فجّر قرار إعفاء رسوم الجمارك لسيارة أبن الأخ للسيد وزير المالية دكتور جبريل إبراهيم محمد قنبلة واسعة التأثير إلي أن وصلت آثرها بأن وُصِف السيد الوزير بأنه مليشي وليس رجل دولة لذا يجب عصيان قراراته المالية والتمرد عليه . ومن قبل تناول هذا الموضوع منابر المساجد ومواقع الأنترنت والصحف اليومية والأسبوعية السودانية قاصداً صناعة رأي عام حول السيد وزير المالية وليس محاربة الفساد ، إلا والفساد مستشري عياناً بياناً من إزهاق الأنفس إلي مصادرة وأكل أموال الناس بالباطل منذ ميلاد هذه الدولة 1956م . وما تقدم ليس دفاعاً عن وزير المالية فالتمّيزُ في الأعفاءات الجمركية والضرائب والوظائف العامة وفي كل شيئ يخص الدولة سُلوك مستهجن ومستنكر من كل ذو ضمير يُنشد العادلة والمساواة بين مواطني الدولة الواحدة وما حارب الدكتور جبريل الدولة إلا ليُرسي موازين العادلة والمواساة وخرق هذه المابدئ منه شخصياً مخالفة كُبّار ، ولكن ما دفعني أن أكتب هذه الكلمات القليلة في الموضوع الذي تناولته منابر المساجد والصحف وتجمعات التجار شرقاً وشمالاً هو العقل الباطني لبعض مواطني هذا البلد الذين يصنوفون المواطنين إلي سادة وعبيد ويكِيلون أفعال وتصرفات المسئولين الحكوميين بمكيالين (وقضية لقمان أحمد ليس منا ببعيد). المكيال الأول (العقل الباطني لهؤلاء) أن هنالك سادة يستحقون تولي الوظائف السيادية ولا أحد يراقب أعمالهم وتصرفاتهم لأنهم ينطلقون من منصات وطنية وكامِنٌ فيهم حب هذا البلد ومواطنيه لأنهم أولاد بلد . وهذا العقل الباطني الموصوف بهذه الصفة جعل هؤلاء يرضون ويُغْضُون الطرف عن فساد المؤتمر الوطني ومن شايعهم ولا يعيرون له أي أهتمام لأن هؤلاء أولاد بلد ويستحقون كل شئ حسب عقلهم الباطني . إلا وأين هم من أفعال المؤتمر الوطني حيث قتل . 1- (2 مليون) مواطن في جنوب السودان وعدد المشردين إلي الداخل والدول المجاورة غير معدود ولا أحد إمتنع من دفع الضرائب بأعتبار أن الحرب تُمول جزئياً من ضرائبهم. ولكن أعفاء سيارة واحدة من الجمارك يأتي الرخصة لهولاء لإعلان عصيان مدني والإمتناع عن الضرائب لمليشي (القول لتجارة من عطبرة). 2- قتل المؤتمر الوطني 300 ألف في دارفور وشرد 4 مليون بين نازح ولاجئ (حسب إحصاءات الأمم الممتد) ولا أحد إمتنع عن دفع الضرائب مصدر تمويل الحروب علي مواطني الدولة. 3- خُصص ما لا يُعرف عدده من سيارت الدولة للنافذين في الحزب بثمن بخسٍ (راجعوا مضابط وسجلات وزارة المالية الإتحادية ووزارات الولايات – التخلص من الفائض). ولا أحد أنكر توزيع أصول الدولة هكذا علي شريحة من المواطنين لأنها صادرة من سادة كل تصرفاتهم من منطلق وطني لا يسألون أما يفعلون. 4- خُصص القطار والنقل النهري وما خف أعظم. والمكيال الثاني (العقل الباطني لهؤلاء) الآخرون عبيد من الهامش مشكوك في وطنيتهم وتصرفاتهم لذا يجب اللا يتولوا الوظائف السيادية مثل وزارة المالية والدفاع ويجب وضع تحركاتهم جميعاً تحت كامرة المراقية لأن تصرفاتهم مشكوكة فيها وغير وطنية إلا لما كان هذا الهجوم الشرس لوزير المالية من منابر مختلفة والحال نحن نعيش في دولة السودان التي أذكم فسادة الأنوف ولم يأتي هولاء من كوكب آخر بل ترعرعوا وعاشوا في أحضان هذا الفساد راضين بكل فجوره وكبرياءه كقوم فرعون وملاءه الذين يصفقون لفرعون ويصفون سيدنا موسي عيله السلام بأنه أراد أن يذهب بطرقيتهم المثلي. هذا العقل الباطني الذي لا يري ما يفعله فرعون من قتل وتشريد ويري للآخر الغبار في البحرهو الذي دمر البلد وقسم الدولة التي كنا نتغني بها من نمولي إلي بورتسودان إلي جزئين وهذا العقل غير مؤهل لإدارة تنوع ما تبقي من السودان. في مقال سابق وقبل إنفصال جنوب السودان لما كان برنامج الوحدة الجاذبة عبارة عن مشروعات تنموية للجنوب قُلتُ يجب علي الذين حكموا السودان الإعتزار لشعب جنوب السودان إعتزاراً واضحاً لا يضع مجالاً للشك في حسن نية أهل الشمال في التعايش السلمي مع الجنوبين والمساواة التامة في الحقوق المدنية وذلك بالذهاب الرئساء الذين حكموا السودان للجنوبيين في أماكنهم وقتها الرئيس نميري والصادق المهدي علي قيد الحياة والبشير حاكماً للسودان قلتُ الجنوبيين يحتاجون لقلوبنا وليس لمشروعات تنموية لأن هذا من حقهم الشرعي والقانوني إذا أن الجنوب يرفد البلد بجُل أيرادات الموانة من البترول، ولكن لا أحد أعطي لهذه النقطة أهمية فصُوتَ لصالح الإنفصال بنسبة 90% فسار الجنوب دولة مستقلة. ها نحن اليوم أيضاً لا نريد أن نتغير من الداخل حتي رجال الدين وأئمة المساجد (طبعاً ليس كلهم التعميم مخل) بعيداً عن جرائم المؤتمر الوطني لأنه حزب دكتاتوري ومكمم للأفواه ولكن أين ضمائر هؤلاء السادة في وقت الحرية من المذابح التي وقعت في عهد قريب في كرندق وكرينك وجنوب النيل الأزرق في بورتسودان وكرفات قتل فيها أنفس برئة وأُتلف الزرع والضرع بحرق محلية محروسة من الجيش الوطني ولكن مع ذلك كله لم يفتح الله لهم بأن يتفوهوا بكلمة واحدة يرضي الضمير الأنساني متناسين بأن الأمة كالبينيان يشد بعضه بعضاً أو كالجسد الواحد إذا أشتكي عضواً بات سائر الجسد بالحمي والسهر، ذلك لأنهم يكيلون الأمور بموازين مختلفة هذا ما جعلنا نُضيعُ جزءً من وقتنا في كاتبة هذا المقال وليس دفاعاً عن فساد وزير المالية أللهم إني أبرئُ مما فعل هؤلاء. ولكن لوضع النقاط علي الحروف في قضايا هامة تخص الجميع وتجر مآلاتها إلي عنصريات وجهويات. [email protected]