التقى وزير الخارجية المصري.. رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يؤكد عمق العلاقات السودانية المصرية    الدعم السريع تحتجز (7) أسر قرب بابنوسة بتهمة انتماء ذويهم إلى الجيش    الهلال يفتتح الجولة الأولى لابطال افريقيا بروندا ويختتم الثانيه بالكونغو    نزار العقيلي: (كلام عجيب يا دبيب)    البرهان يؤكد حرص السودان على الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع برنامج الغذاء العالمي    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    ميسي: لا أريد أن أكون عبئا على الأرجنتين.. وأشتاق للعودة إلى برشلونة    رونالدو: أنا سعودي وأحب وجودي هنا    مسؤول مصري يحط رحاله في بورتسودان    "فينيسيوس جونيور خط أحمر".. ريال مدريد يُحذر تشابي ألونسو    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    عثمان ميرغني يكتب: إيقاف الحرب.. الآن..    مستشار رئيس الوزراء السوداني يفجّر المفاجأة الكبرى    مان سيتي يجتاز ليفربول    التحرير الشنداوي يواصل إعداده المكثف للموسم الجديد    دار العوضة والكفاح يتعادلان سلبيا في دوري الاولي بارقو    كلهم حلا و أبولولو..!!    السودان لا يركع .. والعدالة قادمة    شاهد.. إبراهيم الميرغني ينشر صورة لزوجته تسابيح خاطر من زيارتها للفاشر ويتغزل فيها:(إمرأة قوية وصادقة ومصادمة ولوحدها هزمت كل جيوشهم)    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق التحول الانتقالي الديمقراطي : معالجة الأزمة السياسية الراهنة 2022م
نشر في الراكوبة يوم 16 - 01 - 2022


د. المكاشفي عثمان دفع الله محمد
تحقيق التحول الانتقالي الديمقراطي : معالجة الأزمة السياسية الراهنة 2022م
مساهمة وطنية من الدكتور / المكاشفي عثمان دفع الله محمد
دكتوراه الإدارة والتخطيط التربوي
لاشك أن الأزمة السياسية الراهنة 2022م التي تضرب البلاد واستقرار وأمان الوطن وشعبه ، ليس لها مثيل في تاريخ السودان .
وقد قرأت وحضرت كثيرا من البرامج التي تناقشها في القنوات الفضائية السودانية والقنوات العالمية مثل قناة الجزيرة ، البي بي سي ، الحدث ، القناة الروسية العربية ، الحرة وغيرها ، وأجريت مناقشات واستمعت لنقاشات مع من حولي من السودانيين وهم من مستويات عمرية وانتماءات سياسية مختلفة وقد لخصت أغلب ما يرونه كتمثيل لأغلبية صامتة من الشعب السوداني مشفقة مما يجري بالبلاد وسألخص بحيادية ما تم ، ولا يعني هذا اتفاقي تماما مع ما ورد من آراء ولكن تطبيقا لقيمة الحرية وهي أحدى شعارات ثورة الشعب ، وكذلك احترام الرأي والرأي الأخر .
وفي البداية أقول لا ، وألف لا لانفراد العسكر بالحكم ، ولا ، وألف لا لانفراد قلة من الأحزاب بالسلطة ، لابد من توافق وطني شامل وواسع لإكمال التحول الديمقراطي ، وتسليم السلطة حاليا لحكومة تكنوقراط مستقلين غير حزبيين يكملون الفترة الانتقالية بحيادية ونزاهة ، وإجراء الانتخابات ليختار الشعب من يحكمه وينصرف العسكر لثكناتهم، وتنصرف الأحزاب غير الفائزة لدعم الديمقراطية وانجاحها ، وللعمل والإنتاج لنهضة السودان .
أسباب الأزمة : تلخصت الآراء فيما يلي :
الأسباب الداخلية للأزمة :
1- عدم وضوح الرؤية بعد نجاح الثورة ، وعدم وجود برنامج وطني متوافق عليه بين غالبية القوى السياسية والثورية لسلامة المرحلة الانتقالية .
