عندما استعمر الإنجليز السودان في العام 1898م كانت الخلاوي تنتشر في أرجاء منطقة القضارف ، إذ كان هذا هو نمط التعليم السائد. أسس الاستعمار أول مدرسة بمدينة القضارف في العام 1908م ، وهي مدرسة القضارف الأميرية الأولية ، كواحدة من أوائل المدارس في السودان. لم يتوقف التعليم الحديث عند مدينة القضارف ، فبعد خمس سنوات تأسست مدرسة قلع النحل الأولية المختلطة ، وذلك في العام 1913م بإشراف مفتش المركز الإنجليزي ، وتم بناؤها بالعون الأهلي. وتأسست مدرسة كساب الأولية في العام 1914م . وشهدت تلك الحقبة تأسيس مدرسة الشوك الاولية. وبعد أكثر من ربع قرن من تأسيس المدرسة الأميرية أسس الاستعمار أول مدرسة بنات، الا وهي مدرسة ديم حمد بنات ، وذلك في العام 1934م. وأضحت هنالك ثلاث مدارس بمدينة القضارف الأميرية والاتحاد وديم حمد. لا شك أن المدرسة الأميرية قد لعبت دورا كبيرا في تشكيل تاريخ القضارف الحديث ، فقد مضى على تأسيسها 115 عاما وخرجت أكثر من أربعين دفعة في عهد الاستعمار ، وقرابة ضعف هذا العدد في العهد الوطني. ومن أبرز الذين تلقوا تعليمهم بالمدرسة الأميرية الصحفي محمد الخليفة طه الريفي في العشرينات من القرن الماضي، والشاعر محمد عثمان صالح كجراي ، وغيرهم كثر. لا تتوفر معلومات تذكر عن المدرسة الأميرية في مواقع الانترنت . وفي محاولة للمساهمة في سد هذا النقص كانت هذه الجلسات ، في ذكرى الاستقلال يناير 2023م ، مع العم عثمان حسين حرسي ، أحد خريجي المدرسة في اربعينات القرن الماضي. درس حرسي في مدرسة القضارف الاميرية الأولية في الفترة 44 – 1947م . في تلك الفترة كان كل طالب يدفع للمدرسة ريالا شهريا ، ولكن إذا كان هنالك أشقاء يدفع أكبرهم فقط بينما يدرس الآخرون مجانا . وتوفر المدرسة الكتب والكراسات والحبر وكتب أجزاء القرآن مجانا . لم يكن هنالك زيا موحدا للتلاميذ. ويهتم المعلمون بنظافة تلاميذهم. درجت المدرسة على تنظيم رحلات إلى المدن او القرى التي بها مدارس : قلع النحل ، الشوك ، كساب. يسافر التلاميذ إليها باللوري ، ويلتقوا برصفائهم في مدارس تلك المدن الصغيرة ، ليتنافسوا معهم في لعبة كرة القدم ، ويقدموا التمثيليات. كانت المدرسة تنظم احتفالين اثنين سنويا ، في عيد ميلاد الملك جورج السادس وعيد ميلاد الملك فاروق . وتصرف لأي طالب قطعة قماش ، خمس ياردات من الدمورية ، في مناسبة هذين العيدين . وينظم مهرجان كبير يتضمن منافسات شتى: سباق المائة ياردة ، القفز كرة القدم ، لعبة البيضة والملعقة . ويهتف التلاميذ (عاش الملك جورج السادس) و(عاش الملك فاروق الأول) حسب العيد. وقد عاصرت دفعة عثمان حسين حرسي مفتشين إنجليزيين هما : دنقول وبلفور. كان المناضل/ سليمان عبدالله سليمان ، من المعلمين الذين درّسوا في المدرسة الأميرية في وقت سابق . كان يأتي إلى المدرسة بقامته الفارعة وجلبابه الأبيض الناصع وعمامته الانيقة وعصاه التي تلازمه، كان سليمان يتسم بالشجاعة ، ويرى حرسي أن أمارات الصلاح تظهر على وجهه . عندما يأتي سليمان إلى المدرسة كان ينسق مع إدارة المدرسة والمعلمين وتتاح له فرصة التدريس. يختار