أبوهريرة زين العابدين عبد الحليم الشمس تسطع بضوئها الذي لا تحجبه سحب على الجميع ، العربات والبشر والحيوانات في تآلف ، رياح تحرك خاوي القارورات والقاذورات واوراق قديمة وبقايا عشب ، اصوات الرقشات بدخانها المتصاعد تملأ المكان ضجيجا ، البيئة تُركت للشمس لا احد يهتم بها وكأنها لا تعني أحد. الركود سيد الموقف والكل يعاني فالباصات والحافلات سابقا كانت تمتليء بالركاب على عجل والان عليك الانتظار وكل شيء غالي على الناس لارتفاع الاسعار وقلة الدخل وضعف القوة الشرائية فكل شيء موجود ولكن لا مشتريين . الاقتصاد هنا تمساح فتح كفيه و ابتلع الفقراء ، فالحكومة لا وجود لها الا عبر التحصيل والجمع ولا خدمات ، ففي الطريق المتجه جنوبا من مدينة ربك هنالك تفتيش كل بضع كيلومترات والمرور يجمع الاموال عبر ايصالات بلا عنوان او رقم رخصة السائق او العربة والعسكري يعطي الايصال من ماكينة صغيرة ويمكن طباعة نفس الايصال لعدد من المرات ويجمع المال والخزنة جيبه فهو القاضي والحكم ويقال ان من في العربة هو مدير المرور نفسه فلا يوجد في كل العالم ذلك وهي مكان لفساد كبير ويجب تصحيح هذه الممارسة فورا . فيجب فصل عقوبة المخالفة والايصال تكون من اختصاص العسكري والمرور اما التحصيل فيجب ان يكون عبر محكمة للمرور او ان يدفع الشخص عبر مواقع للتحصيل او عبر تطبيق مثل بنكك لضمان وصول المال لوزارة المالية فمثلا في ضرائب الذهب يتم تصفير الماكينة ولا تذهب الاموال للحكومة الا القليل وكنت استمعت لشخص متخصص ونفس الشيء يمكن ان يحدث في ماكينة المرور فاذا لم يدفع الشخص تسحب رخصته او لا تجدد رخصته ورخصة السيارة اما ان يكون عسكري المرور هو المتحصل ومن يعطي الايصال ويطبق القانون فهذا مدخل لفساد كبير يجب أن يتوقف فورا. في الطريق المؤدي الى الجنوب ومن جنوب ربك تجد المعسكرات واولها معسكرات الذين نزحوا من الدمازين وتجد الخيام منصوبة بانتظام كتب عليها اسم وشعار اليونيسكو وتقدم المفوضية الاممية الطعام والماء لهم. وبعد المواصلة جنوبا تجد معسكرات من نزحوا من فيضان النيل الابيض حيث غرقت الجزر والشواطىء وهؤلاء قد بنوا اكواخ من القش ولم تصلهم الدولة او الاممالمتحدة بينما الجنوبيين يجدون بعض الخدمات من الاممالمتحدة في معسكراتهم وينتشرون في المدن الاقليمية وفي المواصلات والمدارس والجامعات والناس يتعايشون وكأن الانفصال لم يحدث، فقد تحدثت الى اثنين من الجيران من جنوب السودان في مدينة ربك فقال احدهم انه يدرس انجليزي والاخر عربي في الجامعة وامتحنوا من المدارس الثانوية هنا . ايضا هنالك وجود لبعض المصريين يعملون في التجارة وبعضهم دعاة ويقال انه مغضوب عليهم من النظام المصري وحضروا واستقروا ايام حكومة المخلوع و يعيشون وسط الناس ويزرعون الخضروات في المنازل ولكن عددهم قل مقارنة بالسنوات السابقة. بالنسبة للموسم الزراعي المطري فهو فاشل في اغلبه نتيجة لقلة الامطار وارتفاع التكاليف حيث عزف البعض عن الزراعة ومن اخذ سلفيات فسوف يعانون من ديون كبيرة اما "الجوكية" او يسمى بنظام "التشييل" فهو عبارة عن سلفية من نوع غريب فالمزارع المحتاج ياتي للتاجر المقتدر قبل الموسم الزراعي بان يطلب منه سلفية مقابل تسليمه ذرة ويقدر سعر الجوال بسعر اقل لحظة التسليف فمثلا ياخد سلفية لتسليمه عشرين جوال بتقدير سعر الجوال 15 الف جنيه ويكون السعر الحقيقي للجوال 40 الف اي يستلم المزارع المبلغ نقدا على ان يسلم المزارع التاجر 20 جوال بعد الحصاد بصرف النظر عن السعر وذلك لحوجة المزارع للتمويل وفي هذه الحالة مع فشل الموسم الزراعي فالمزارع يضطر للتسديد ببيع جزء من ماشيته لمن يملك او السجن. فكان يجب ان تقوم الحكومة بذلك عبر البنك الزراعي لتسليف صغار المزارعين ودعم المزارع وحتى في امريكا عند فشل موسم او قلة السعر وخسارة المزارع تقوم الحكومة بدعم المزارع و دفع فرق السعر او ما يسمى ب subsidies وحتى تشجع المزارع على الزراعة باعتباره امر استراتيجي. اما المشاريع المروية فحدث ولا حرج فقد فشلت صيغة تخصيصها عبر شراكة فمشروع الحديب الذي سطا عليه علي كرتي ما زال يعاني وايضا مشروع نايفور الرقيق حيث فشلت الشراكة مع شركة سكر كنانة لكهربة المشروع والشراكة مع المزارع وايضا فشلت صيغة الشراكة مع شركة اخرى وقد زرع حوالي 18 الف فدان من مساحة 32 الف فدان فمع فيضان النيل لدرجة