2- بعض القوى وغالبها أيدلوجية يسارية علمانية ( الشيوعي والبعث والناصري والمؤتمر السوداني والجمهوري والتجمع الاتحادي المتعلمن إلخ …) وتحالفها مع حزب الأمة ، المرحلي التكتيكي للاستقواء به نظير مجاراته العلمانية والتخلي عن نهج صحوته الإسلامية قفزت هذه القوى وسرقت الثورة وهمشت أكثرية من قاموا بالثورة من غالبية الشعب السوداني ، وادعت انها الوصي الوحيد والذي يجب أن تكون له السلطة والقرارات .
3- المسارعة للتحالف مع العسكريين الذين انحازوا للشعب السوداني ، وكان لهم الدور الأكبر في حسم انهاء فترة حكم البشير ، وفق وثيقة دستورية بها الكثير من الأخطاء والثغرات ، مما أدى لخلل واضطراب الفترة الانتقالية واضعاف التحول الديمقراطي وللفشل المستمر لهذه القوى السياسية والمكون العسكري على حد سواء
وكان الافضل دعوة القوى السياسية عدا الحزب الحاكم السابق (المؤتمر الوطني) الذي تم تغييره وكتابة وثيقة دستورية وطنية بتوافق واسع ثم انشاء برلمان من كل هذه القوى والشباب المستقلين وترك مقاعد للحركات المسلحة لحين توقيعها على السلام وتحولها لأحزاب سياسية مسجلة تؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ، وهذا سيوجد قاعدة شعبية عريضة لا تجعل سبيلا للعسكر ولا لقلة من القوى السياسية للانفراد بالحكم الانتقالي .
4- ضعف الأداء الحكومي وفشله في تقديم برنامج تنفيذي ناجح وواضح يصلح البلاد والعباد ، يرأسه رئيس وزراء السيد / عبد الله حمدوك ، ضعيف ومتردد وغير حر في اتخاذ قرارت سليمة لتحكم قوى اليسار المتطرفة فيها وفي اختيار شخصيات للمناصب وفق محاصصات سياسية سيئة لم تقدم شيئا للوطن ، وتأثير املاءات خارجية أجنبيه عليه .
وهذا يعني تقديم المصالح الحزبية الضيقة على المصلحة العليا للوطن ، ترتب على ذلك تأجيج التنافر بين المكونات السياسية ، والعبء الكبير على الشعب في اقتصاده ومعيشته بطريقة لم يعاني الشعب السوداني مثلها منذ الاستقلال لابد أن نخسر جميعا مصالحنا الذاتية والحزبية الضيقة ليكسب الوطن ، ومن يتقدم للقيادة يتحمل ويضحي ويكون عادلا بين كل السودانيين وقدوة حسنة ولا يتعامل كناشط ومراهق سياسي .
5- طول أمد الفترة الانتقالية الحالية خطأ كبير لم يستصحب التجارب السياسية السابقة المجربة المتعارف عليها بالسودان أدى للخلل الكبير الذي نشهده حاليا ، ويرجع السبب أن بعض القوى السياسية أرادت التشفي والانتقام وتمكين عضويتها و برامجها و تعصبها الأيدولوجي العلماني وفرضه على الشعب السوداني قهرا بممارسة الديكتاتورية المدنية بدون مؤسسات وبدون تفويض انتخابي شعبي وخروج عن مهام المرحلة الانتقالية وأقصت حتى بعض القوى من داخلها مما أدى لنشوء قحت 2 الميثاق الوطني ضد قحت 1 المجلس المركزي ، ونشوء تحالفات جديدة تنازعها في الساحة وتمرد كثير من شباب الثورة ووقوفهم مستقلين ضد القوى السياسية ، ويتم توجيه الانتقاد للمكون العسكري كذلك في هرولته للتطبيع مع الكيان الصهيوني دون إرادة شعبيه وليس من مهام الفترة الانتقالية ، ودخول العسكر والحكومة الانتقالية في محاور إقليمية أو دولية ، وكان الأوفق ان تكون الفترة سنة واحدة بحكومة تكنوقراط مستقلين غير حزبيين لتسيير الأعمال وتوفير الخدمات ويتبعها ستة أشهر أخرى لإجراء الانتخابات الحرة النزيهة ويختار الشعب بحرية من يحكمه ويسلم له الحكم بهذا التفويض الشعبي وينصرف العسكر نهائيا لأعمالهم دون تدخل في المهام التنفيذية وتنصرف الأحزاب لدعم الفترة الديمقراطية وانجاحها والعمل على تطور السودان.
