تزداد الضغوط على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، لإعادة السلطة في البلاد إلى المدنيين وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وسط دعوات إلى "تظاهرة مليونية"، الأحد، وأنباء عن اتفاق قريب بين المكون العسكري والقوى المدنية. ومنذ 25 أكتوبر، تنظم احتجاجات ضد الجيش تطالب بعودة السلطة المدنية، وخصوصا في العاصمة الخرطوم وتقمعها قوات الأمن. ودانت الولاياتالمتحدة والاتحاد الإفريقي حملة القمع الدامية ضد المحتجين، ودعوا قادة السودان إلى عدم "الاستخدام المفرط للقوة". وكان البرهان، قاد انقلابا في 25 أكتوبر خلال مرحلة انتقال هشة في السودان، وقد اعتقل معظم المدنيين في السلطة وأنهى الاتحاد الذي شكله المدنيون والعسكريون وأعلن حالة الطوارئ وأطاح بالحكومة التي كان يرأسها عبدالله حمدوك. ومارست القوى الغربية وعلى رأسها واشنطن ضغوطا على البرهان للتراجع عن قرارته، وشملت الضغوط تجميد مساعدات أميركية للسودان، وتعليق الاتحاد الإفريقي لعضوية السودان. ويعول السودانيون الرافضون للانقلاب وللحكم العسكري على النزول للشارع وعلى ضغط المجمتع الدولي باتجاه إعادة الحكم المدني. فريد زين، المحلل السياسي السوداني، المقيم في الولاياتالمتحدة، قال في رد على استفسارات "الحرة" إن "البرهان، وصل إلى طريق مسدود". وأضاف أنه لا مخرج أمامه من الأزمة الحالية "سوى بتسليم السلطة للمدنيين، وإعادة رئيس الوزراء، عبدالله حمدوك لمكانه الطبيعي". ويرى زين أنه على "المجتمع الدولي أن يتحد في موقف واحد، وممارسة الضغوط المالية والسياسة على نظام البرهان". وأشار إلى أنه يجب دعم جهود الشعب داخل السودان، ومحاسبة المسؤولين عما يحصل للمتظاهرين من قمع وقتل، وفرض عقوبات دولية عليهم. من جهته، رأى عبدالوهاب سعد، من حزب المؤتمر الشعبي السوداني، أن "على المجتمع الدولي تقديم خطوط عريضة وحلول على المستوى الكلي لأزمة السودان". وأضاف في تصريحات للحرة أن "معضلة المجتمع الدولي خوضه في تفاصيل الأزمة، حيث يربط عملية الانتقال الديمقراطي بأشخاص محددين، رغم أن المطلوب منه دعم عملية الانتقال الديمقراطي التي تقوم على مأسسة العمل بغض النظر عن الشخوص القائمين عليها". وأشار سعد إلى أن دعم المجتمع الدولي مطلوب بشكل كبير بطرح الحلول من دون تقديم أسماء، ودعم تشكيل حكومة مدنية في البلاد. ويرى أنه من "السذاجة السياسية المطالبة بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 25، خاصة وأنها امتازت بشيء من التأزيم، ولكن الواقع يفرض علينا الالتفات إلى ما وصلنا إليه، من أجل المضي في عملية الانتقال الديمقراطي. دعوة لفرض عقوبات دولية الناشط السياسي السوداني، المقيم في الولاياتالمتحدة، أيمن تابر، طالب في حديث لموقع "الحرة" بضرورة "تدخل المجتمع الدولي، أكان دولا أو منظمات دولية بالتدخل لوقف ما يحدث في السودان من قتل وقمع للمتظاهرين". ودعا إلى "فرض عقوبات دولية على قادة الانقلاب العسكري والمسؤولين عن قمع التظاهرات السلمية". وأضاف "أن ما يواجهه المجتمع السوداني يتطلب إسقاط القادة العسكريين المسؤولين عن قمع التظاهرات، والتي ستثبط من عملية الانتقال الديمقراطي". وأكد تابر أن الشعب السوداني يطالب بحكومة مدنية بالكامل، والعودة إلى ما قبل 25 أكتوبر مع ضرورة تحييد المجلس العسكري عن التدخل في الأمور السياسية. ودعا المجتمع الدولي للضغط باتجاه إعلان حكومية مدنية لتسيير الأمور في البلاد، وليس الحديث عن شراكة مع العسكر. رفض حكم العسكر وتظاهر مئات في مدينة الخرطوم بحري شمال شرق العاصمة، السبت، ووضعوا حواجز على طرق وأضرموا النار في إطارات مطاط. وهتف المتظاهرون بشعارات ضد الحكم العسكري. وشهد الأربعاء 17 نوفمبر سقوط أكبر عدد من القتلى بلغ 16 شخصا معظمهم في ضاحية شمال الخرطوم التي يربطها جسر بالعاصمة السودانية، حسب نقابة الأطباء المؤيدة للديمقراطية. وبذلك يرتفع عدد القتلى منذ بدء التظاهرات في 25 أكتوبر إلى أربعين معظمهم من المتظاهرين. وتؤكد الشرطة أنها لا تفتح النار على المتظاهرين وتبلغ حصيلتها وفاة واحدة فقط وثلاثين جريحا في صفوف المحتجين بسبب الغاز المسيل للدموع، في مقابل إصابة 89 شرطيا. وأعلنت السلطات السبت أنه سيتم فتح تحقيق في حوادث القتل. وفي تغريدة على تويتر، دعا تجمع المهنيين السودانيين الذي لعب دورا محوريا خلال الانتفاضة التي أدت الى اسقاط عمر البشير في أبريل 2019، إلى مجموعة من التجمعات طوال الأسبوع من بينها تظاهرة "مليونية" حاشدة الأحد. إدانة أميركية وإفريقية وطالب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، ب"محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات بما في ذلك الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين السلميين". وأضاف "قبل التظاهرات المقبلة، ندعو السلطات السودانية إلى ضبط النفس والسماح بالتظاهرات السلمية". من جهته، قال الاتحاد الإفريقي الذي علق عضوية السودان بعد الانقلاب، في بيان السبت إنه "يدين بأشد العبارات" العنف الذي وقع الأربعاء. وطالب موسى فكي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي السلطات ب"إعادة النظام الدستوري والانتقال الديمقراطي"، في إشارة إلى اتفاق تقاسم السلطة المبرم بين المدنيين والعسكريين في 2019. ودعت لجنة حماية الصحفيين إلى إطلاق سراح الصحفيين الذين احتجزوا أثناء تغطية التظاهرات بمن فيهم علي فرساب الذي قالت أنه تعرض للضرب كما أطلقت عليه النيران واحتجز من قبل قوات الأمن الاربعاء. ويؤكد البرهان الذي قاد الانقلاب على شركائه المدنيين أنه لم يفعل سوى "تصحيح مسار الثورة". وللسودان تاريخ طويل من الانقلابات العسكرية وقد تمتع بفترات نادرة فقط من الحكم الديموقراطي منذ استقلاله عام 1956. وشكل البرهان مجلس سيادة انتقاليا جديدا استبعد منه أربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير، واحتفظ بمنصبه رئيسا للمجلس، وهو ما لقي رفضا من الشارع والقوى الدولية. كما احتفظ الفريق أول محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب تجاوزات إبان الحرب في إقليم دارفور خلال عهد البشير وأثناء الانتفاضة ضد البشير، بموقعه نائبا لرئيس المجلس.