في يوم 17 نوفمبر 1958م قام الاميرلاي عبدالله بك خليل رئيس وزراء أول حكومة بعد الاستقلال بتسليم السلطة لقيادة القوات المسلحة ممثلة في الفريق إبراهيم عبود في ظاهرة تعتبر غريبة و تحدث لأول مرة في تاريخ الدولة . تم الأمر بمباركة كل من السيد عبد الرحمن المهدي أمام الأنصاري والسيد علي المرغني زعيم طائفة الختمية وفق رؤية معينة تشترط عودة العسكر إلى ثكناتهم عقب فترة إنتقالية مدتها ستة شهور يتم في خلالها إعداد للدستور وينتهي بأنتخابات حرة ونزيهة الأمر الذي نكص عنه قيادة الجيش وقامت بالاستيلاء على الحكم بالقوة وبطشت بكل القوى السياسية التي عارضت خيانتهم للاتفاق بعد أن شددت القوات المسلحة الحراسة على دور الحكومة والمرافق العامة وقامت بحظر تجمع المواطنين في الشوارع والميادين العامة وغدروا بالاميرلاي عبد الله بك خليل الذي سلمهم السلطة وزجوا به في السجن مع عدد كبير من السياسيين الرافضين للانقلاب . لم ينتهي الأمر إلا بعد ستة سنوات عندما انتفض عليهم الشعب في 21 أكتوبر 1964 واقتلعتهم من الحكم عنوة في ثورة شعبية ليعود الحكم المدني من جديد ولتستمر الحياة الحزبية في السودان للمرة الثانية . لم يمتد الأمر لأكثر من خمسة سنوات حتى أنغض عليهم العسكر مرة أخرى، حيث قام العقيد أركان حرب جعفر محمد النميري في صبيحة 25 مايو 1969 بأنقلاب جديد معلنا فيه استيلاء القوات المسلحة على السلطة ومن ثم قيامه بتكوين مجلس عسكري لادارة الدولة مستمرا في حكم امتدت فترته لمدة ستة عشرة عام ارتكب فيه العديد من المخازي من ضمنها قيامه بتأميم الشركات الأجنبية والوطنية وما نتج عنه بعد ذلك من كوارث اقتصادية بفرار المستثمرون من الدولة ومتوجا أواخر عهده بإعلان قوانين سبتمبر المعيبة ليقتلعه الشعب ويشيعه إلى مثواه الأخير بانتفاضة شعبية أخرى في يوم 6 أبريل من العام 1985 . وبعدها شهدت البلاد مجئ الفريق عبد الرحمن سوار الذهب لقيادة الفترة إنتقالية لمدة عام بعد أن أعلن فيه بأن قوات الشعب المسلحة وبعد أن ظلت تراقب الموقف الأمني المتردي في أنحاء الوطن وما وصل اليه من أزمة سياسية بالغة التعقيد قررت بالإجماع في أن يقف إلى جانب الشعب واختياره وأن تستجيب إلى رغبته بالاستيلاء على السلطة ونقلها إليه عبر فترة إنتقالية محددةحسب ما جاء في بيانه ، ومن ثم اعقبتها أنتخابات حرة أعادت البلاد إلى طريق الحكم المدني في سابقة فريدة من نوعها حدثت لأول مرة في أفريقيا، كون أن يتخلى قائد عسكري عن السلطة طواعية ويوفي بوعده الذي قطعه على مواطنيه وليستمر بعدها فترة الحكم المدني لمدة قصيرة تجاوزت بالكاد الثلاث سنوات . في صبيحة يوم ال 30 من يونيو 1989 قامت القوات المسلحة بالاشتراك مع الجبهة الإسلامية بأنقلاب عسكري إستمرت مدتها ل32 عاما ارتكبو خلالها الكثير من الموبقات فى عهدهم اكثراها فداحة انفصال جنوب السودان بعد أن شنوا على شعبه الحرب الجهادية واستخدموا فيه جميع انواع القمع ومن ثم قيامهم بأكبر إبادة جماعية في تاريخ السودان مع العديد من المخازي الاخرى التي عطلت تطور البلاد وابقته في ذيل قائمة الدول الفاشلة ليقتلعهم الشعب بأعظم ثورة في ديسمبر من العام 2019 والتي أتت بالفريق عبد الفتاح البرهان القائد العام للجيش ليتم في عهده أرتكاب جريمة فض أعتصام القيادة العامة ومن ثم قيامه بقيادة إنقلاب على حكومة يرأس مجلس سيادتها بعد تواطئه مع الفلول الذين قاموا بأغلاق الموانئ والطرق القومية و من ثم القيام بإشعال حرب داخل العاصمة الخرطوم في سابقة تعد أيضا هي الأولى من نوعها في تاريخ الدولة السودانية. [email protected]