بلا أدنى شك، أثرت الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها البلاد كثيراً على قطاع الاستيراد، في وقت زادت فيه المخاوف من خشية حدوث شح في بعض الواردات نظراً للعقبات التي تواجه المستوردين والتي أسهمت في تقليل حركتهم ونشاطهم إلى حدٍ كبير، سيما تقلبات سعر الصرف بجانب بطء فعالية الإجراءات الحكومية بالإضافة إلى سياسات الحكومة فيما يتعلق بقطاع الاستيراد، لتكن تلك هي من أبرز العقبات التي تعترض قطاع الاستيراد. توقف الاستيراد وأفصح بعض المستوردين في حديثهم ل(اليوم التالي) عن إيقاف الكثير منهم لعمليات الاستيراد منذ تقلبات سعر مطلع العام الجديد، ويقول إن تقلب أسعار الصرف الصرف هي السبب الأساسي، يشير المستورد وعضو الغرفة القومية للمستوردين الأسبق قاسم الصديق أن سعر الصرف هو المتسبب في الركود العام وتراجع القوة الشرائية، منوهاً إلى الزيادات المتصاعدة بوتيرة سريعة وقفزات عالية كانت وراء خسائر كبيرة للمستوردين، حيث كان يتم بيع البضاعة المستوردة حسب سعر السوق وقت وصولها لمستودعات المستورد ويكون للدولار سعر سائد وقتها في الأسواق، وقبل تحصيل قيمة فواتير الاستيراد تزيد قيمة الدولار بشكل جنوني يكون التاجر وقتها لم يتحصل على قيمة مبيعاته التي بيعت على أساس مستوى سعر دولار أقل، وكذلك عدم مرونة الأسعار في السوق لتلاحق أسعار الدولار، وهناك أيضاً البيع الآجل وإن كان يتم بأسعار تفضل أسعار السوق وقتها، إلا أنه ودائماً ما تكون اسعار البيع تلك أقل من التكلفة الجديدة للسلعة المقومة بأسعار الدولار المرتفع الجديد، وزاد قائلاً: هذه واحدة من متلازمات خسائر حركة البضائع في الأسواق وتشكل تحديات مستمرة للاستيراد.
تصريف البضائع يؤكد الصديق أن تصاعد أسعار الصرف وتسببه في زيادات عالية يربك حركة البيع في الأسواق، فمن الطبيعي انعكاس زيادة الدولار على سعر السلع في الأسواق وتزيد الأسعار تبعاً لزيادة الدولار، بينما يظل دخل المستهلكين ثابتاً لا يقوى على مجاراة الأسعار، فيضطر المستهلك لإشباع حاجاته حسب ضرورتها إليه، وتكون لديه قائمة بأولويات مشترياته وبذلك تظل بعض السلع حبيسة مستودعات المستوردين متأثرة بحالة ركود، بينما يضطر المستهلك لخفض كمية احتياجاته فتزيد من مستوى الركود في الأسواق، وطالما هناك صعوبة في التصريف، فبالتالي هناك بالضرورة انخفاض في طلبيات المستورد من الخارج وتشكل واحدة من تحديات الاستيراد.
تقلبات وارتباك يواصل الصديق تحليله بالقول: حتى إن النزول المفاجئ لأسعار الدولار أيضاً يربك عمليات توزيع السلع، حيث تكون البضائع المستوردة بأسعار دولار عالية يمتنع التاجر عن بيعها والأسواق تشهد انخفاضاً في أسعار البيع تقل عن تكلفته التي تمت بدولار عالٍ في انتظار ارتفاع أسعار الصرف وعودة الأسعار في الأسواق للارتفاع، وهذه الحالة قد تستمر لفترة وتشهد الأسواق نوعاً من الركود غير التضخمي، لافتاً إلى كثرة أعطاب الميناء التي تؤدي لطول فترة التخليص ودخول المستورد في خسائر بسبب الغرامات التي تفرض عليه من وكلاء البواخر وهيئة الموانئ البحرية، بالإضافة إلى أنه وفي كثير من الأحيان تلجأ البواخر للتخلص من الحاويات المتجهة لميناء بورتسودان بإنزالها في ميناء جدة وتواصل رحلاتها ولتنتظر تلك الحاويات دورها في رحلتها الجديدة لبورتسودان بعد أن تعرض بعض المشحونات داخل تلك الحاويات للتلف وخاصة المواد الغذائية منها بسبب عدم ملاءمة الطقس في ميناء جدة لتخزين حاويات في العراء لفترات تصل أربعة أشهر.
ضوابط الاستيراد وتشدد ضوابط وإجراءات الاستيراد، على ضرورة حصول العميل على سجل المستوردين ساري المفعول من وزارة التجارة والتموين والاحتفاظ بصورة منه في ملف العميل، على أن تكون السلعة المستوردة ضمن المسموح باستيرادها بالسجل، كما تنص الضوابط، على عدم البدء في أي إجراءات مصرفية أو إجراءات تحويل نقد أجنبي للخارج، لكافة عمليات الاستيراد وبكافة وسائل الدفع، إلا بموجب استمارة الاستيراد الإلكترونية، مشترطاً قيام العميل بإرفاق فاتورة مبدئية أو صورة من العقد مع طلب الاستيراد، وذلك قبل وقت كافٍ من وصول البضاعة وملء الجزء المخصصة المصرف باستمارة الاستيراد الإلكترونية.
المنع والاشتراطات كما يمنع البنك المركزي المصارف من إتمام تعبئة استمارة الاستيراد الإلكترونية إلا بعد استلام خطاب بالموافقة على الاستيراد صادر من الجهات ذات الاختصاص الفني ببعض السلع، على أن يقتصر تداول استمارات الاستيراد بين الجهات ذات الصلة عبر نظام الربط الشبكي لتداول استمارات الصادر والوارد إلكترونياً، وكذلك يشترط البنك عدم إكمال الاجراءات المصرفية لاستيراد أي بضاعة قبل إبراز المستورد شهادة منشأ من الدولة التي تم استيراد البضائع منها، وفي حالة البضائع المستوردة من دولة خلاف دولة المنشأ، يجب أن تصحب البضاعة شهادة صادرة من الغرفة التجارية من نفس الدولة المصدرة. اليوم التالي