6- الاستبداد السياسي والديكتاتورية المدنية للحكومة الانتقالية وسعيها الدائم للجمع بين السلطات الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) بما يخالف الدستور والقانون وكل المواثيق المحلية والدولية لانتهاكه لقيم المدنية والديمقراطية والحريات والعدالة وخرقه لحقوق الانسان وللحكومة الرشيدة وتجلى ذلك في :
– عدم تشكيل مؤسسات الفترة الانتقالية (المجلس التشريعي الانتقالي المؤقت ، المحكمة الدستورية ، مفوضية الدستور ، مفوضية الانتخابات إلخ….)
– تكوين لجنة إزالة التمكين التي جمعت بين السلطات الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) بما لا تفعله أعتى ديكتاتورية في العالم بغرض الانتقام السياسي دون مسوغ قانوني صحيح ، وبالفعل قامت اللجنة والحكومة الانتقالية ومؤيدي قحت ببث خطاب الكراهية وتوجيه الإعلام وتسميم كل وسائط التواصل الاجتماعي والتمييز بين المواطنين السودانيين على أساس ديني أو سياسي واضطهادهم المتاجرة بشعارات الثورة (حرية ، سلام وعدالة) ، وتوجيه التهمة وتشريع القرارات واصدار حكم مسبق بالإدانة دون إجراءات قانونية أو إتاحة الفرصة للمتهم للدفاع عن نفسه وهذا حق التقاضي الطبيعي ثم تنفيذ قرارات الفصل التعسفي ومصادرة الأموال والممتلكات والسجن دون محاكمة وتجديد الحبس استمر لأكثر من سنتين إلى الآن حتى مات بعضهم في السجن ، ومرض الآخرون ، وحرم البعض من أبسط حقوقهم الإنسانية والعائلية ، وفي حق العلاج أو حتى الحضور بحراسة وضمان لمواراة أقرب أقاربهم الثرى آبائهم وامهاتهم إلخ .. ، وتحمل حكومة قحت وزر هذه المخالفات ، ومنسوبيها هذه الانتهاكات وعند مناقشتهم وتذكيرهم بشعارات ثورة الشعب (حرية سلام وعدالة) يقولون لك أن هذه مثل بعض ممارسات النظام السابق ونحن نفعل كما فعلوا ، وكأن الشعب السوداني لم يخرج بثورته بسبب مثل هذا الأخطاء فكيف يرفض نفس الظلم والخطأ من حكومة البشير ويقبل نفس الظلم والخطأ من حكومة قحت ، كما أنهم لا يقبلون النقد المنطقي البناء لأخطائهم في حق الوطن والشعب ويرمون كل من ينشد تصويبهم لإصلاح الحال انه كوز وغيرها من التشبيهات ، وقد نصحهم الكثيرون أن الاجراء القانوني يكون مع من أخطأ وتجنب الإساءة لقاعدة الإسلاميين الذي انتقدوا كثيرا من تصرفات حكومة البشير بل وانقسموا لعدة أحزاب بسبب ذلك ، وذكروا لهم مقولة أتركوا الإسلاميين ما تركوكم ، ولكنهم فجروا في الخصومة ، مما أدى لتراكم أخطاء قحت وسقوطها في النهاية ، فهذا فساد غير مقبول وانحراف بالثورة .