سليمان أن يدرس المطالعة لطلاب السنة الرابعة ويعمل على توعية الطلاب بمخاطر الاستعمار . ويحدثهم عن دروس المطالعة المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ، يقول لهم أن درس (طه القرشي مريض) يقصدون به الرسول الكريم ، ودرس (محمد الطماع) يقصدون به النبي صلى الله عليه وسلم ، ودرس (عمر الكذاب) يقصدون به عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ويقول لهم أن الإنجليز ظالمين ويريدون أن يحطموا البلاد ، ويثير حماسة الطلاب ليخرجوا في مظاهرة هادرة إلى مقر المفتش الانجليزي ، وهم يهتفون (يسقط الاستعمار) و(عاش كفاح السودان) وعندما يصلوا مقر المفتش يتلو المناضل سليمان مطالب المذكرة ويسلمها للمفتش . كان طلاب الصف الرابع فقط هم الذين يخرجون في المظاهرة ، دون طلاب السنوات الدنيا. في إحدى المظاهرات بعد تسليم المذكرة حرك سليمان الموكب تجاه منزل المناضل احمد الياس ، الذي كان مريضا. توقف الطلاب أمام المنزل وهم يهتفون (يسقط الاستعمار) و(عاش كفاح السودان) ودخل سليمان إلى رفيقه أحمد الياس. لم يكن المعلمون يشاركون في المظاهرات ، لكنهم كانوا يتيحون المدرسة لسليمان عبدالله سليمان ، ربما كان ذلك من قبيل تقسيم الأدوار المطلوب في أزمنة الاستعمار الباطشة. كان يطلق على المعلم وقتذاك صفة "الشيخ"، وقد بذل أولئك المعلمون ما في وسعهم لتعليم التلاميذ ، في وقت كان التعليم نادرا في سائر البلاد. معلمو المدرسة الأميرية 44 – 1947م : 1/ عثمان العوض ود الككر/ الناظر (خلفه الشيخ أبو القاسم الختام) . 2/ الشيخ/ ابراهيم عوض الكريم ابو سن/ نائب الناظر . 3/ الشيخ/ الطيب الامين تخصص في القرآن ويجيد اللغة العربية. كان رجلا حليما وطيبا له طريقة في التسميع يبدأ التلميذ من حيث يتوقف زميله ، مما يؤدي إلى زيادة تركيز وانتباه التلاميذ. من الجمل التي كان يرددها (مهنة الآباء يتخذها الأبناء). كان يسكن فريق البقر (حي النصر لاحقا) . 4/ الشيخ سلمان 5/ الشيخ عبد الله الخليفة طه الذي كان ينادي بلازمة (يا صبي) وكانت محببة لتلاميذه. 6/ الشيخ إدريس محمد إبراهيم 7/ الشيخ بشير عبد القادر من ديم بكر إن الشيخ/ أحمد الطيب عبدالحفيظ ، الذي كان معلما بالمدرسة الاميرية ، ترقى في مدارج التعليم إلى أن نقل الى الدويم عميدا لبخت الرضا. طلاب المدرسة الأميرية 44 – 1947م : إن الله قد حبا عمنا عثمان حسين حرسي بذاكرة قوية ، ربنا يحفظه ويطيل في عمره. وكان حرسي محبا للناس متواصلا معهم في الأفراح والأتراح ، ويسأل عن أخبار الغائبين وأحوالهم ، لذلك استطاع حرسي ان يذكر جميع ابناء دفعته (تقريبا) الذين وصل عددهم إلى قرابة السبعين ، بمن فيهم العائدين من الدفعة السابقة والمنقولين. شارك معظم هؤلاء الطلاب في مظاهرات العام 1947م ، إذ أنهم قد بلغوا الصف الرابع حينذاك. لم يتخلف إلا من توفي أو نقل قبل السنة الرابعة. سنورد أسماء الطلاب أدناه مع ذكر المهنة التي اتخذوها لاحقا: عوض محمد عجب الدور / معلم طه طيفور طاهر / معلم جلال عبد الدائم بشير حي / معلم يوهنس ابرها قزها / معلم بالمدارس الإنجيلية. فاروق عثمان الحسين / معلم عمر محي الدين شرف الدين / معلم أحمد بخيت مختار / مكتب التعليم علي اسماعيل /بروفيسور كلية الزراعة بجامعة الجزيرة احمد فضل الله احمد / عالم كببر كرار كشة / دكتور بيطري عثمان حسين عبد الرحمن / مهندس معماري عبد المنعم بابكر ابو دبل / مدير بنك عثمان بلة الحردلو / رئيس حسابات المجلس الشمالي (البطانة) .