في الأيام التي تلت الانقلاب العسكري في السودان، أصبح مشهدا مألوفا في الخرطوم ومدن أخرى. وفي منزل أو مكتب، تصل فجأة قافلة من المركبات المزدحمة بالرجال المسلحين الذين يرتدون عادة ملابس مدنية من استخبارات الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية سيئة السمعة لإلقاء القبض عليهم. وهذه هي آخر الأخبار التي لديهم عن المحتجزين، بعد أن تم تجميعهم، وأحيانا ضربهم وغطاء رؤوسهم. وفي غضون أسبوع بالكاد، أٌعتقل عشرات الأفراد الذين اختارهم الجيش للاحتجاز، أو الذين تحدثوا ضد الانقلاب، بمن فيهم وزراء وصحفيون، فضلا عن نشطاء في "لجان المقاومة" شاركوا في تنظيم احتجاجات في الشوارع. وتأتي موجة الاعتقالات في الوقت الذي يواجه فيه الانقلاب أول اختبار كبير له يوم الجمعة، وهو تاريخيا أحد أكبر أيام الاحتجاجات في الشوارع في الخرطوم ومدن سودانية أخرى. وكان من بين الذين تم تخصيصهم للاعتقال في الموجة الأولى ياسر عرمان، المستشار السياسي لرئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، المحتجز الآن تحت حراسة "أمنية مشددة" في منزله بعد احتجازه في منزل عبد الفتاح البرهان، الجنرال الذي يقود الانقلاب. وقد اقتيد عرمان من منزله في الساعات الاولى من صباح اليوم الاثنين في عملية التمشيط نفسها التي اعتقل فيها حمدوك ووزراء اخرون قبل ساعات قليلة من الاعلان رسميا عن الانقلاب. "لقد تم اقتيادهم حفاة وأقنعتهم على وجوههم. أخونا الأصغر غير الشقيق كان في زيارة إلى ياسر عرمان وهو ليس سياسيا حتى. لقد اخذوه هو وبعض أوراق ياسر". كما استهدفت موجة الاعتقالات الصحفيين، ومن بينهم الحاج وراق رئيس مجلس إدارة صحيفة الديمقراطي يوم الخميس من منزله في الخرطوم. واعتقل فايز السليك، وهو صحفي آخر ومستشار سابق في مكتب حمدوك، بعد أن أجرى مقابلة مع قناة الجزيرة. قالت زوجته: "أخذوه من مكاتب الجزيرة". وخلال المقابلة، أدان الانقلاب. واضاف "اعتقد انهم ارادوا منه ان يقول شيئا لإرضائهم لكنه رفض القيام بذلك. وقالت: "لم أتمكن من التحدث إليه، لكنني أعتقد أنه اقتيد إلى أحد سجون قوات الدعم السريع". "أنا قلقة جدا عليه. وهو يعاني من الربو ومشاكل أخرى في التنفس. لم تسنح له الفرصة لأخذ أدويته معه". وفي حين أطلق سراح بعض الصحفيين المعتقلين الذين تم القبض عليهم من مكاتبهم في وقت لاحق، لا يزال كثيرون آخرون في عداد المفقودين. وقد تعقد العثور على أخبار أولئك الذين تم ضبطهم بسبب انقطاع الإنترنت والاتصالات الذي فرضه برهان، ظاهريا "لمنع خطاب الكراهية والعنصرية". كما لا تزال المكاتب الحكومية مغلقة. ماهر أبو الجوخ ووفقا للجنة حماية الصحفيين، كان ماهر أبوالجوخ، مدير العديد من البرامج الإخبارية والسياسية على القنوات التلفزيونية الحكومية السودانية، واحدا آخر من المقبوض عليهم من منزله، حيث وصفت لجنة حماية الصحفيين مكان وجوده وسبب اعتقاله بأنه غير معروف. وصفت عائلات بعض السياسيين الذين اعتقلوا العنف والتهديد بالعنف أثناء الاعتقالات، بما في ذلك اعتقال صديق الصادق المهدي، وهو من قادة الحرية والتغيير، وشخصية بارزة في حزب الأمة، فقد اقتيد "صديق" من منزله مع حراسه بعد تعرضه للضرب. قالت زينب الصادق، شقيقته: "نحن قلقون عليه، ولا نعرف كيف عومل ولا من أخذه أو مكانه. نعرف فقط أن بعض المسلحين الذين يرتدون ملابس مدنية دخلوا ووضعوا أسلحتهم على رأس سائقه قبل أن يدخلوا منزله".