لم تحصل قبلا فكل هذه المشاريع خاوية الا من اعشاب . فقد كانت تسمى هذه المشاريع مشاريع الاعاشة حيث يعيش الناس منها عبر دورات زراعية قطن وقمح وذرة وكانت توظف اعداد كبيرة من محاسبين ومفتشين وعمال . اما مشاريع سكر كنانة وعسلاية والنيل الابيض ومصنع اسمنت ربك فقد دمرت البيئة ولم تقدم خدمات لهذه المناطق والحكومة تحتاج لعمل شيء والزامهم به. بالنسبة للمستشفيات فرفعت الدولة يدها وهي عبارة اماكن متسخة ولا تقدم خدمات فاغلب الاخصائيين لا يحضرون ويعملون في عياداتهم الخاصة برغم انهم ياخذون مرتبات حيث يعاني المواطن وطلبة كليات الطب لا يجدون من يدربهم ويضطر المواطن للذهاب للعيادات الخاصة او السفر للخرطوم ومع رفع الدعم عن الوقود فاصبح كل شيء فوق طاقة المواطن العادي. اما الصحة العامة فقد انتهى امرها وكان سابقا ضابط الصحة مع عماله يجوبون المدن والقرى وينظفون الشوارع ويكشفون على اللحوم ويحاربون الباعوض فقد انتهت هذه الخدمة ونحتاج لاعادة نظام الصحة العامة وربطه بالمستشفيات والادارات المحلية. فقد انتشرت الملاريا والتيفويد وجرثومة المعدة وامراض اخرى مربوطة بالنظافة وصحة البيئة وتنقية مياه الشرب ، فالنيل الابيض بالقرب من القرى والمدن وابعد قرية تبعد حوالي عشرين كيلومتر من بالنيل الابيض ، فكان يمكن ان يشرب الجميع ماء نقي عبر شبكة مياه وصهاريج وتكون الاولوية الاولى لكل حكومة ان يشرب اي مواطن ماء نقي ويوفر للدولة اموال طائلة خاصة الصرف على العلاج نتيجة للامراض المربوطة بنظافة الماء والطعام وصحة البيئة فحتى البلهارسيا ظهرت مرة اخرى. ايضا مشاكل الأمن والسرقات مع الجوع فهنالك انتشار لجريمة السرقة والختف نسبة للجوع وقلة النقد وعدم وجود وظائف للشباب. اغلب هذه المشاكل ليست معقدة فقط نحتاج لارادة ومعرفة وتخطيط وربط الامر مع الحكومة المركزية وبرنامج قومي وتكون اولوية الاولويات معاش الناس وصحة البيئة والتعليم فمثلا من الدخل القومي لو وجدت ولاية النيل الابيض 200 مليون دولار يمكنها ان تحدث نهضة كبيرة. بعض المقترحات لعلاج القضايا العاجلة: – محاربة الفساد في التحصيل من شرطة المرور والزكاة والقبانة عبر فصل الايصال والعقوبة من المتحصل واستخدام تطبيق مثل بنكك وتقليل التعامل بالنقد والكاش ويجب ان يتم ذلك بشكل عاجل. – الصرف على صحة البيئة وان تكون اولوية الاولويات ان يشرب اي مواطن ماء نقي والتأكد من صحة الطعام والشراب عبر اجراءات. – توجيه المستشفيات بان يتواجد الاخصائيين بجدول ثابت عبر رقابة وتوفير ادوات التشخيص وان يمنع الطبيب الذي يعمل في الحكومة من ممارسة العمل في العيادات الخاصة وتوفير الادوية المنقذة للحياة وضمان وصولها للمحتاجين والا تتسرب للسوق الاسود مع تحسين الاجور للاطباء. – تعويض المزارعين الذين تضرروا من الموسم الزراعي ويعانون الاعسار او على الاقل ان تمنح الحكومة فقراء المزارعين عدد سبعة جولات زرة وحتى يستطيعون العيش الى الموسم القادم او تطبيق نظام الدعم الذي ابتدره د.البدوي وزيادته. – ايجاد شراكات عبر نظام التقنيات الحديثة واشراف الحكومة ووزارة الزراعة والولاية عبر اتحادات المزارعين او انتخاب جسم ليمثل المزارعين ويفاوض عبرهم لكي يتم زراعة هذه المشاريع لتحسين معيشة الناس وسوف يرجع عدد كبير من الشباب الذين تمتليء بهم المدن وسوف تكون هناك الكثير من الوظائف. – ايقاف توزيع الاراضي ومحاربة الفساد فيها. – الاستفادة من النيل الابيض وايجاد شراكات لتنظيم صيد الاسماك عبر طرق حديثة وتوفير النقل والتبريد والتصدير. – ايجاد دعم للاجئين والنازحين فوجودهم يرهق الخدمات من تعليم ومدارس ووظائف وصحة وصحة البيئة. – توفير الامن للمواطنين ومحاربة السرقة بحل الضائقة المعيشية وتوفير الوظائف للشباب عبر تعمير المشاريع. هذه اولويات واضحة لاي حكومة انتقالية قادمة واغلب مشاكل ولاية النيل الابيض تشابه الولايات الاخرى مع خصوصية كل ولاية ، فبعد الانقلاب مع عدم وجود رئيس وزراء وحكومة فكل المسئولين حراس ميس . لذلك علينا الاسراع باكمال الاتفاق ووضع برنامج عاجل لحل هذه المشاكل وتعيين رئيس وزراء لديه الفهم مع منحه برنامج واضح لحل مشاكل اهلنا فهذا او سوف نشهد مجاعة وانتشار واسع للامراض وسوف تواجه الحكومة ثورة الجياع فمشاكل الريف غير مشاكل العاصمة والمدن فهذا او الطوفان وثورة الريف مستمرة وقادمة.