وكان الحل الصحيح هو تكوين مفوضية لمكافحة الفساد تستلم القوانين والتشريعات من السلطة التشريعية ثم تبدأ بتحويل المتهمين مع أدلة كافية من النيابة العامة للقضاء مع حق الدفاع عن أنفسهم ثم يصدر القضاء بكل نزاهة حكمة مع حق الاستئناف ثم تنفيذ حكم القضاء عليهم ، والعدالة والقانون فوق الجميع .
– التوقيع دون تفويض شعبي على اتفاقيات مصيرية مثل : الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية التي لم تنضم إليها دول ديمقراطية عريقة مثل أمريكا وغيرها ، كما وقعت حكومة الجالية العلمانية بالسودان على اتفاقية سيداو التي تنتهك حقوق كل السودانيين في خصوصياتهم وتؤدي لتفكيك أسرهم وتنشر الفساد بالمجتمع وضد أصالة السودانيين مسلمين وغير مسلمين ، وقد عارضت سيداو كثير من الدول ، وأبدت تحفظها بسبب تعديها على قيم مجتمعاتها .
– قيام رئيس الوزراء / حمدوك بتعيين مستشارة للنوع والسعي لتمكين الشواذ ، بل وتخصيص جزء من المركز العام لجمعية القرآن الكريم بالعاصمة لهم وهذا منتهى الاستفزاز لمشاعر الشعب السوداني ، ونقول إذا بليتم فاستتروا .
7- السلام أولوية لاستقرار السودان بعد الثورة ، والحركات المسلحة في غالبها استجابت ووقعت اتفاقية سلام جوبا ، وكان الواجب على الحكومة تنفيذ الاتفاقية ببدء تطبيق بند الترتيبات الأمنية ودمج الحركات في القوات المسلحة في الاقاليم المعنية لحفظ الاستقرار والنظام وحل مشكلة النازحين واعادتهم إلى مناطقهم بمعينات الحياة والإنتاج ، ثم تسريح المتبقي بتعويض مناسب يبدأ به حياته ، وتنفيذ برامج تدريب ودراسة للأنظمة والقوانين العسكرية السودانية للمدمجين بالأجهزة العسكرية .
ومن الأخطاء في سلام جوبا توقيع اتفاقيات لمسارات شمال وشرق وغيره ، أدى هذا لكثير من المشاكل مع الحكومة وأثر على استقرار الوطن كما حدث لمسار الشرق وخلافات حول مسار الشمال ، كان الأحرى وضع خطة بعد اتفاقية سلام جوبا لمؤتمر دستوري يجمع كل القوى السودانية بما فيهم الإسلاميين غير المؤتمر الوطني ووضع أسس لنظام الحكم وسير الدولة وخطوات الانتقال الديمقراطي ينتهي بالانتخابات 2023 م بنهاية مدة الفترة الانتقالية دون زيادة أو نقصان ، رغم ذلك امتنع المتمردان الشيوعيان عبد الواحد نور وعبد العزيز الحلو عن السلام والمشاركة في التطور المدني الديمقراطي ويرى البعض أن قرارهما مرهون لداعميهم الأجانب، أو أنهما روافد للحزب الشيوعي يستخدمهما كأدوات في الصراع السياسي لإحراز مكاسب له ولبقية اليسار والعلمانيين حيث أن الديمقراطية والانتخابات وحرية الشعب في تصويته لم تأت لليسار بمكاسب انتخابية تذكر منذ استقلال السودان وحتى الآن بسبب غرابة تعصبهم الأيديولوجي ومصادمتهم لثوابت الشعب السوداني .
والحل يكمن في التزام الحزب الشيوعي واليسار والعلمانيين والحركات المسلحة وكل القوى السياسية باحترام ثوابت الشعب السوداني ودعم التحول المدني الديمقراطي واحترام الانتخابات ونتائجها والتداول السلمي للسلطة .
