأزمة أتت في وقتها لكنه يرى أن الأزمة استفحلت بصورة أكبر مما كانت عليه وإن هذه الدعوة تأخرت كثيراً وكان يجب أن تتم قبل أن تتدحرج كرة الأزمة لتصل بوابة القصر الجمهوري حيث الاعتصام الراهن. وقال ل(اليوم التالي): إذا لم تنجح هذه الخلية في إيقاف المواكب الهادرة الاستنكارية للوضع وتفرق اعتصام القصر دون رجعة سلمياً فإن الأزمة الراهنة ستظل موجودة رغم الروح التفاعلية التي ظهرت خلال الاجتماع الكبير للوزراء يوم أمس. وأكد أن الأزمة الحقيقية هي أزمة الحاضنة السياسية ما يجعلها أزمة محاصصات أكثر من كونها أزمة وطن مشيراً إلى أن الشعب السوداني الآن ينظر بعين فاحصة لكل هذه المجريات وإنه قد حدد عدوه تماماً من خلال ما جرى خلال الأيام الماضية بيد أنه اتفق مع من تحدث بأن تفاقم الأزمة وتطاول أمدها كان من الأسباب الجوهرية أمام تداعيات هذه الصراعات التي تشهدها الفترة الديمقراطية الانتقالية الراهنة. وجزم مصطفى بأن الأزمة لن تدم كثيراً لأن كل السياسيين في الحرية والتغيير قلبهم على البلد وأن الخلافيين فيهم قليلون وقد يعودون لجادتهم في أقرب وقت ممكن. حكومة تكنوقراط لكن الدكتور حسن محمود الخبير والمحلل السياسي على حد قوله أنه غير متفائل بهذه الخلية التي تم تكوينها لجهة أن الأوان قد فات عليها وأن الأجسام المطلبية داخل المكونات السياسية قد بدأت تبلور أشيائها على الفترة السياسية القادمة عقب الحل الذي يرتجونه. وقال إن نجاحها يعتمد على علاقة رئيس الوزراء بهذه المجموعة من المعترضين على الوضع السياسي منوهاً إلى أن ذلك يعتمد على هذا العامل في إن كانت كل القوى السياسية لا تنتمي لحزب بعينه أو طريقة واحدة وإنما هم مختلفون ويتفقون حول كيفية السلطة التي يجب أن تدار بها الفترة الانتقالية. مؤكداً وبهذا يمكن أن نتوقع أن لا تنجح هذه المبادرة لجهة إعلان حمدوك عدم حياديته في خطابه السابق مرجحاً كفة طرف على الآخر. وقال إن حظوظ هذه الخلية تنخفض في النجاح. وفي نفس الوقت يرى د. مصطفى أن السانحة ما زالت مواتية ويمكن أن تعطى فرصة إضافية لها لجهة أن الوقت ضيق والزمن يمضي وليس في صالح الشعب وقد ينعكس مردود ذلك سلباً على معاش الناس بتفاقم هذه الأزمة. حل جذري وجدد د. حسن محمود الدعوة لحل الأزمة بالاعتماد على نهج مختلف من هذه الجزيئيات بتكوين حكومة انتقالية قومية من شخصيات محايدة ليس لديها انتماء سياسي وليست طرفاً في الصراع بالحرية والتغيير أو النظام المباد منوهاً الى أن الشخصيات المختارة تكون لها قوميتها مفعمة بالخبرة والحنكة والقبولية مثل هذه اللجنة تتوفر لها حظوظ النجاح أكثر من مبادرة يتقدم بها رئيس الوزراء الذي يعتبر جزء من الأزمة، موضحاً أن هنالك عدم يقين في إمكانية نجاح الحكومة الراهنة ولا بد من التوافق لحكم الفترة الانتقالية أو التغيير الكامل لها بمنطوق كفاءاتي وليس محاصصاتي. ولفت الى أن الأزمة قومية متعددة الجوانب ومتراكمة، مقترحاً أن الحل لابد أن يكون جذرياً وليس تكوين لجنة لتسكين آلام الناس. اليوم التالي