كشفت تقارير مسربة عن تعليمات صارمة من الحكومة المصرية للاعلام المصري بعدم التعاطي مع قضية تروس الشمال والخطاب الاستفزازي الذي ظل اعلاميون مصريون يمارسونه ضد التروس ومطالب سكان الشمال بحقوقهم، بيد أن القاهرة تسعى بكل قوة لانهاء هذه المشكلة، وبعد أنباء عن لقاء جمع وزير المالية، جبريل إبراهيم، ووزير النقل المصري الفريق كامل الوزير ومعالي الأمين العام للجامعة العربية د.أحمد أبو الغيط، على هامش الاسبوع العربي للتنمية المستدامة، أصدرت الحكومة السودانية قراراً بمراجعة تعرفة الكهرباء للمشاريع الزراعية الى ما بعد الموسم الشتوي، ما يوحي بأن ضغطاً مورس على الخرطوم لحل قضية الشمال، بيد أن الموقف المصري الداعم لقرارات الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي يلقي بظلال سالبة على خطاب الشارع الثوري السوداني الذي ظل يطالب بمقاطعة كل أشكال التعاون مع الحكومة المصرية، الأمر الذي يدعو الى التساؤل عن مصير العلاقة بين الخرطوموالقاهرة اذا قدر ذهاب المجلس العسكري عن السلطة؟! ولم يستبعد د.علي يوسف الخبير الدبلوماسي أن تكون قضية التروس في قائمة اجندته في النقاش مع المسؤولين السودانيين ، وقال علي ل "الحراك" إن الوفد ربما أتى لبحث التطورات في قضية تروس الشمال التي ظلت واحدة من القضايا الرئيسية في صوالين السياسة والإعلام ، ويجزم يوسف أن العلاقة بين الدولتين لم تتأثر بقضية التروس بيد أن هناك جهات تعمل على توسيع الشقة بين الشعبين بالنشر الضار في وسائل التواصل الاجتماعي ، والدعوات لمعاداة مصر في ظل تداولات وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في ظل الدعم الشعبي للمتاريس وشعاراتها .. واكد يوسف أن العلاقة بين الجارتين متوازنة ، ورفض يوسف ما يتردد عن نهب مصر لثروات السودان، وقال " هذا حديث غير منطقي هناك حركة تجارية بين مصر والسودان بالطرق المعروفة وتتم حسب بروتوكولات، واستبعد يوسف وجود اي تدخل مصري في قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، وقال "ماحدث تطورات سياسية داخل الدولة و ليس من مصلحة مصر العمل على زعزعة استقرار السودان الذي يشكل عمقاً استرتيجياً لمصر ، وبالتالي لا يمكن أن تدعم مصر ما يؤثر على استقرار السودان. وللمرة الثانية تتراجع الحكومة عن قرار زيادة تعرفة الكهرباء ،بعد الضغوط التي واجهتها من التروس.. بيد أن مراقبين يعتقدون أن القرار الأخير جاء نتيجة ضغوط مصرية على الحكومة السودانية بشأن التروس والاحتجاجات في الولاية الشمالية والتي لم تتوقف منذ قرار زيادة الكهرباء وتوصل اجتماع موسع عقد في القصر الرئاسي بالخرطوم إلى اتفاق قضى بتجميد مؤقت لتعرفة الكهرباء الخاصة بالقطاع الزراعي. وتثير الزيادات الجديدة التي فرضت على أسعار الكهرباء احتجاجات واسعة وسط مزارعي الولاية الشمالية الذين لوحوا بالتصعيد المستمر للمطالبة بالغاء الزيادة التي قالوا إنها تهدد الزراعة برمتها بسبب كلفتها العالية. ورأس رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان الاجتماع الذي ضم وزير الطاقة والنفط محمد عبد لله محمود ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أحمد إبراهيم علي مفضل ووكيل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي عبد الله إبراهيم علي ووفد إتحاد المشاريع الزراعية بالولاية الشمالية واللجنة القومية الزراعية للجهد الشعبي بالولاية ، و كان الاجتماع خصص لمناقشة رفع تعرفة الكهرباء و ما جرته من احتجاجات . مقاطعة مصر ويدعو ناشطون في السوشيال ميديا ضرورة قطع العلاقات مع مصر بعد موقفها الذي وصفوه بالمخزي في الازمة السودانية ، ويرى البعض أن استمرار هذا الخطاب ربما يؤثر على العلاقة بين السودان ومصر بعد استشعار الأخيرة بموقف تجارة الحدود بين البلدين ، ومصير العلاقة بين البلدين ، وربما قد يشهد موقف القاهرة تحولاً جذرياً من موقفها الداعم للانقلاب حسب رأي بعض المحللين السياسيين، الا أن يوسف يعتقد أن ما يحدث من ضجة في وسائل التواصل الاجتماعي لا يؤثر على علاقة الشعبين لانه في حالة توقف التعاون سيحدث ضرر بالنسبة للشعبين وبالأخص للشعب السوداني . ولم يستبعد يوسف أيادى استخباراتية من دولة مجاورة تؤجج الكراهية بين شعبي وادي النيل، وفيما يتعلق بالحديث عن مساومة مصر لقضية الشمال بتوفير الكهرباء قال علي إن دعم الحكومة المصرية للسودان بالكهرباء ليس حديث عهد بعد التطورات الحدودية وإنما هنالك اتفاقية بين الجارتين ما قبل احداث الخامس والعشرين من اكتوبر حيث وصل الدعم الى "100"ميغاواط وتوقع ان يصل حجم الدعم الى "300 " ميغاواط في السنتين القادمتين . مترتبات الموقف المصري ويعتقد د.صلاح الدومة استاذ العلاقات الدولية والمحلل السياسي، أن قضية التروس والتصعيد الاعلامي من جانب الشارع السوداني يؤثر سلباً على مستقبل العلاقات بين السودان ومصر ، وقال الدومة ل "الحراك " إن الحكومة المصرية تبحث عن مخرج للمشكلة التي تورطت فيها بدعمها للانقلاب العسكري في السودان والذي جاءت نتائجه عكس ما توقعته وتدفع ثمنه الآن بتوقف حركة التجارة بين البلدين والتي يفوق حجم التبادل بينهما أكثر من (4) مليارات دولار . قراءة الميدان وأشار الدومة الى أن الحكومات المصرية دائماً تفشل في قراءة الميدان السوداني، والدليل دعمها لنظام آيل للسقوط ، وتابع : " اذا سقط النظام الحالي ستدفع مصر ثمناً غالياً لهذا ترسل وفودها لحل اشكالية التصعيد الثوري وحل مشكلة الكهرباء " جازماً أن تراجع الحكومة السودانية عن تعرفة الكهرباء جاء نتيجة الضغط المصري على الحكومة في الخرطوم ، وقال ان الوفد المصري ضغط على الحكومة السودانية وانها ليست المرة الاولى التي تمارس فيها القاهرة الضغوط على الخرطوم ، ومضى بقوله " الحكومة المصرية تعتبر حكومة الانقلاب دمي تحركها كيف تشاء ومتى ما شاءت " ، مشيراً الى ان حكومة الانقلاب حسب قوله في كثير من الأحيان تصدر قرارات تؤثر سلباً على زعزعة أمن واستقرار الشعب السوداني.