8- انفراد العسكر بالتطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني بزعم تخفيف الضغط (الدولي) الأمريكي والأوربي المتحامل على السودان وجلب الدعم المالي والسياسي لهم ، قابله رئيس الوزراء المنصرف / عبد الله حمدوك بالانفراد بأرسال خطاب إلى الأمم المتحدة سرا بوضع السودان تحت الوصاية الأجنبية وفق البند السادس ببعثة يونيتامس وهذين التصرفين العسكري والمدني ليسا من مهام حكومة الفترة الانتقالية ، بل من اختصاص حكومة ديمقراطية منتخبة بتفويض شعبي .
8- اضطراب الوعي لدى فئة الشباب وقود الثورة وهم أغلبية الشهداء والجرحى والمتضررين فعندما خرجوا في بداية الثورة وضحوا لم يكن لديهم الوعي الكافي لتنظيم أنفسهم في كيان حديث منظم ومستقل يحمل آمالهم وبرنامج لسودان حديث ينهضون به فمكرت بهم بعض الأحزاب واستغلتهم بسرقة الثورة والقفز إلى سدة الحكم بالتحالف مع العسكر وابعادهم مع بقية القوى بدلا من المشاركة الواسعة وقيادة البلاد بحكومة تكنوقراط مستقلين تسير دولاب الدولة وتوجد مؤسسات وأنظمة التحول الديمقراطي وتجري الانتخابات ويكون حولها توافق وطني كبير وبذلك يعبر الوطن والشعب الفترة الانتقالية دون مخاطر ومهددات ، ولكن أبت حكومة قحت 1 ، هذا النهج السليم بسبب التعصب الأيدولوجي ، وطمع السلطة الذي ودر ما جمع بحسب المثل السوداني ، فتصدت لها قوى من داخلها قحت 2 ، و أسقطتها بالتحالف مع العسكر ، وانضمام متحالفين آخرين ، مع توقيع رئيس الوزراء اتفاق مع العسكر بسبب ضيقه من إعاقة أعماله وسير الدولة من قحت وعدم وجود برنامج لديها وتدخلها وفرضها لشخصيات تستوزرهم دون كفاءة ، مع مخالفتها لقيم الثورة والانقلاب على التحول الديمقراطي حيث صرح د.حمدوك علنا عندما تم سؤاله لماذا لم تقوموا بأي إجراءات للتجهيز للانتخابات بنهاية الفترة الانتقالية ذكر أن قوى الحرية والتغيير تريد أن تمتد المرحلة الانتقالية لعشر سنوات !!!؟؟؟؟!! هل يعقل هذا ؟ ممن يزعمون حرصهم على الثورة والديمقراطية والتحول الديمقراطي .
وعندما تم اخراجهم من السلطة بسبب فشلهم في إدارة الدولة وسبهم وشتمهم المستمر لمؤسسات الجيش والشرطة والأمن بما لا يليق ويشكل تهديد لوجود الوطن ، واستقوائهم بقوى إمبريالية دولية والتعامل والتواصل معها لمصالحهم الحزبية الضيقة والتشبث بكراسي الحكم ، ظلوا بممارساتهم الهائجة يهددون استقرار البلاد .
