القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق في إفادات ل(الراكوبة) حول مفاوضات جدة لمسنا رغبة أكيدة من طرفي الصراع في إنهاء الحرب ونجاح جولة التفاوض جماعات الحزب المحلول وكتائبه تمثل أخطر العقبات أمام وقف الحرب القوى الديمقراطية ستصمم عملية سياسية تعقب وقف إطلاق النار حوار: الراكوبة هل ستكون الأخيرة لإنهاء الحرب بالسودان؟ التفاؤل يدفعنا للاعتقاد بأنها ستكون المفاوضات الحاسمة لقرار إنهاء الحرب في السودان، ويرجى أن تكون الأخيرة ليس للحرب الحالية بل لمسيرة الحروب في السودان، وأن يكون هذا الدرس القاسي كافٍ للسودانيات والسودانيين، والمغامرين الذين يرون أن السبيل للسلطة لا يكون إلا عبر السلاح وفوهات البنادق. ما توقعاتك للمفاوضات التي ستنطلق اليوم بين الجيش وقوات الدعم السريع؟ نظرا لما آلت إليه الأوضاع الإنسانية والمادية والمهنية والاخلاقية وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والخسائر الفادحة في الأرواح والأموال والاضطراب الأمني وموجات الهجرة والنزوح والفرار، فإن هذا قرار طال انتظار بأن تتخذه الوساطة والجيش والدعم السريع، واعتقد أن أوجه الاختلاف هو التوقيت عن المفاوضات السابقة، فاحتراق المنطقة بنيران الحروب يتسع والأزمات تتفاقم، والوضع على الأرض كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وقد أيقن الطرفان أن استدامة الحرب تعني خرابا ودمارا وربما انقساما في البلاد وحتى في جيوشهم المتقاتلة، بالإضافة لترفيع الدول الميسرة للتفاوض لتمثيها الدبلوماسي وهو ما يزيد درجة الجدية والحزم، والوضع في المنطقة جعل دول المحيط العربي والإفريقي تدعم منبر جدة عبر ممثلين بالحضور والمراقبة من الإيقاد ودول جوار السودان والاتحاد الأفريقي، ما يعني اتساع دائرة الدعم لوقف الحرب وتحجيم دور الدول والجماعات الداعمة لها، كما أن حضور كروت الضغط الجزائية والملاحقات الجنائية والعقوبات الدولية بمثل الكرت الضاغط للتوجه نحو السلام، ويمثل تشكل الكتلة السياسية المدنية والاجتماعية الموحدة ضد الحرب أحد عوامل الضغط تجاه إنتهائها ونزع مشروعيتها. هل ترى أن الطرفين جادان هذه المرة لإنهاء الحرب؟ بناء على اتصالات وتواصل مباشر مع العسكريين من جنرالات الفريقين لمسنا رغبة أكيدة في إنهاء الحرب، وإصرار أكيد على نجاح هذه الجولة، واجتهاد في تهيئة الأجواء لقبول علمية السلام وكسر جمود العملية التفاوضية، ورأينا ذلك في تنوير نائب القائد القام للجيش الفريق ركن شمس الدين كباشي، والذهاب المبكر للمملكة العربية السعودية، وذلك لأن عملية السلام وحدها هي التي ستكفل لنا جميعا خروج البلاد من حالة اللادولة وعدم الاعتراف الدولي، وهي الضامن الوحيد لبقاء البلاد مستقرة بحدود موحدة وجيش واحد، وهي الفرصة لمعرفة من تسبب في هذه الحرب وكشف القناع عن مجرميها، واستمرار الحرب لأكثر من ذلك سيقسم البلاد ويشظي سبيكتها المجتمعية ويفتحها للحرب الأهلية الشاملة ويمهد ذلك للغزو الخارجي أو التدخل الدولي بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، كل هذه المخاوف صارت ماثلة لعيان جنرالات القوات المسلحة والدعم السريع، كما ان الضغوط اليومية على المواطنين جراء الانتهاكات زادت وتيرة السخط والغضب والغبن الاجتماعي، وفوق كل ذلك القناعة التي وصلها الجنرالات بعد التجربة والتاريخ أن الحروب لا تنتهي إلا في طاولات التفاوض ولعل هذه فرصة ذهبية أخيرة إن ضيعوها ستضيع البلاد التي ورثناها موحدة ومتماسكة. ماهي السيناريوهات المتوقعة للجولة الجديدة من المفاوضات؟ لن أقول لك مستحيلا ولكن من من الصعب على الجميع التوصل إلى اتفاق شامل ومقبول نسبة لعدم التوافق والتفاهم، لأن البعض يعتبر القضايا الحساسة و الخلافات العميقة عائقًا لعملية التفاوض وهو ما نسعى لإزالته عبر التواصل، فضلا عن انعدام الثقة بين الأطراف المتحاربة ونحن نعمل على الدوام على فتح قنوات تواصل بين المتحاربين لتعزيز تلك الثقة، وبذل الجهد لتحقيق ذلك بإصدار قرارات وإجراءات بناء ثقة كإطلاق سراح الأسرى، وخفض التصعيد، وهذه المرة نسعى لتجاوز حالة عدم الالتزام بالاتفاق وذلك بحث الوساطة والدول الراعية لعملية التفاوض بالوقوف على الأمر والمراقبة اللصيقة عبر آليات على الأرض وهو ما سيكون عبر فرق تقنية وفنية على الأرض ورقابة عبر الأقمارالصناعية، ولا يخفى عليك أن أخطر العقبات هي تمسك جماعات الحزب المحلول وكتائبه بقرار الحرب، لأن وقفها سيكشف من أشعلها وورط القوات المسلحة فيها وهو ما يمكن أن يحدث نكسة في التفاوض، كما أن التدخل الخارجي السلبي أحد العقبات، وقد أوصلنا رسائل واضحة لكل الدول والجهات الفاعلة في القضية السودانية بأننا نريد تدخلا "حميدا" يراعي أولويات استقرار السودان، ولا نريد أي تدخل "خبث" يغذي الحرب ويمول أحد أطرافها بالمال أو العتاد، ووجدنا الاستجابة من كل الذين تم التواصل معهم وتجسد ذلك واقعا في دعمهم لعمليات الغوث وعملية المفاوضات وما سنشهده لاحقا حال تم الاتفاق من دعم لعليات ما بعد الحرب. ما فرص عرقلة "الفلول" لجولة المفاوضات الجديدة؟ خطر هؤلاء منبعه من أنشطتهم الهدامة في مؤسسات الدولة المدنية ومن تلك الكتائب الأيدولوجية السرية التي نشطت بصورة أوضح خلال فترة الحرب، والتي أشرف على تدريبها التنظيم المحلول، وتضم عناصر متطرفة وأشخاص لا يمكن حتى للقوات النظامية التعرف على هوياتهم أز الولوج إلى سجلاتهم وبياناتهم، ومن بينهم أصحاب السوابق الجنائية، وقد سخرت المنظومة في هذه الحرب لهم كل الأدوات الاستخباراتية ومعينات التدريب ووسائل العمل الإعلامي والامداد اللوجستي، وهؤلاء بعضهم تم تأهيلهم منذ فترات ليست بالقريبة وتدريبهم بصورة احترافية تركزا على ما عرف بالحروب الجديدة، أو حرب العصابات أو حرب، شاركت إيران في تدريبهم في فترات سابقة، في مركز التدريب القتالي وتم تدريب بعضهم في بعض الدول الخارجية في فترة من الفترات، ليتم تعميم برنامج تدريبهم على عدد من المعسكرات الأخرى، عقيدتهم التنظيم لا الوطن ويقاتلون في سبيل حماية شخوصهم ومشروعهم الخاص، لذلك يمكن أن يستغلوا ما بيدهم من أدوات عنف لخرق أي اتفاق لوقف إطلاق النار، ويستخدموا آلتهم واجهزتهم الإعلامية للتحريض على الحرب وهذه هي أخطر أوجه الإجهاض للفاوضات. هل تلتحق القوى السياسية بمفاوضات جدة؟ اجتماعاتنا في أديس أبابا هي واحدة من وسائلنا لحل الأزمات المجربة والفعالة، ومضينا إلى تجميع أكبر الأطياف التحالفية والجماعات المدنية والنسوية والشبابية والمقاومة والنقابات والمهنيين والفئويين، جميعهم ضد الحرب، وانخرطوا في مواجهتها منذ اليوم الأول، خلفياتهم السياسية والحزبية والمناطقية والجهوية لم تمنعهم من التواضع للاتفاق على مشروع سياسي موحد يقود فترة ما بعد الحرب، وجزء من نتائج هذه الاجتماعات الدعم المطلق لعملية المفاوضات في منبر جدة وإطلاع الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي على هذه التصورات التي تقدمها نخبة سياسية ومجتمعية على رأسها رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك، وقد تم التواصل مع الوساطة والاتحاد الأفريقي والإيقاد واخطارهم بموقفنا من منبر جدة ودعمنا اللامشروط له، ولأن المنبر يناقش قضايا أمنية وعسكرية ومحصور في هذا المسار، نصمم عملية سياسية تعقب وقف إطلاق النار ليكون المسار المدني السياسي منفصلا، ولكننا نراقب بصورة غير مباشرة أنشطة التفاوض والمباحثات ونحث الفريقين على الجدية والحزم.