أي جمال وأي إستحالة عن جامعة في بلد يعتبر في ذيل البلدان المتخلفة ؟ يقول المثل الشّعبي الطّريف (شكارتا دلاكتا) إن صحّ مافهمته منه ، أو هكذا أفهمه ، بمعني أن دلاكة العروس ، أي المرأة المسئولة عن تجهيز العروس بتدليكها (الدّلكة) كعادة من العادات السودانية ، حيث تُكثر هذه الدّلاكة من مدح صفات العروس ، أي أنها تمدح نفسها هي بطريقة غير مباشرة كي تبرهن علي مكانتها الرفيعة كمدلّكة . فهي إذاً تغالي في تمجيد نفسها من خلال مدح العروس ، وبالتأكيد قد لا تتعرض لذكر عيوب وسلبيات العروس أي كانت بل تتعمد إخفائها ، ذلك نوع من (دعاية التسويق الرّخيصة) . وهذا ما ينطبق علي خريجي وجمهور (الجميلة ومستحيلة) حيث يتفنن الكثير منهم في (تدليكها) بإستحالة الإلتحاق بهذه الجميلة ومستحيلة ، وهم في الحقيقة يمجدون ويعظمون أنفسهم من خلال تمجيدهم المبالغ فيه لهذه الجميلة ومستحيلة . وهذا يذكرني بحالة الشخص المُصاب بالخلل النفسي ، خاصة مرض (الأوقيزم (egoism) الأنا ، أي ما يوصف بالتمحور حول الذات والإفراط في الغرور والتفاخر ، بتسويق الشخص لنفسه بنرجسية وشيفونية باينة ، بوعي أو لا وعي منه ، حين يتعلق الأمر بمدح الشخص لممتلكاته أو جماله أو ذكائه أو موهبته أو مكانته ، وهذا مايثير السّخرية والضّحك معاً. كان الأولى بمنسوبي وخريجي هذه الجميلة ومستحيلة بدلاً من هذه (الأنا المُفرَطة) التفكير والسّعي الجاد في تطوير الحاصل الدراسي بعد التخريج بالبحوث العلمية والنقدية الثاقبة التي تفيد الدّارس وتفيد المجتمع معاً ، بعيداً عن التوهم بجمال وأستحال هذه الجميلة ومستحيلة . بل كان يجب أيضاً السؤال عن مستوى وموقع هذه الجميلة ومستحيلة ودورها الأكاديمي بين جامعات العالم . من العجائب المضحكة عن هذه الجميلة ومستحيلة أتذكر هنا قول أحد خريجيها ، وربما ينطبق هذا علي الكثير من طلابها أذ يقال أنه كي يبرهن علي ذكائه ، يفتخر بأنه لم يدخل مكتبة الجامعة قط طيلة دراسته . قادني للحديث في موضوع هذه الجميلة ومستحيلة ، ما يتداوله بعض خريجيها في صفحات الميديا من وقت لآخر. وهنا تتبادر إلي الذّهن عُدّة أسئلة في نهاية الأمر ، عن أي دور لعبته هذه (الجميلة ومستحيلة) في بلد بائس تعيس فاشل منهار مستمر في انهياره في شتى النواحي منذ استقلاله وحتي الآن؟ ما دور هذه الجميلة ومستحيلة في بلدٍ تسيطر عليه ديكتاتورية العسكر طيلة فترة استقلاله إلا قليلاً ؟ ما الدورالذي لعبته هذه الجميلة ومستحيلة وتلعبه حاضراً في بلدٍ ممزق الأوصال من شرقه إلي غربه ، إلي شماله مع انفصال جنوبه ؟ ما الدور الذي لعبته هذه الجميلة ومستحيلة في بلد يُعدّ في ذيل قائمة البلدان المتخلفة في شتى المجالات الإنسانية من سياسية ، إقتصادية اجتماعية، ثقافية ..ألخ ؟ ما هو الدور الإيجابي الذي لعبته هذه الجميلة ومستحيلة في بلد يضجّ شعبه بالخرافات والأساطير والشّعوذة والدّجل والصّراعات العبثية المختلفة ، أثنية ، عنصرية ، قبلية ، طائفية ، وصوفية .. ألخ . قد نفهم مدلِّكة العروس في مهمة تسويقها لنفسها وللعروس . كيف نفهم (تدليك) الجميلة ومستحيلة في زمن تتنافس وتتسابق وتتصارع فيه الجامعات في عالم اليوم لنيل القيادة والريادة العالمية من خلال ما تنتجه وتقدمه من علوم ونظريات وبحوث جادة في شتي المجالات الإنسانية المختلفة . أرجو أن أشير إلى أنه كان لهذه الجميلة ومستحيلة دوراً نضالياً في تاريخ ٍ مضى ولكنه دور باهت عند الحديث عن الدور العلمي المعرفي الفكري السياسي الاقتصادي الثقافي الاجتماعي في بلدٍ فاشل منهار في شتى النّواحي .. وللحديث بقية ..