9-الاستمرار في استنزافهم طاقات الشباب باسم استمرار الثورة ليعودوا على دمائهم وفوق تضحياتهم للحكم ، دفع الشباب للخروج للتظاهر باستمرار وتخريب الشوارع وتحطيمها لإقامة المتاريس وتعويق حركة مرور أفراد الشعب والسيارات وتعطيل العمل والإنتاج والتعليم واستنزاف موارد الدولة والشعب في استعداد مستمر لقوات الشرطة وغيرها لحفظ البلاد ومنع انهيار الدولة وانفراط الأمن ، والتحريض المستمر ضد المؤسسة العسكرية لحلها واحلال المليشيات المسلحة الشيوعية كالحركة الشعبية وكتائب حنين البعثية وغيرها مما يعلم ومما لا يعلم ، ودونك تصريحات قيادي شيوعي بأنهم يمكن أن يستعينوا بمليشيات عبدالعزيز الحلو في الصراع مع العسكر ، كما ثبت في المظاهرات الأخيرة تدخل جزئي لبعض مليشيات المتمرد الشيوعي عبد الواحد نور ، وتم اختراق شباب الثورة ذوي الأهداف الوطنية النبيلة والحلم الجميل ببناء ونهضة الوطن ، والانحراف بهم بتحريض هذه الأحزاب ، والاستمرار في مظاهرات عبثية مستمرة تستنزف الوطن وشعبه وموارده وجأر المواطنون والأغلبية الصامتة بالشكوى من تعطل أعمالهم وحياتهم ، حيث أن المظاهرات السلمية والتعبير حق مكفول ويمكن أن نستفيد مما هو موجود من تنظيم التظاهر في الدول الأخرى حيث يكون بالنظام والقانون باستخراج ترخيص يحدد الجهة صاحبة الدعوة للتظاهر وما المسارات التي ستسلكها وشرط حفاظها على السلمية وتجنبها العنف اللفظي والإساءة واستخدام القوة تجاه الآخرين مثل الحجارة والملتوف الحارق والتخريب وتجنب المظاهر الأخلاقية السالبة من المتظاهرين والمتظاهرات ، كما اخترق الحزب الشيوعي واليسار قواعد شباب الثورة وسيطر عليها فقد أبرزت صحيفة الميدان الشيوعية الرسمية أنها تعمل في البناء القاعدي لقواعدها لجان المقاومة على امتداد السودان ، فتكون هذه اللجان ليست قومية مستقلة ولا يمكن الوثوق بها لوحدها في الشأن الوطني العام بل لابد من توافق سوداني واسع وقوي ، مما أدخل البلاد في الحالة السيئة الماثلة الآن برفض الحوار وكل المبادرات الوطنية الداخلية الحادبة على اصلاح الحال ، للوصول لتوافق وطني واسع وشامل ينتهي بانتخابات ديمقراطية بنهاية الفترة الانتقالية دون زيادة أو نقصان ويستلم من اختارهم الشعب مسؤولية الحكم وينصرف العسكر لثكناتهم وأعمالهم نهائيا ، وتذهب بقية القوى التي لم تفز لمساندة الفترة الديمقراطية وانجاحها ، هذا التعصب والرفض أدى لتدخل أجنبي له أجندته الخاصة من الأمم المتحدة وغيرها و بالتجربة كان تدخلهم فاشلا في دول مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن ، وما زال طرح مبادرة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي جاريا حاليا ، حيث أن وضع السودان لا يحتمل المغامرة السياسية وعناد بعض الأحزاب والقوى عبر استغلالها البشع للثورة وشباب الثورة ودفعهم للتصادم فيستشهد بعضهم ويجرح آخرون ويتم تبادل الاتهامات من فعل بهم هذا هل هو الجيش والشرطة أم الدعم السريع ، كما أن الشرطة فقدت شهداء قتلهم المتظاهرون وحرقوا اقسام الشرطة وسياراتها ورموهم بالحجارة والملوتوف الحارق وأخرهم العميد شرطة الشهيد علي بريمة حماد الذي طعن بالسكين بين المتظاهرين ونترحم على جميع الشهداء من الطرفين وهذا خسارة للوطن ، أم أن هناك طرف ثالث من داخل المتظاهرين يقتل بمسدس كاتم صوت بزعمهم أنه لابد من الدماء لتأجيج الثورة ودفع الشباب لمزيد من التصعيد مهما كانت الكلفة عالية عليهم وعلى القوات الرسمية ومعيشة الشعب أو تدخل القوى الدولية ، ولكن هذا الأمر في رأي يحتاج إلى تحقيق شفاف ومحاسبة إن صح للأفراد والأحزاب التي يثبت قيامها بذلك ، وبعضهم يقول أن هناك طرف رابع ربما بعض الحركات المسلحة أوعملاء لاستخبارات أجنبية يرتكبون مثل هذا الإجرام لجر البلاد نحو الفوضى الخلاقة !!! والحرب الأهلية لتفكيك السودان .
