بسم الله الرحمن الرحيم وأفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد . الكثيرون يرددون : (أن البلاد في منعطف خطير ، ومقبلة على أمر جلل ، وتبدو وكأنها تسير بخطى متسارعة نحو السقوط/الإنهيار/الهاوية) ومثل هذه المقولات يتم ترديدها وتداولها كثيراً حتى أنها أصبحت لا تثير المشاعر أو القلق أو ربما حتى الإنتباه ، وذلك على الرغم من أن المعطيات والوقآئع والشواهد تشير إلى أن هذه المقولات ما هي إلا إحدى السيناريوهات الحقيقية والقابلة للحدوث من حيث وجود كل المعطيات والعلامات الدالة عليها مثل : – ولوغ العسكر العبثي في الحياة: السياسية و الإقتصادية والدينية و الإجتماعية والثقافية والرياضية والفنية – ظن العسكريين بأنهم ، وبقوة السلاح ، الأجدر والأوصيآء على جميع الشعوب – تفاقم/تعاظم أمر المليشيات وأمرآء الحروب وممارساتهم الهزلية للسياسة وتناولهم المخجل للأمر العام – التناحر والتنافس والغمز واللمز والطعن الدآئر بين العسكريين وقادة المليشيات والحركات المتمردة – كميات السلاح وأدوات الدمار المهولة المتداولة في البادية والحضر والتي تفوق الخبز/النيات الحسنة في وفرتها – إذكآء النيران إلى جانب المكآئد والدسآئس التي يدبرها أفراد و أعوان نظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) وسعيهم الدؤوب إلى العودة إلى سدة الحكم . – تصدر الأرزقية والطفيلية السياسية والسواقط الحزبية والفواقد التربوية المشهد السياسي والأمر العام بكامله ، وتورم ذواتهم الغير منطقي حتى ظن بعضٌ/ كثيرٌ من الفاعلين والمراقبين أنهم شحم!!! . – العبث والفساد واللامعقول والهَردَبِيس الذي أصبح السمة المميزة للساحات: السياسية والتنفيذية والإقتصادية . – تعاظم الإقتصاد الطفيلي – اللامبالاة وتفزم قامات الرجال (من جنس الإناث والذكور) ، والأنفس التي صغرت حتى عجز القادرون عن التمام . – التدخل السافر للدول والدوآئر الأجنبية في الشأن الداخلي للبلاد . ويعتقد كثيرون أن الإنهيار يكون جلياً وأكثر وضوحاً عندما يصير الوطن وهمومه والفعل قصيدة أو أغنية أو مقال أو صورة/لوحة تتناقلها أسافير الشبكة العنكبوتية بكثافة… و يعتقد كثيرون أن الإنهيار يكون يقيناً عندما يقل الفعل والعمل ويطغى ويكثر ويتعاظم الحديث عن : – التحسر على الماضي التليد والمجد العريق والإنسان/الزول الفريد . – إستخدام المفردات من شاكلة: كان وسيكون وسوف وليت ولعل ولو و (ح) – الموارد والثروات الهآئلة الغير مستثمرة أو المنهوبة . – التدخل الأجنبي والعمالة ورمي اللوم على الأجنبي الذي ما كان له أن ينهب ويسرق من غير العون والتسهيل الداخلي/المحلي – الفرص الضآئعة والتباكي على ما حدث و ما يفترض له أن يكون . – أثر الإستلاب الأجنبي في الثقافة والآداب والفنون . – خجل الأفراد من ألوان سحناتها ومنطوق ولحون ألسنتها . – الخطاب الجهوي/ العنصري والأخير من أخطر مظاهر الإنهيار خصوصاً عندما يصدر من جماعات "المثقفاتية" والمتنفذين… وقد بلغ الخطاب الجهوي/العنصري شأواً عظيماً مما أدى إلى تولد خصومات فاجرة وبغيضة تجاوزت مرحلة الصلح والوفاق ، وخَلَّفَت ورآءها جروح عميقة وآثار مدمرة لا يمكن علاجها بالمقالات والقصآئد والأغاني الوطنية واللقآءات والأحاديث وورش العمل ومؤتمرات الحوار وجلسات الصلح وأحاديث المكاشفة والمراجعة وتوقيع المواثيق والتفاهمات وإطلاق الإعلانات… وقد أصبح الخطاب العنصري والحديث عن التهميش وحتمية إعادة صياغة الدولة السودانية على أسس جديدة مدعاة للإسترزاق السياسي/الإقتصادي ومطية لإستنزاف المشاعر الوطنية بل ووسيلة للثرآء الحرام ومدعاة للسخرية والمسخرة… والغريب أن الكثيرين من عامة أهل البلاد يصنفون أنفسهم في جماعة اللاعنصريين ، لكن مرارة الأحاديث والخطابات العنصرية الصادمة الصادرة من "مثقفاتية" و "مستنيري" أهل "الهامش" وبعض من قادة الحركات المتمردة المسلحة والذين من دونهم تجعل الكثيرين من عامة أهل البلاد (الناس الساكت) يَشُكُّونَ في أنفسهم وفي صدق دواخلهم ونواياهم ، مما يجعلهم ينتقلون بأنفسهم من حالة الشك إلى مرحلة الظن أو ربما ظن اليقين أو يقين اليقين بأنهم يمتلكون حقاً رقيق وزرآئب نخاسة من حيث لا يعلمون!!!