العديد من الدلائل التاريخية تربط موسى النبي بأرض النوبة الجنوبية ، السودان حالياً ، فالأدب التلمودي يين لنا أن موسى صار ملكاً على مملكة صغيرة داخل مملكة كوش وتزوج من الملكة الكوشية أودنيت. ويسفلد : هذا الرجل موسى ، بلوخ للنشر 1966 ص 42 وتبقت رواسب لون موسى الأسود في الثقافة اليهودية ، ونقلت عنها الثقافة العربية ، ففي حديث النبي محمد (ثم صعدت إلى السماء السادسة ، فإذا فيها أدم طويل أقنى وكأنه من رجال شنوءة ، فقلت له : من هذا يا جبريل؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران). ويشرح إبن هشام قائلاً ان (الأدم : هو الأسود والأقنى : ما إرتفع أعلى أنفه وإحدودب وسطه وسبغ طرفه) ! إبن هشام : السيرة النبوية ، الجزء الثاني ، ص 407 . وتعني كلمة كوشي כּוּשִׁי بالعبرية حتى اليوم الشخص الأسود . ويشير التاريخ اليهودي في رواية آخرى إلى أن موسى النبي قد تزوج إبنة الملك الكوشي ثاربس. روهل : فراعنة و ملوك ، كراون للنشر ، 1995 ص 260 والثابت حتى في نصوص التوراة نفسها أن موسى قد تزوج بإمراة كوشية ، ولكن التوراة تحجب المكان الذي إلتقى فيه موسى بتلك الفتاة الكوشية. (وَتَكَلَّمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُونُ عَلَى مُوسَى بِسَبَبِ الْمَرْأَةِ الْكُوشِيَّةِ الَّتِي اتَّخَذَهَا ، لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ امْرَأَةً كُوشِيَّةً) . عدد 1 – 12 ورغم أن التحديد الجغرافي والعرقي في النص التوراتي جاء قاطعاً ، كما جاء في قصة شخصية كوشية آخرى وهي شخصية عبد ملك الكوشي إرميا : 38 و هذا لا ينفي أن موسى قد يكون إتخذ إمراة آخرى من مدين ، فتعدد الزوجات كان منتشراً للغاية. تأثر موسى بمعتقدات إخناتون الذي تربى معه في بلاط أمنحوتب الثالث وبمعتقدات طائفة آتون وقائدتها الملكة تي ذات الجذور النوبية ، وتربى الفتى الكوشي بينهم ، ، كما بينا في الجزء الأول ، وصار ملكاً على أرض النوبة ، ثم كر راجعاً إلى مصر بعد تمرد أهلها عليه بسبب معتقداته الإخناتونية ، فأعلن إنضمامه رسمياً إلى ديانة إخناتون ، ويقود فلول مؤيديها إلى جنوبفلسطين بعد سقوط إخناتون ، متحالفاً مع العبريين الفارين وقتها من عبوديتهم في مصر واجداً بينهم أرضاَ خصبة لدعوته . لم يكن موسى قادراً على الهروب جنوباً إلى أرض النوبة ، فهو قد لاقى شبه المصير الذي لاقاه إخناتون من قبل كهنة الإله آمون ، كما أن حلفائه الجدد من العبريين فضلوا الهروب شرقاً لنشر ديانة صارت لها تأثيراتها الكونية فيما بعد. كان القائد العبري هارون هو الحليف الأكثر أهمية لموسى بين القادة الأخرين ، وقد أطلقت عليه النصوص التوحيدية أخا موسى مجازاً. فموسى لا يتقن العبرية ، وكان لا بد له من الإستعانة بقائد يجيد كلا من العبرية والمصرية القديمة. ويتستر النص التوارتي وراء ثقل لسان موسى لتغطية عدم إتقانه العبرية ، ففي التوراة يخاطب موسى الرب غاضباً !: فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ : «اسْتَمِعْ أَيُّهَا السَّيِّدُ ، لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلاَمٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ ، وَلاَ مِنْ حِينِ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ ، بَلْ أَنَا ثَقِيلُ الْفَمِ وَاللِّسَانِ». 11 فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ : «مَنْ صَنَعَ لِلإِنْسَانِ فَمًا؟ أَوْ مَنْ يَصْنَعُ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى؟ أَمَا هُوَ أَنَا الرَّبُّ؟ . 12 فَالآنَ اذْهَبْ وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَأُعَلِّمُكَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ». 13 فَقَالَ: «اسْتَمِعْ أَيُّهَا السَّيِّدُ، أَرْسِلْ بِيَدِ مَنْ تُرْسِلُ». 14 فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى مُوسَى وَقَالَ : «أَلَيْسَ هَارُونُ اللاَّوِيُّ أَخَاكَ؟ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ يَتَكَلَّمُ ، وَأَيْضًا هَا هُوَ خَارِجٌ لاسْتِقْبَالِكَ . فَحِينَمَا يَرَاكَ يَفْرَحُ بِقَلْبِهِ . 15 فَتُكَلِّمُهُ وَتَضَعُ الْكَلِمَاتِ فِي فَمِهِ، وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَمَعَ فَمِهِ، وَأُعْلِمُكُمَا مَاذَا تَصْنَعَانِ. 16 وَهُوَ يُكَلِّمُ الشَّعْبَ عَنْكَ. وَهُوَ يَكُونُ لَكَ فَمًا، وَأَنْتَ تَكُونُ لَهُ إِلهًا». خروج : 4 إن إعتراف اليهود بعدم معرفة موسى للغة العبرية ينسف الديانة اليهودية من جذورها ، لذا لجأت الأسطورة اليهودية إلى الإختباء وراء ثقل لسان موسى وتلعثمه بإعتباره بطئاً في الكلام مع أن معنى ثقل اللسان في التوراة مترادف لعدم معرفة اللغة وذلك حسب المعنى التوراتي الوارد في نص أخر : 4 فَقَالَ لِي : «يَا ابْنَ آدَمَ، اذْهَبِ امْضِ إِلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَكَلِّمْهُمْ بِكَلاَمِي. 5 لأَنَّكَ غَيْرُ مُرْسَل إِلَى شَعْبٍ غَامِضِ اللُّغَةِ وَثَقِيلِ اللِّسَانِ ، بَلْ إِلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. 6 لاَ إِلَى شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ غَامِضَةِ اللُّغَةِ وَثَقِيلَةِ اللِّسَانِ لَسْتَ تَفْهَمُ كَلاَمَهُمْ. فَلَوْ أَرْسَلْتُكَ إِلَى هؤُلاَءِ لَسَمِعُوا لَكَ.!!! . حزقيال:3