بعض الناس إذا خرج أو ابتعد عن بيئته الأصلية شعر بتحرر من كافة القيود التي يفرضها المجتمع وفقاً لعاداته وتقاليده وقيمه الموروثة، وصار يتصرف بحسبان ألا حسيب ولا رقيب عليه، فيقوم بتصرفات تعويضية عن نقص يحس به داخلياً أو من أجل إثبات الذات أو لغير لذلك من الأسباب والمبررات. وقبل سنوات قليلة كتبت سلسلة من المقالات بعنوان سودانيات في المهجر….أوضاع يندى لها الجبين، ورد فيه: "من حق أي إنسان السفر في أرض الله الواسعة، بموجب الدستور والأعراف الدولية، ويكفينا في هذا الصدد النص القرآني المحكم "ألم تكن أرض الله واسعة فتهارجوا فيها" هرباً من الظلم والاضطهاد بكل أشكاله وأنواعه، وبحثاً عن الرزق الحلال والعيش الكريم، وغير ذلك من الأسباب المشروعة. ومن جانب آخر، كانت هنالك قوانين ولوائح تمنع خروج السودانيات للاشتغال بأعمال لا تليق بكرامة المرأة السودانية من حفيدات عزة ومهيرة ورابحة الكنانية ومندي بت عجبنا وتاجوج أو من الميارم اللائي كنا يلزمنا الخدور ولا يخرجن من بويتهن إلا عند الضرورة القصوى! ولكن ثمة خلل قد طرأ على الجهات المنوط بها الإشراف على خروج وسفر وتعاقدات السودانيات! وكما يبدو هنالك شبهة فساد كبير في دوائر الهجرة في السودان بدءً بمكاتب التوظيف التي انتشرت في العاصمة الخرطوم، وطفقت توفر تأشيرات الدخول للنساء بطرق أقل ما يقال عنها أنها غير مشروعة ولا أخلاقية .هذا الخلل استقل من قبل بعض ضعاف النفوس وسماسرة الشرف من أجل تحقيق مكاسب مادية دون مراعاة لكرامة المرأة السودانية وسمعة الوطن التي أسس لها أوائل المهاجرين فصرنا على لسان كل الشعوب حتى لم نعد نفتخر بسودانيتنا للأسف الشديد"! وبحمد الله وبجهد من بعض الحريصين على صون كرامة المرأة السودانية وسمعة الجالية السودانية بالرياض اتخذت سفارة السودان إجراءات فورية وحاسمة بالتنسيق مع الجهات السعودية المختصة التي قامت بدورها المطلوب في ترحيل وإبعاد بعض النساء المتفلتات اللائي سلكن مسلكاً مشيناً لا يتفق مع الشرع ولا العرف ولا الذوق العام على الرغم من أنهن دخلن المملكة بتأشيرات عمل كان من المكن أن يدر عليهن رزقاً حلالاً طيباً، لكن أبت النفوس الخبيثة ألا أن تميل للانحراف وممارسة الرذيلة من أجل كسب المال للأسف الشديد. في واقع الأمر ما دعاني لكتابة هذا المقال هو ظهور شابة سودانية متبرجة لفتت أنظار الناس في أماكن تجمعات السودانيين بالعاصمة السعودية الرياض هذه المدينة المحافظة التي لا تقبل بعض السلوكيات مهما كان مصدرها مواطن، أو وافد، أو زائر، أو مقيم فقد ظهرت تلك الشابة بزي غير لائق، بل مفارق للحياء وخادش للذوق العام حتى عكست صورة سالبة وسمعة سيئة للمرأة السودانية المهاجرة التي عرفت بالحشمة والمحافظة على القيم ما عدا حالات نشاذ كما أشرت سابقاً. ولم تكتف الشابة المذكورة بالظهور في بعض الأماكن، ولكنها من أجل عرض بضاعتها البائرة والرخيصة كانت أول سودانية ترقص في شوارع الرياض وكأنها قد تحللت عن كافة التقاليد التي لا يتجرأ على مخالفتها حتى الرجال! وهي بذلك قد اخترقت حاجز السفور لتصل لمرحلة الدعوة الصريحة إلى تحدي كافة الأعراف التي تلزم الإنسان باحترام حقوق الآخرين في المحافظة على السمعة الطيبة، والله المستعان. وقد اصابتني الدهشة أو بالأحرى الصدمة عندما علمت بأن من يقف وراء استقدام هذه المتجردة من كل القيم رجل كنا نعده من الأخيار فهو ملئ السمع والبصر في وسائط التواصل الاجتماعي، ولكن كبا كبوة لا تغتفر مهما أعتذر أو تنصل عنها؛ فهو قد ارتكب جرماً بشعا فيما يتعلق بسمعة الجالية السودانية ليس في الرياض فحسب، بل في كل المملكة! فهل من الممكن أن يدفع الطمع بعض الناس حتى يصدق عليهم إبليس ظنه فيخرهم عن نطاق المألوف في سبيل الحصول على المال الحرام والشهرة؟ وكيف يسمح هذا لنفسه أن تقترن صورته واسمه بمثل هذه الشابة وقد تجاوز الستين من عمره حسب علمي؟ نحن نضع هذا الملف بين يدي المسؤولين في السفارة السودانية في الرياض ونطالبهم باتخاذ قرار فوري للتعامل مع هذه الظاهرة التي قد تغري غيرها ليسلكن ذات الطريق الفاضح خاصة وأنها قد انتشرت على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي حتى صارت "ترند" كما يقول الشباب الآن. وإن من مهام السفارة المحافظة على سمعة المواطن وحفظ كرامته بقدر المستطاع ولهذا فهي مطالبة باتخاذ ما يلزم بالتنسيق مع جهات الاختصاص في البلد المضيف للتعامل مع هذا المشهد المخزي. ومع أن الإنسان من حقه السفر والتنقل في أرض الله الواسعة لكن ليس من حقه الإضرار بسمعة الآخرين ومن رأى منكم منكراً فليغيره!