الانطباع السلبي تجاه أمر ما أي كان يترك أثر يتفاقم ويرسخ مع مرور الزمن إلي أن يصل مرحلة الاعتقاد الفعلي ففي أربعينيات القرن الماضي عرض بروفسور جامعي امريكي (دمية) بنفس التفاصيل مع اختلاف اللون إحداها بيضاء والاخرى سوداء على أطفال سود البشرة وطرح سؤال وحيد : (أيهما قبيحة)؟ فكان جواب الأطفال السود بالإجماع الدمية السوداء هي القبيحة. هنا يقودنا الأمر إلي تضارب وتشويه فكري منبعه الذات من جراء غريزة داخلية مثبته في دواخل أغلب الاعراق شبيهة بطفيلي مقيت ينشأ منذ الصغر وتكون صانعاً عقدة اولية كالدونيا ، لذا فإن كره العرق أو التفاخر به (ظاهريا أو على عرق معين مؤكد يوجد جوانب خفية تحمل كما من الدونية تجاه اخرى) والسبب التربية الاجتماعية أو البيئة المحيطة . هنا في السودان لدينا جدلية (الهامش والمركز) الذي لا يخلو عن كونه صراعاً عرقياً صرف تسبب في البحث عن هوية أحادية الجانب تفرض على الآخر فأنتج مجموعة صراعات اقعدتنا في حلقة بدائية موروثة مورثه تجمع كل السلبيات وتفاخم من حالة التيه التي تعيشها شعوب السودان أجمع ، فالصورة النمطية التي أُنشأ به الأجيال المتعاقبة أن الأسود هو الأسوأ وكذلك العكس بنظر الأسود للأقل سوادً ، إذا ما نظرنا إلى أغلب الصراعات السياسية المنتجة للحروب المدمرة نجدها لا تخلو من محاولة السيطرة والتفوق والاعتقاد بتفوق العرق أو التعصب الاتجاهي لرقعة جغرافية بعينها (وإن اُخفى ذالك) . العنصرية موجودة ومتجزرة في كل بقاع العالم ولكن لم تٌقعد دول متعددة الأجناس والثقافات إلا السودان!! . فمن يعتبر نفسه سيدا له أسياد بيض واغلب أبناء الوطن من القبائل العربية عاشوا وتعايشوا مع نظرات وتعامل دول الخليج والمنطقة العربية بذالك ؛ وتلك المنطقة أيضا تعاني من استحقار الذات وترى في من هم أكثر بياضاً (الأوربيين) أفضلية عليها فنجدها ذليلة الآن بحيث يعتبرون أنفسهم إرهابيين غير مسالمين وبعيدين عن التحضر ، فيلهثون وراء إرضاء رغباته ولا يجنون شئ من وراء هذا الخضوع المزل!!(وتجدهم سعداء بما يفعلون). الفلم الشهير جانغو الحر أو «جانغو المتحرر من القيود» هو فيلم غرب أمريكي من كتابة وإخراج كوينتن تارانتينو الذي صدر في عام 2012 لخص الحقيقة ونظرة البيض والسود لذاتهم وكأن الكاتب أراد أن يوصل رسالة واضح تلخيصا لهذه الجدلية حينما كان جانغو وصديقة الذي اعتقه يجلسون على طاولة واحدة مع مالك (العبيد / عبيد المزارع وعبيد المنازل وبينهما جدلية وحوار طويل عداء ونظرة أفضلية والحقيقة انهم كانوا جميعا عبيد) للتفاوض في شراء الخادمة زوجة جانغو: وهنا اكتشف المالك خدعتهم وانهم أتوا من أجل المرأة لا من أجل العبيد المقاتلين فتوجه بالحديث إلى جانغو ممسكا بجمجمة رجل اسود كان من عبيده شارحاً له عن مكامن النقص والشعور بالدونية في مؤخرة رأسه بدل من تعزيز مكامن الإبداع والابتكار وإنه عبد ليس للونه بل السبب هو احساس الخضوع . العرق لا ننكر أنه قد يقود إلى العلا فقد قتل واحتل العالم (هتلر) ليثبت تفوق الآريين ، كذالك اليهود سادوا به الآن وترانا نلهث خلفهم لنكون مثلهم، وكذا الامريكان ابادوا من كان في نظرهم بدائيين غير متحضرين من الهنود الحمر ،ولكن نحن تقودنا (حمية) أظنها جاهلية من منظور ديني وغباء محض من الناحية العلمية بعدم تبنينا الهوية السودانية ونتفاخر ونعمل جميعاً من أجل نهضتنا لا أن نتقطع ونتشرزم كقبائل وعرب وزرقة.