قريبا سنرى مدرسة دنقلا الثانوية العريقة وقد تحولت لمدرسة شاووش اوغلوا الاستثمارية ، ومدرسة امنتغو الابتدائية وقد تحولت لمدرسة السلطان عبد الحميد !! لقد كان الاتراك هنا من قبل كمستعمرين وغزاة. ماذا استفدنا منهم ؟ ا نهبوا مصر اولا ثم جاءوا الينا لدوافع اقتصادية بحتة وتجلى نهمهم وطمعهم فى سياساتهم العدوانية المجازة من خليفة المسلمين فى الاستانة ، حيث ارتبطوا فى ذاكرة اهل الشمال بالبطش والظلم والفساد ، فقد كان همهم الاول الجباية وفى سبيل ذلك كانوا يرتكبون الفظائع ضد سكان الشمال كإدخال قطة داخل سروال المواطن المسكين لارغامه على دفع الخراج ، وربما لا يعلم البعض ان المثل الاستنكارى الذى يجرى كثيرا على لسان اهل الشمال ( هل اولادى مقيدون فى نخلة !!؟ ) ،فى حقيقته تعبير مستمد مما حدث بالضبط على يد الجباة الاتراك الذين كانوا يربطون من يتخلف عن سداد الخراج فى نخلة لاجبار ذويه على السداد حيث لم يكن ممكنا إطلاق سراحه الا بعد استلام المعلوم . جاء فى الأخبار إن والى الشمالية المكلف التقى مستثمرين أتراك وعرض عليهم فرص الاستثمار فى المجالات الاقتصادية والخدمية فأبدى الأتراك رغبتهم الاستثمار فى مجال التعليم بإنشاء مدارس بنظام الداخليات فى دنقلا والمحليات الأخرى . وفى الخبر ان الوالى عرض عليهم فرص الاستثمار فى كل المجالات غير ان الباشاوات اختاروا مجال التعليم !!! عيب الشوم آن يعود الترك للشمال قبل ان نلزمهم بدفع تعويضات نظير نهب موارد أسلافنا واهانتهم واذلالهم. ولماذا أصلا يستثمر الأجانب فى تعليم ولاية طول عمرها منحازة للتعليم .وقد سمعت من مؤرخ النوبيات الأعظم وليام آدامز ان ذلك الجزء من العالم تميز بأنه كان ضد الأمية فى كل العصور .وهذا يفسر لماذا شيد الأهالى معظم المدارس القائمة اليوم بالعون الذاتى . لقد مرت سنوات طويلة منذ مغادرتنا لمقاعد التعليم العام فى الولاية الشمالية ، لكن لا تزال صورة المدرسة البائسة تحتل ركنا أساسيًا فى أرشيف الذاكرة بخاصة رؤية الأيفاع وواحدهم بطبق يديه على مثانته التى تكاد أن تنفجر بسبب عجزه الخوض فى أنهار البول المتسرب من المراحيض . بقدر حاجتنا لمدارس نظيفة وانيقة ومنظومة تربوية عصرية ، الا أن حاجتنا لمعلمين مبتكرين ومدربين بصورة حداثية تلبى إحتياجات الطلاب هى الأكثر إلحاحا ، وقد يثور التساؤل هنا : هل اشرك هذا الوالى المعلمين فى النقاش حول استثمارات الترك وهل اشركهم فى القرار ؟ فالمعلمون هم جنودنا فى الخطوط الأمامية للعملية التعليمية وبدونهم لن يحصل آى تغيير .بينما سيعقد تجاهلهم المشكلات المتعلقة بالعملية التعليمية.اذا كنت تفكر فى حلول أخرى لايقاف التدهور فى تعليم المدارس باتجاه جودة التعليم فالاولى ان تستصحب معك دور المعلمين.ينبغى أن نشد من أزر المعلم واعانته عن طريق خلق أساليب تدريس جديدة بدلا عن الآساليب التليدة الموروثة من بخت الرضا. المعلم والتلميذ والبلد كلها فى حاجة لإدخال تغييرات وخطط لتطوير نظام التعليم العام باهداف مثالية ،وأهم شىء فيه التغيير مع الزمن ومواكبة الاتجاهات الحديثة فى التعليم العام. ربما لا يعرف هذا الوالى كيفية إستخدام الإيميل وقد يظن ان السوفت وير أكلة كالهوت دوغ ، لذلك لن يعول عليه فى مواجهة تحدى إستخدام تكنولوجيا العصر إذ ربما يرى فيها مصدر إلهاء واداة جريمة وليس أداة لخلق امكانيات لممارسة اكثر نشاطا للطلاب ووسيلة توصل سريعة لأحدث الموارد . لقد وجه الوالى الهمام الباقر احمد على بتسهيل كافة الإجراءات أمام المستثمرين الأتراك، فى حين كان يمكنه أن بسأل نفسه ان كان خلق نظام تعليمى بداخليات فى حد ذاته يشكل اولوية لولايته ،ولو سأل سيادته مزارعا فى إرتدى لأشار عليه لكى يصدر توجيهاته لحشد طاقات الشمالية من اجل انتزاع نصيبها من الذهب المستخرج بالاطنان من المنطقة والذى يذهب 85% منه للمركز .كان يمكنه أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه لو قال لأهل الولاية أنه سيتقدم صفوفهم ولن يرجع إلا متأبطا نصيبهم من الذهب وتسخير جزء كبير منه لميزانية التعليم . العالم يعيش حالة تغيير سريعة مستمرة فى التعليم ونحن نتفرج ،مع علمنا التام بأن من يفشلون فى التكيف مع التغييرات سيكتبون فى قائمة المتخلفين عن الركب . انت يا سيدى الوالى لست فى حاجة لمستثمر تركى يشيد داخليات باهظة ترهق أغلب الطلاب المتحدرين من ذوى الدخل المنخفض. أنت فى حاجة لعلاج مشكلة العجز فى التمويل الحكومى للتعليم العام. ولا حل لذلك مالم تعالج ضعفك فى الوصول إلى الموارد .. أجلب لفقراء الشمال نصيبهم من كل جرام ذهب تم نهبه من منطقتهم واترك العيش لخبازه . والا فالأولى ان تلزم بيتك وبلاش لكاعة معاك . لا يكتمل الحديث عن والى الشماليه إلا باستصحاب الشبهات التى تحوم حوله و التى اغرق بها أبناء الشمالية وسائل التواصل الاجتماعى مؤخرا عندما اختاره العسكر واليا مكلفا للشمالية .إن صحت هذه التهم .. يكون السؤال: كيف يعهد لرجل بهذا السوء مسئولية تعليم فلذات أكبادنا الذين هم أمانة فى أعناقنا.؟ وبالطبع لن نسأله كيف رضى ضميره الخوض فى أمور حساسة كالتعليم اصلا قبل ان يحصل على براءة ويعلق صحيفة جنائية ناصعة البياض فى شوارع دنقلا . ففساد الأخلاق والتصدى لمهمة التعليم كالماء والنار لا يلتقيان أبدًا ،وهب أن هذا الحاكم ذهب برفقة الأتراك لإحدى المدارس فى محلية البرقيق وهتف الطلاب فى وجهه أهو أهو الحرامى أهو .. كيف سيكون موقفه فى الاممالمتحدة !!؟