على نحو مفاجئ أوقف جبريل ابراهيم وزير المالية العمل بنظام التقسيط الجمركي لكل الواردات دون سابق إنذار بخطاب حوى عبارة عاجل وينفذ الآن، مما جعل هيئة الجمارك توقف العمل في وجه الموردين حتى الذين لديهم تصاديق سبقت القرار، ولم يستثنى القرار حتى المواد الخام التي تستجلبها المصانع للتصنيع. ويعد هذا الأمر سابقة تاريخية في العمل الجمركي في كل العالم حيث لم يسبق لحكومة أن أوقفت هذا النظام الجمركي، وقد تواجد عدد كبير من المستوردين بهيئة الجمارك لمتابعة إجراءاتهم التي اوقفها وزير المالية بعد أن وصلت البضائع إلى الميناء قبل أن يتفاجأوا بالقرار الذي يلزمهم بالدفع كاملا وهو ما لم تستطيع الشركات والمصانع القيام به دون ترتيب وبالمقابل فإن البضائع التي وصلت إلى الميناء ستكلفهم ارضيات قبل عملية التخليص وترتيب أوضاعهم.. ويصف الأمين العام السابق لاتحاد الغرف الصناعية أشرف صلاح نور الدين قرار وزارة المالية بإيقاف التسهيلات الجمركية بالغريب ويأتي في توقيت غريب أيضا، مشيرا الى انه معروف للجميع ان الأسواق خلال الفترة الاخيرة تشهد حالة من الركود اقرب إلى الكساد، واعتبر ظهور قرار المالية في هذا الوقت غير قابل للتنفيذ. وأوضح ل"الراكوبة" سلطات الجمارك السودانية دأبت طوال تاريخها بمنح تسهيلات لمموليها وضمانات محددة تضمن للدولة عوائدها الى جانب ان الشركات الكبرى على وجه التحديد ظلت تسهم بنسبة مقدرة جدا في إيرادات الجمارك وهي المتعامل الرئيسي بهذا النظام، باعتبار أن لديها واردات يومية، لافتا الى ان الفائدة مشتركة بين الطرفين وللمواطن في الوقت ذاته، لمساعدة سرعة انسياب السلع لاسيما الاسياسية الهامة دون ان تكون المبالغ الجمركية التي هي في الاصل مبالغ ضخمة جدا واجبةالدفع فورا، وتوقع حدوث آثار سالبة من وراء طبيق القرار على مجمل العملية الإقتصادية المتعثرة اصلا ويقود الى إنكماش كبير فضلا عن البطء في إنسياب السلع، مؤكدا ان القرار غير مدروس بدليل انه لم يستثني السلع الأساسية او مدخلات الإنتاج الصناعي او الزراعي وانه لم يراع ان ان الرسوم الجمركية تثمل جزء كبير من تكلفة السلع والتي تعتبر عالية في السودان، جازما بان الغاء التسهيلات الجمركية وبهذا الشكل الفجائي سوف يقود لكثير من الآثار السالبة لا سيما الشركات الكبرى والمصانع. ويؤكد مصدر بقطاع الصناعة فضل حجب إسمه ل"الراكوبة" أن القرارت الغير مدروسة والعقلية الجبائية المسيطرة على جميع القائمين بأمر الاقتصاد اثرها سلبي وسوف تدمر الصناعة بالبلاد. وقال ل"الراكوبة" ان المصنع يحتاج الى مائة مليار جنيه قيمة الجازولين السنوية لتشغيلة بجانب ارتفاع أسعار الكهرباء والجبايات المتعددة على القطاع،ادت الى ركود كبير جدا في مستوى المبيعات بالمصانع بنسبة 70 بالمئة. وكشف عن وضع سئ جدا بغالبية المصانع نتيجة للسياسات العرجاء بالدولة، معلنا عن شح كبير جدا في العمالة لجهة ان المهنة باتت طاردة بسبة تخفيض ساعات العمل او تخفيض العمالة. وشهد قطاع الاستيراد والصناعة ارتفاع كبير في الرسوم الجمركية نتيجة لتحرير الدولار الجمركي بالرغم من محاولة الدولة تخفيف حدة الخطوة بالغاء رسوم الإنتاج. واعتبر رئيس قسم الدراسات الإقتصادية بمركز الراصد د. الفاتح عثمان القرار بمثابة ضربة كبيرة للمستوردين الذين يعانون الامرين جراء الركود الاقتصادي الكبير الذي تسبب بخسائر كبيرة لهم لأول مرة منذ عشرين عاما وفشل بعضهم في سداد غالب التزاماته تجاه الجهات الحكومية. في حين، أبان ل"الراكوبة" أن وزارة المالية بدورها تعاني من نقص الإيرادات الضريبية بسبب تدني الاستيراد وهو ما تسبب لها بصعوبات بالغة في الوفاء بالتزاماتها تجاه الرواتب وتجاه اتفاقية جوبا للسلام. ولهذا أرادت وزارة المالية استلام الرسوم الجمركية بشكل كامل قبل التخليص للتخفيف من ازمتها في ضعف الإيرادات لكنها بالمقابل تسببت في ازمة كبيرة للمستوردين الذين لم يضعوا هذا الامر في حساباتهم وقد يضطروا للبيع بالخسارة للوفاء بالرسوم الحكومية او تحمل رسوم الارضيات التي قد تعصف بكل ما يملكون ان تاخروا في اجراءات التخليص. وابدى الفاتح استغرابه أن القرار يأتي في ذات الوقت الذي قدمت فيه وزارة المالية علي تقديم اعفاء جمركي لعدد من السيارات بحجة ان اصحابها ينتمون لحركات موقعة علي اتفاقية جوبا للسلام وهو اجراء خاطيء تماما والافضل هو تقديم اموال بشكل مباشر لمن يستحقها بدلا عن التسبب باغراق السوق السودانية بعدد كبير من السيارات لا لزوم لها حاليا.