مع اول طلقة للتمرد سلما نفسيهما الي الجيش ، فطلبوا منهم الذهاب الي بيوتهم لعدم الحوجة، الآن هم في خط النار، والصفوف الامامية للقتال. كليهما من تروس ديسمبر المجيدة ، تعرفهم امدرمان ولجان مقاومتها ، وتروسها. يشرفهم بأنهم من الضباط الوطنيين المفصولين تعسفياً بأمر المشروع الحماري سيئ الذكر.. وليد التوم من ضباط الدفعة 37 الاشاوس أُحيل الي الصالح العام في رتبة صغيرة، وقاتل الإنقاذ، وكان من اشرس المُقاتلين في صفوف قوات التجمع التي تمت المؤامرة عليها، فأصبح جنودها، و قادتها بين المنافي ، ومواجهة مصير الداخل الذي يعيشه كل الشعب السوداني.. من ابرز هؤلاء القادة سعادة العميد احمد خالد الذي يعيش في استراليا، وقد تشرفت بالتواصل معه قبل قيام هذه الحرب اللعينة بأيام ، فكانت آخر كلماته داعياً الله ان يحفظ السودان من ايام عصيبة ، وكأنه كان يعيش وسط هذه الحرب قبل ان تندلع ، فهذه فراسة القادة. الفدائي وليد التوم ظل في ذات خندقه حتي قامت ديسمبر المجيدة ، وكان احد تروسها.. امير بلتاجي من ضباط الدفعة 40 من شرفاء الجيش السوداني المفصولين تعسفياً في سن العطاء.. احد تروس ديسمبر المجيدة ، ومن ايقونات إعتصام القيادة.. معلومة لا يعرفها الكثيرين.. هذا الثنائي قاموا بمبادرة اعادت قوى الحرية والتغيير، والمجلس العسكري الي طاولة التفاوض ايام الوثيقة الدستورية ، ونجحا في ذلك وذهبا حال سبيلهما .. كتجربة شخصية عندما تم إعتقالي وذهبوا بي الي المعلوماتية بحري وجدتهما حضوراً مع العشرات من الضباط المفصولين تعسفياً ، والمتقاعدين من مختلف الرتب، والاعمار ، الاصحاء منهم، والمرضى.. سأذكرهم فرداً فرداً ، حيث قدموا من داخل العاصمة، واطرافها .. واغلبهم لم التقي بهم من قبل او اعمل معهم في السابق. ملحوظة.. لسوء حظ من إعتقلوني جاءوا في لحظات كان معي إخوتي الذين لم تلدهم امي ، من ابناء دفعتي العميد طيار موسي الخنفري ، والدكتور معاوية يحيي.. ظلوا معي كتفاً بكتف فإحتار العسس ، وإرتبكوا ، فتم أحتجازي لساعة من الزمان في دكان بشارع الجريف قبل ان يستقر بهم القرار للذهاب بي الي المعلوماتية بحري بعد إتصالات من قائد القوة مع جهات لا اعلمها ، وظلوا بسياراتهم خلف سيارات العسس. الثنائي الفدائي وليد التوم ، والبلتاجي هم في صف لآلاف الضباط الشرفاء المفصولين تعسفياً اتمنى ان افرد لكل منهم مساحة في هذا المنبر لأن كل واحداً منهم قصة نضال ، وعشق، ووطن ، وامة. عاشت القوات المسلحة ابية ، عصية.. صخرة تتكسر امامها كل الاطماع ، والمؤامرات الدنيئة التي تستهدف السودان، وشعبه. في محنتي التي إمتدت لعام بين المحاكم ، والاقسام في عهد حكومة الثورة لم اجد سنداً سوى الضباط المفصولين تعسفياً ، والمتقاعدين، ومن المدنيين فقط اخي، وصديقي المحامي الترس الاستاذ الرشيد السراج. اخيراً.. قلنا ليكم الجيش السوداني دا فيهو رجال كانت تخشاهم الإنقاذ، فأحالتهم وإنفردت بالجيش لنعيش هذه اللحظات العصيبة بفعل سياساتهم الرعناء. غداً سيتعافى الجيش السوداني ، وسنردد ، الواجب.. الشرف.. الوطن.. هذا هو شعار الكلية الحربية الذي تهتز لسماعه جبال كرري كل صباح، فبدلوه بشعارات نفاق، وكذب، وضلال ترددها الشفاه، لا تسمعها الآذان..