قبل الخوض في الاجابة على هذا السؤال هناك عبارة متداولة وهي (لحوم العلماء مسمومة) وهي للحافظ بن عساكر الدمشقي الذي عاش في القرن السادس الهجري وهو من مفسري الحديث وصاحب الكتاب المشهور (تاريخ دمشق) .ومن شدة ذيوع هذه العبارة والإستشهاد بها ظن البعض إنها حديثاً نبوياً فهي ليست كذلك وقيلت في عصر لفه كثير من التعصب المذهبي والإنحطاط الحضاري وساده ضيق مذموم بكل مخالف لرأي علماء السلطان في وقتها وقيلت في سياق جدل فرقي جعل كل فرقة ترى مشايخها هم فقط العلماء ونقادهم مجرد أهل باطل وسفهاء فيلجأ الشيوخ الى المنابر والندوات ويلجموا الخصوم المخالفين لهم وتنفير الناس في من ينتقدهم وإلغاء مشروعية الخصوم .. فان من يخالفهم على باطل ويقولون عن من ينتقدهم أهل الباطل وإتباع الهوى والشبهات والسفهاء والصعاليك ويقولون للناس ان مقصد هؤلاء هو الإساءة لأهل العلم والدين بل ويريدون تنفير الناس عن الدين ومازال هذا المسلك الموروث يمارس لقمع من ينتقد علماء السلطان ويلجأ اليهم السلطان دائما لتثبيت اركان حكمه العلماء ليسو معصومين من الخطأ كما يستدرك عليهم ويحق نقدهم. العلماء بشر كغيرهم ولا يمنع ان يكون الإستدراك والنقد عليهم بعلم واحترام ولكن كلما اقتربوا من السياسة وربطوا فتاويهم بالتسيس كلما زاد القدح فيهم وستغتابهم الناس ويكثر الحديث عنهم وغيبتهم والحديث فيهم فيه ضرر للإسلام وللعقيدة .وإذا كان للأنبياء حق التبجيل والتعظيم والتكريم من الطبيعي لورثتهم وهم العلماء نصيب من ذلك وفي توقيرهم توقر الشريعة التي يحملونها وبإهانتهم تهان الشريعة وفي إذلالهم وسقوطهم أمام أعين الناس سوف يذل العلم الذي يحملونه في صدورهم ولم يبق لهم قيمة ..وكثرة إحتقارهم والإذدراء عليهم فيه ضياع للشريعة وتمزيقها وتجريحها فالافضل لهم وللدين ان يبتعدوا عن السياسة والسياسيين نحترم علماء الدين ولا يغتابهم الناس عندما لا يكونوا علماء لاغراضهم الخاصة وطوائفهم وينظروا ماذا يرضيهم. إذا رأوهم على شئ أفتوا بما يرضيهم, ثم يحاولوا أن يحرفوا النصوص من أجل موافقة أهواءهم .. وأيضا بأن لا يكونوا علماء الدولة والسلطان ينظروا ماذا تريد الدولة فيفتوا بما تريده ولو كان في ذلك تحريف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتكون لحومهم مسمومة ومحترمين ولا يتحدث عنهم الناس بسوء إذا ما كانوا علماء للملّة وللانسانية جمعا ينشروا دين الإسلام بالموعظة الحسنى ويفتوا بدين الإسلام عن علم ولا يبالوا بما دلّ عليه الشرع أوافق أهواء الناس والسلطان أم لم يوافق . والمتابع لمواقف علمائنا وما يسمون رجال الدين كانوا يعظون المسلمين فى كل شىء الا فيما يحتاجون اليه حقا. لن تجد شيخا واحدا منهم يتكلم عن التعذيب ولا قتل الشباب في الشوارع وفي المعتقلات ومن تحدث عن الفساد والقتل لم يكن حديثه بقدر الجريمة وعظمتها .. ومنهم من لم يكتفوا بالسكوت عن الحق بل أعانوا الظالم على الظلم. هؤلاء السبب الأصيل فى تخلفنا، إذن فكيف تكون لحومهم مسمومة ؟؟ ومن شأن هذه السياسة للعلماء والبعيدة عن الأحداث ستقلل من قيمة العلم الذي في صدورهم والذي يعلمونه للناس وبالتالي لا يقبل الناس بما يأتون به من العلم وهذا فيه ضرر كبير على الدين مما يضطرّ الناس أن يخوضوا في الحديث عنهم ويكثر الحديث فيهم واحيانا عدم احترامهم [email protected]