عبد الوهاب محمد نصر الدين / البوستة والتلغراف علي احمد الجاك / البوستة والتلغراف نجم الدين عمر بخيت / البوستة والتلغراف عثمان محمد عوض السيد / نائب مدير البنك الزراعي بابكر مصطفى الرومي / مدير مكتب علي ماقيت عز الدين النور خميس / لواء بالقوات المسلحة محمد مصطفى احمد عبد الله / نقيب بالقوات المسلحة بخيت ابراهيم عبد الله / موظف بأسواق المحاصيل جلال سعيد حسين / موظف بأسواق المحاصيل بابكر مصطفى أحمد بدوي / مدير مكتب والي القضارف عبد الله عباس / مهندس بالاشغال محمد عبد الرحيم محمد خير شنان / ضابط بالجيش عبد الرازق عبد الباري الشيخ / أمين مخازن النقل الميكانيكي السر الشريف / معلن بالميكرفون (دلالات – سينما – مباريات كرة القدم) عوض الكريم ابو عاقله/ اسواق المحاصيل عبد الواحد عبد الرحمن حاج علي الكردي / فني سينما "السينما الوطنية" عثمان حسين حرسي / عسكري جيش ومهن عديدة حمد محمد حمد ابو سن / قاضي خشم القربة امين ميخائيل قابريال / ورشة في المنطقة الصناعية جرجس وديع / مشاريع زراعية حسن بخيت جيلاني / تاجر ومزارع رئيس المجلس التشريعي ، وعضو لجنة التعليم الأهلي مكرم جريس / تاجر ومزارع الشريف/ عبد الباقي الشورابي / شيخ خلاوي الزين آدم الزين / ناظر الحلاويين عبد الله حبيب الله / ميكانيكي بالنقل المكانيكي عبد الرحمن الحاج محمد علي / تاجر ومزارع دفع الله مكي / أعمال حرة عبد الوكيل بخيت جيلاني / تاجر ومزارع محمد حامد محمد عبد الله اسناي / سلاح الإشارة حسان محمد عمارة / نجار بالمجلس الشمالي السر محمد علي البربري / جزار حسن صديق كرجوس / جزار ابراهيم البلال / تاجر ومزارع هاشم الشريف أبو كرد / أعمال حرة سيد الشريف الطاهر / سواق نوح حسن حاج علي الكردي / تاجر عبد الغفور حسن حاج علي الكردي / سواق بالصومعة صلاح عبد المجيد الكردي / أعمال حرة هاشم علي تركمان / موظف حامد سلطان / سواق بالمجلس الشمالي عثمان احمد عوض الكريم كبوشية / تاجر حسن عمر الجزولي / مزارع جنائن ومربي أبقار هاشم امام مدلل / يعمل بمدينة خشم القربة ود حسون / تاجر محمد بابكر زيدان / تاجر مستلزمات الاعراس عبد الهادي عبد الرحمن الحاج عبد الرحمن/ كان خطيبا مفوها، والده يعمل بالسكة حديد وتم نقله عمر مصطفى السروجي / رحلوا من القضارف مبكرا عبد الكريم بشير مصطفى / صايغ ورئيس الصياغ عثمان فضل الله مصطفى / شرطي عمر خضر خلف الله / استقر في الخرطوم ادم محمد عيسى (تم نقله من المدرسة) عثمان محمد عيسى (تم نقله من المدرسة) احمد علي بابكر / كان يدرس بجامعة الخرطوم وتوفي في حادث حركة محمود محمد صالح / كان يدرس بجامعة الخرطوم وتوفي في حادث حركة النعيم مهدي (توفي اثناء الدراسة بالأميرية) .