لا تزال الأزمة بين موسكو وكييف تشهد مزيدا من التطورات والتصعيد، إذ بدأت روسيا خفض وجودها الدبلوماسي في أوكرانيا بالإضافة إلى إطلاق مناورات بحرية جديدة في البحر الأسود، بينما حضت كييف مواطنيها على التحلي بالهدوء وسط تحذيرات متصاعدة من غزو محتمل في بلادهم. وقالت روسيا إنها باشرت خفض وجودها الدبلوماسي في أوكرانيا، مؤكدة، السبت، أنها تخشى "استفزازات" من جانب السلطات الأوكرانية أو "بلد آخر". وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في بيان "خوفا من استفزازات محتملة من نظام كييف أو دول أخرى، قررنا بالفعل ترشيد الطواقم في بعثات روسية في أوكرانيا". وفي المقابل حضت أوكرانيا مواطنيها على التحلي بالهدوء وعدم الاستسلام للهلع في وجه المخاوف المتزايدة من أن تكون روسيا تستعد لغزو جارتها. ويأتي هذا النداء غداة دعوة الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الأوروبية، مواطنيها إلى مغادرة أوكرانيا فورا بسبب تزايد التهديد بحصول هجوم روسي كبير يستهدف الجمهورية السوفياتية السابقة. وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان "في هذه المرحلة من المهم للغاية التحلي بالهدوء وتعزيز البلاد داخليا وتجنب التصرفات التي تزعزع استقرار الوضع وتزرع الذعر". والجمعة زادت واشنطن المخاوف من أن روسيا يمكن أن تشن هجوما "في أي يوم اعتبارا من الآن"، بينما تكهنت بعض وسائل الإعلام أن يبدأ التوغل بعد وقت قصير على إنهاء المستشار الألماني أولاف شولتس محادثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الثلاثاء. وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية إن "القوات المسلحة لبلادها "تراقب الوضع باستمرار وهي مستعدة للتصدي لأي تعد على وحدة أراضيها وسيادتها". وأضافت "الدبلوماسيون الأوكرانيون على اتصال دائم مع جميع الشركاء الرئيسيين، ويتلقون بسرعة المعلومات اللازمة لإعداد رد في الوقت المناسب". مناورات في البحر الأسود وعلى الصعيد الميداني، بدأت روسيا السبت مناورات بحرية جديدة في البحر الأسود منددة بال"هستيريا" الأميركية بعدما أعلنت واشنطن خشيتها من غزو روسي وشيك لأوكرانيا. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية صباح السبت "أبحرت أكثر من 30 سفينة من أسطول البحر الأسود من سيفاستوبول ونوفوروسيسك بحسب خطة المناورات". وأوضحت الوزارة أن "هدف المناورة هو الدفاع عن الواجهة البحرية لشبه جزيرة القرم وقواعد قوات أسطول البحر الأسود بالإضافة إلى القطاع الاقتصادي في البلاد من تهديدات عسكرية محتملة". ونددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، مساء الجمعة، بتصريحات واشنطن التي تفيد بأن غزوًا روسيًا محتملا لأوكرانيا بات وشيكا. وقالت على تطبيق تيليغرام "إن هستيريا البيت الأبيض واضحة أكثر من أي وقت مضى. إن الأميركيين بحاجة إلى حرب. بأي ثمن. الاستفزازات والمعلومات المضللة والتهديدات هي الطريقة المفضّلة لحلّ المشاكل الخاصة". واستنكر السفير الروسي لدى الولاياتالمتحدة التصريحات الأميركية، مؤكّدًا أن روسيا "لن تهاجم أحدًا". "مؤشرات مقلقة" وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد أعلن أنه سيتحدّث مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، السبت، في محاولة أخيرة لتجنّب غزو روسي محتمل لأوكرانيا. وقال بلينكن في مؤتمر صحافي عقده على هامش زيارته لجزر فيجي، "لا نزال نرى مؤشرات مقلقة جدا إلى تصعيد روسي بما في ذلك وصول قوات جديدة إلى الحدود مع أوكرانيا". وأضاف: "إذا كانت روسيا مهتمة حقا بحل هذه الأزمة التي هي من صنعتها، من خلال الدبلوماسية والحوار، فنحن على استعداد للقيام بذلك"، مردفا: "لكن يجب أن يحدث ذلك في سياق خفض التصعيد. حتى الآن لم نشهد سوى تصعيد من موسكو". وحشدت روسيا في الأشهر الأخيرة عشرات آلاف الجنود عند الحدود الأوكرانية ما أثار مخاوف من غزوها لهذا البلد الأمر الذي تنفيه موسكو التي تطالب بضمانات أمنية بما فيها عدم قبول حلف شمال الأطلسي بانضمام أوكرانيا إليه. وفي يناير، أعلنت روسيا عن مناورات بحرية شاملة للشهر نفسه ولشهرفبراير في المحيط الأطلسي والقطب الشمالي والمحيط الهادئ والبحر الأبيض المتوسط، ولكن أيضًا في "المياه والبحار المتاخمة للأراضي الروسية". وذكّرت وزارة الدفاع "سيُشارك في المناورات أكثر من 140 سفينة حربية وسفينة دعم وأكثر من 60 طائرة وألف قطعة من المعدّات العسكرية ونحو 10 آلاف جندي". وتصاعد التوتر في البحر الأسود في السنوات الأخيرة حيث اتهمت موسكوأوكرانيا والغرب بتهديد أمنها قبالة شبه جزيرة القرم. وفي يونيو 2021، أطلق الأسطول الروسي طلقات تحذيرية لمدمرة بريطانية. وكذلك تجري روسيا حاليًا مناورات على الجهوزية القتالية في بيلاروس عند حدود الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا.