2) زراعة القمح في السودان يعتبر محصول القمح من محاصيل المناطق الباردة حيث يتطلب درجات حرارة تتراوح ما بين 3 – 4°م كحد أدنى و 30-32°م كحد أقصى). الدرجة المثلى لنموه 25°م. صنف السودان في السابق على انه خارج النطاق التقليدي لانتاج محصول القمح حيث يتميز بالاجهاد الحراري دراجات (الحرارة تتفاوت ما بين 16 الي 34 م 0في المتوسط). المتتبع لتاريخ زراعة القمح فى السودان يجد انه كان منزرعا منذ آلاف السنين فى المنطقة الشمالية شمال خط عرض 17 شماال، اذ يمثل الغذاء الرئيسى لاهل تلك المنطقة. بعدها بدأت محاولات زراعة القمح لتلبي احتياجات التنامي السكاني وزيادة الطلب نتيجة تغيرالنمط الغذائي (بداية التمدن) منذ العام 1918 ومرة أخرى في العام 1940 . فشلت تلك المحاوالت للتدني الكبير في الانتاجية لعدم توفر التقانات الملائمة، ودلالة على ان (الاجهاد الحراري) يعتبر من أهم المحددات لانتاج القمح في السودان. في إطار هذه التحديات بدأ برنامج تحسين القمح في العام 1921 بالعمل على انتخاب سالات من (الصنف بلدي) وبعض المداخيل من الخارج . اظهرت النتائج تميز الصنف بلدي على تلك المداخيل. بحلول العام 1943 تم القيام بعدد من التجارب اسفرت عن التوصية بالصنف (هندي 62 ) للمزارعين حيث تفوق في اإلنتاجية على البلدي. بصفة عامة ركز برنامج تربية القمح في الفترة ما قبل 1958 على انتخاب سلالات من عشيرة الصنف بلدي. أما بعد ذلك وحديثا فقد زادت نسبة العمل في تقييم المداخيل من خارج البلاد بالتعاون مع المراكز البحثية المتخصصة مثل المركز العالمي لبحوث القمح والذرة الشامية CIMMYT والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة ICARDA) والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والاراضي القاحلة ACSAD على الرغم من عدم انتظام عملية استجالب المداخيل في الفترة من 1960 -1963 الا أنه تم التوسع في مواقع الاختبار لزراعة القمح لتضم بالاضافة إلى شمال السودان منطقة الجزيرة ومنطقة النيل الابيض ومشروع حلفا الجديدة . تعتبر البداية الحقيقية لبرنامج تربية محصول القمح في منتصف الستينات حيث تم تخصيص باحث متفرغ لبحوث القمح في محطة بحوث الحديبة. اسفرت هذه الجهود عن إجازة عدد من ألاصناف مثل H57 وH164. في هذه الحقبة حيث تم ولاول مرة وضع برنامج متكامل لتربية المحصول تمخض عنه اجازة كل من الاصناف مكسكاني وجيزا 152 وكندور في العام 1974. في حقبة السبعينات أضيفت كوادر بحثية جديدة متخصصة في مجال التربية وتم العمل بالتنسيق بين ثلاث محطات بحثية في الجزيرة وشمبات وحلفا الجديدة. في العام 1987 أجيز الصنف جيزا 160. في فترة الثمانيات والتسعينات تم تقوية التعاون العالمي وإلاقليمي حيث نفذ برنامج بحوث القمح عدد من المشاريع الممولة من الخارج أهمها مشروع ساسكاوا قلوبال 2000 الممول من منظمة ساساكاوا اليابانية وبدعم فني من المركز العالمي لبحوث القمح والذرة والمشروع الاخر هو مشروع وادي النيل للقمح والبقوليات الشتوية والذي تم تمويله من الحكومة الهولندية ودعم فني من المركز العالمي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة . في هذه الفترة تمت إجازة عدد من الاصناف (دبيرة ، وادي النيل ، النيلين ، ساساريب، نسر و أرجين) . في الالفية الثالثة ، ومع استمرار التعاون الوثيق مع مراكز البحوث العالمية مثل سيمت وإيكاردا وأكساد، وبرغم شح التمويل الوطني تمت إجازة 8 أصناف تتميز بمقاومة الاجهاد الحراري لملائمة بيئة السودان (بعض منها أجيز باستخدام التقانات الحديثة) بزيادة مضطردة في الإنتاجية وذلك على غرار النسبة المتعارف عليها عالميا مثل الاصناف إمام ، جزيرة 11 ، تقانة ، خليفة ، بوهين ، نبتة ، زكية وقمرية. في العام 2018 تمت إجازة ثمانية من اصناف قمح الخبز (عكاشة ، عجيب ، خديوي ، صالح ، أمل ، أشري ، شبيك وجواهر). وأربعة من القمح القاسي (أرجو ، زيداب ، ودالبر وبساتنة) . صاحب اجازة الاصناف المحسنة استنباط تقانات وخيارات فلاحية لتعظيم الانتاجية. في الحلقة القادمة سنتحدث عن مستقبل انتاج القمح في السودان طبقا رؤية كتاب الورقة من العلماء.