… الشاهد/ الواقع أن البلاد والدولة وفي ظل تعنت وتمسك العسكر بالسلطة وتغلغلهم في أركان الدولة والمجتمع وإنتشار السلاح وتفشي الفساد وطغيان خطاب الكراهية وفي غياب العقلآء والقيادات الوطنية الفاعلة/الحكيمة مقبلة لا محالة على الإنهيار وبخطى متسارعة ، وربما تتشظى وتعود إلى دويلات صغيرة كما كانت على أيام السلطنات القديمة والدويلات وغيرها… وحينها تصبح البلاد من فصيلة جمهوريات الموز الضعيفة من غير ذات الشأن ، والتي لا حول لها ولا قوة… دويلات تتنازعها وتتملكها وتديرها عصابات تأتمر بأمر دول الجوار والإقليم والعالم العريض… الدويلات مصدراً دآئماً : لعدم الإستقرار والقلق العالمي وكذلك العبيد المقاتلين/المرتزقة والعمالة الرخيصة والذهب واليورانيوم والمعادن الثمينة والمراعي الطبيعية الغنية ومنتجات بهيمة الأنعام ، ذلك إلى جانب أنها مساحة شاسعة متاحة من الأراضي العالية الخصوبة التي تنتج البهارات والصمغ العربي والمنتجات الغذآئية الأخرى وكذلك العلف و البنقو (القنب الهندي) وربما القات!!!… وهنالك من يعتقد أن ما ذكر أعلاه تخاريف وفزاعات تبتغي بث روح التشآؤم والخوف بين العالمين… وهنالك من يظن يقيناً أنه لم يكن هنالك أصلاً وطن في المقام الأول حتى يخشى له من الإنهيار ، وأنما توجد تهيؤات وتفاعلات من شاكلة ما يسمى الحنين العارم إلى الأمكنة والذكريات الجميلة ، وإلى وطنِ جدودٍ هو في أصله (هَردَبِيس) جغرافي/ سياسي صاغه/ صنعه المستعمر (المحتل) البريطاني على عجالة لخدمة مصالحه في المنطقة ، أو هو على أفضل الأحوال وهم/ حلم جميل متصور ومرسوم في أحسن حال وأبهى صورة في خيال وأدمغة مثقفاتية مندمجين في تواصل إجتماعي في طبقات وحجرات ومنتديات إفتراضية تضمها أسافير الشبكة العنكبوتية اللامتناهية… الخلاصة : تظل الحقيقة الثابتة والواقع الماثل أن إحتمال إنهيار الدولة لن ينتفي إلا عندما يهجر العسكر وحملة السلاح والأرزقية والطفيلية السياسية والسواقط الحزبية والفواقد التربوية التدخل في الشأن السياسي وبالصورة العبثية/الهزلية/ المهزلية/ اللامعقولة الماثلة أمام الأعين… و(قَصرُو) : أن لا بد من أو يجب التفآؤل والبحث عن حلول… لكن يجب الإدراك/ الإتفاق أولاً على أن البحث/ إيجاد الحلول لا يعنيان مطلقاً قبول الظلم أو السكوت عنه أو الخنوع للطغيان أو قبول الدنيئة… ولا مناص/ بد من إستمرار الثورة ، ومن أن يظل أمل الشباب في دولة المدنية والقانون حقيقة قآئمة وقابلة للحدوث مهما طال الزمن ، وأن يعلم الثوار أن الطاغية جبان ودليل جبنه عنفه المفرط… وأن لا بد من التغيير… ويجب معرفة حقيقة أن حدوث التغيير يتطلب جهد وأناة وصبر وزمن… ومع كل ذلك فيجب الإيمان بأن الثورة منتصرة والتغيير قادم لا محالة وفي معيته الوعي… وختاماً : فإن الحل في أن يرفع العسكر والمتعسكرون وأذنابهم من الطفيلية السياسية والإنتهازية والأرزقية والسواقط الحزبية والفواقد التربوية أياديهم وتدخلاتهم في السياسة وأمور الحكم والدولة في بلاد السودان ، طوعاً أو كرهاً ، حتى لا تنهار الدولة على رؤوس الجميع… وحتى إذا ما إنتصرت ثورة الحرية والتغيير وكيما يقوى عودها وتبلغ أشدها فلابد من دولة المؤسسات والقانون ، دولة القانون التي تعاقب المذنب والمجرم والمفسد والمسيء… إن سيادة القانون والمؤسسية كفيلتان بإبعاد الجماعات المذكورة أعلاه وجميع المفسدين من المشهد السياسي/ الإقتصادي نهآئياً مما يفسح المجال لأبنآء السودان القادرين حتى يتقدموا الصفوف و ينجزوا… وحتماً لن ينتصر الظلم وسوف يسود القانون وسوف تكون العدالة… والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد.