بعد أن تنتهي هذه الحرب الفظيعة ، هناك الكثير من المراجعات التي يجب أن تتم، والكثير من الأسئلة التي بحاجة للإجابة ، والكثير من المسلمات والبديهيات ، التي يجب التوقف والتفكير فيها. ومن هذه البديهيات أنه عندما تندلع حرب ؛ في أي دولة من الدول ، يسارع المواطنين بدعم جيشهم ؛ دون تفكير أو تردد ؛ ولسان حالهم يقول : "جيشٌ واحد .. شعبٌ واحد". لأن ذلك هو البديهي . كأي مسلمة مستقرّة في "الوجدان الثقافي الوطني" .. فكيف أصبحت هذه المسلمة ؛ موضع شك وتساؤل ، في حرب (البرهان/ دقلو)؟! . تعود بداية الحكّاية ، إلى (المجازر) التي ارتكبها (الإسلامويون) منذ اعتلائهم للسلطة في 30 يونيو 1989م ، فحتى الآن آلاف الضحايا سقطوا برصاص عناصر "الحركة الإسلاموية" في الجيش والأجهزة الأمنية ، بدءًا ب(شهداء رمضان 1990م) مروراً بالذين قُتلوا تحت وطأة التعذيب ؛ في المعتقلات. وضحايا الحرب الرَّهيبة في (المناطق المهمشَّة) ، والمجازر البشعة ، التي أُرتكبت في حق المتظاهرين السلميين في 2012م و2013م ، والتي بلغت ذروتها ضد الحراكات الجماهيرية ، في "مجزرة القيادة العامة" في 2018م ، واصطياد الثوار الشباب اليافعين ، المسالمين بالرصاص كالعصافير. ظلت عناصر "الحركة الإسلاموية"، "داخل الجيش والأجهزة الأمنية"، خلال أكثر من ثلاث عقود ، تتصرف كأنها تخوض حرباً ضد عدو خارجي، فهي ليست كمن تعتقل سياسياً مدنياً "قال رأيه"، أو تفرق بطريقة مشروعة مظاهرة سلمية ؛ تطالب بالحرية والسلام والعدالة. فدائماً يخلف سلوكها وراءه؛ العديد من الضحايا ، الذين لا يجدون إجابة لسؤال : لماذا يُعتقلون ، ولماذا تُساء معاملتهم ، ولماذ يُقمعون ؛ ويتعرضون لكل صنوف التعذيب والاذلال ؛ وتُمتهن كرامتهم الإنسانية بكل هذه القُسوَّة ، وبطبيعة الحال لا يجدون العدالة ، بالاقتصاص ممن اعتقلوهم وعذبوهم وشردوهم ، وأحرقوا قراهم ومزارعهم ؛ ونهبوا ممتلكاتهم ، واغتصبوا بناتهم ونسائهم ، على مرأى من عيونهم . ولا يجد من يبقى على قيد الحيَّاة منهم ، سوى التسويف والروايات الكاذبة والمماطلة! لا يمكن للسودانيين ؛ أن ينسوا اغلاق الميناء ، واعتصام الموز، وانقلاب 25 أكتوبر 2021م ؛ الذي أعاد كل (زبانية وفسدة النظام البائد) ، الوالغين في دماء الشعب ، السارقين لأمواله وثرواته ، الذين زّجت بهم قرارات (لجنة التمكين) في السجون ، أو احالتهم للصالح العام ، إلى المشهد السياسي والاجتماعي ، والخدمة المدنية والنظامية ، ومكنتهم مرَّة أخرى من مفاصل البلاد ورِّقاب العباد. فيما ذاكرة الشعب لا تزال دماء (مجزرة القيادة العامة) تسيل بين تلافيفها دافئة ، لم يتسنى لها الوقت الكافي بعد لتصبح ذكريات ، ظلت عناصر الحركة الاسلاموية ؛ دؤوبة في إحياء وتغذِّية هذه الذاكرة ؛ بارتكابها للمزيد من الجرائم ؛ التي تقضي على أي محاولة للنسيان أو الغفران . بقنصها الثوار المسالمين ، وسحلهم بعربات ومدرعات الجيش ، في كل "الحراكات الجماهيرية"؛ التي تلت انقلاب 25 أكتوبر 2021م خلال 34 عاماً -منذ 1989م حتى الآن- لم توفر "عناصر الحركة الإسلاموية" في الجيش والأجهزة النظامية ، دَّم أحد من المواطنين ؛ الذين يخالفونها الرأي . ظلت تمارس الإقصاء والتشريد والفصل التعسفي والتهديد و القتل والتعذيب ، دون رَّحمة.. خلال 34 عاماً ؛ ظلت "عناصر الحركة الاسلاموية" تخوض حرباً ضروساً ضد هذا الشعب ، لذلك كان من الطبيعي أن لا تجد التعاطف ، مع حربها ضد (الدعم السريع)، فالشعب ينظر للدعم السريع كأحد ادوات البطش والتنكيل ، التي لطالما استخدمتها الحركة الإسلاموية ضده ، سواءً في (الأطراف 2003م – 2014م) إبتداءً ، أو في (المركز) لاحقاً ، عندما بدأت تستخدم الدعم السريع في قمع التظاهرات والحراكات الجماهيرية. كيف يتعاطف الشعب ؛ مع جيش يشك أنه تم "تغريبه عن وظيفته"، فأصبح مجرد أداة للحركة الإسلاموية ، على أنقاض (الجيش الوطني القومي) ، الذي انقلبت عليه في 30 يونيو 1989م ، وأعدمت خيرَّة قادته من شرفاء الضباط. ليس هذا فحسب ، العنجهية والصلف والغرور والتهديد و"قلة الأدب وسؤ التربية"، التي لطالما مارسها رموز وأزيال (النظام البائد) ، في التعامل مع (جماهير الشعب)، واستعادة هذا السلوك نفسه مرَّة أخرى ، في (خطابات الفلول) مؤخراً في القنوات ك(طيبة والرائد) ، ووسائل التواصل الاجتماعي ، واستفزاز مشاعر الناس ، بهذا السلوك العدواني الاستعلائي المريض ، ب(ظهورهم العلني) ، خلال الأشهر القليلة ، التي سبقت هذا الانقلاب الدّموي ، الذي سرعان ما تحوَّل إلى (حرب شرسة) قتلت المواطنين الأبرياء ؛ دون سابق انذار. ودَّمرت البُنية التحتية والزرع والضرع ، وادخلت البلاد في جحر ضبٍ خَرِبّْ ، حتى باتت مهددة بالتجزئة والانقسامات. كل هذا الركام من الوقائع ؛ خلال 34 سنة يُثقل القلب ، ويقتل أي رّغبة في التعاطف ، مع جيش وظيفته منذ تم اختطافه من الحركة الاسلاموية هو قتل شعبه! . __________ # الإيقاف الفوري لإطلاق النار، والعودة إلى طاولة المفاوضات أولوية شعبنا . # معالجة الأوضاع الانسانية وحماية المدنيين واجب الساعة . # لا للحرب .. نعم للتفاوض .