والحل ترك المعادلات الصفرية والعناد والاستبداد بالرأي ومحاولة فرضه على مكونات الشعب السوداني المدنية والعسكرية ولابد من الانخراط في حوار داخلي وطني شامل لإكمال المؤسسات الانتقالية والإعداد للانتخابات الديمقراطية المفضية للدولة المدنية .
الأسباب الخارجية للأزمة:
1- التدخل الأجنبي في الشأن السوداني لأجندة إمبريالية ومصالح الدول المتدخلة وخداع المجتمع الدولي لحكومة الثورة الانتقالية بوعود الدعم السياسي والاقتصادي وعقد عدد من المؤتمرات ما بين الأمم المتحدة ، وفرنسا وألمانيا وغيرها ووعود عدد من الدول بإعفاء الديون أو جزء منها أو تقديم دعم مالي يحقق الاستقرار الاقتصادي للسودان وشعبه ولم يتم شيء ملموس بل فتات لا يغني شيئا .
2- الدور الأمريكي الظالم كان ضد السودان وشعبه باستمرار في كل فترات الحكم (العسكرية والانتقالية والمدنية الديمقراطية) مجرد كلام وتصريحات واضعاف للبلاد ، فمثلا بابتزاز رفع اسم البلاد من قائمة الإرهاب الأمريكية ورفع العقوبات الاقتصادية التي استمرت أكثر من (27) سنة طلب ترامب دفع مبلغ مالي رغم علمه بمرور السودان بوضع مالي حرج فارتكب حمدوك وحكومة قحت خطأ جسيما بجمع النقود السودانية وشراء الدولار من السوق السوداني وغيره مما رفع التضخم وانهارت العملة الوطنية لمبلغ ضخم يفوق (320) مليون دولار ، وتم رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية ، ولم يتحسن الوضع ، وتم خداع الحكومة الانتقالية بتنفيذ روشتة صندوق النقد الدولي ورفع الدعم ورفع سعر الدولار الجمركي فتحولت حياة الشعب لجحيم ، وحمدوك وحكومته يتقاضون مرتباتهم بالعملة الأجنبية وينعمون بالامتيازات المحلية مكذبين شعارات حكومتهم في الرخاء والتنمية .
3-انحياز قحت وحكومتها الانتقالية بمكونيها العسكري والمدني لمحور إقليمي معين تحارب معه وتسالم معه آملة أن يقدم الدعم الاقتصادي الكبير الذي يحفظ لهم استقرارهم في الحكم ولكن جاءت المعونات والودائع ضعيفة مع المساومة بمطالب وأجندة ومصالح لزيادة هذا الدعم واستمراره مثل : التطبيع أو تسليم بعض الموانئ ، أوالسيطرة على الفشقة المحررة واستثمارها لصالحهم ، ودعوتهم لارتكاب انتهاكات للقضاء على الإسلاميين والذين تركوا الحكومة الانتقالية يتفرجون على اخفاقتها.
4- دعم خارجي اجنبي لبعض الشخصيات والأحزاب سياسيا وماليا وإعلاميا ، ومحاولة فرضها لأنها ستحقق أجندتهم في فرض العلمانية على غالبية الشعب السوداني المسلم الذي يحترم حقوق أقليته ويكفل تنفيذها ويعتبر قمة في التعايش السلمي ، عبر هؤلاء الوكلاء وكل هذا باسم الثورة واستغلال شباب الثورة .
خاتمة : الحل توافق في إطار كبير لكل الشعب والقوى مدنية وعسكرية وقبول مبدأ الحوار ووضع أسس متينة بقلب وعقل مفتوح والتسامي والترفع لأجل الوطن وشعبه الصابر انطلاقا من موجهات الإسلام والقيم السودانية في التسامح والتعاون والإخلاص للوطن ، واستلهام منارات إفريقية مضيئة في التسامح والانطلاق نحو المستقبل مثل : المناضل الرئيس نلسون مانديلا ، ورواندا الفتية فكل من يعمل للتوافق على برنامج وطني واحد هو مستقبل السودان واستقراره وتقدمه والله الموفق .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.