ألحقت حرب الخرطوم أضراراً بالغة بالقطاع الزراعي في السودان نتيجة عدم توفر التمويل اللازم وشح الوقود وارتفاع أسعاره، فضلاً عن تقليص المساحات وعجز المزارعين عن ممارسة النشاط، مما يزيد المخاوف من فشل الموسم وتأمين الأمن الغذائي واتساع فجوة الجوع. في مشروع الجزيرة وسط البلاد، أكبر المشاريع المروية بأفريقيا المقدرة مساحته بنحو مليوني فدان يهدد الفشل الموسم الزراعي بسبب تراكم مشكلات الري وفتح الترع والقنوات، علاوة على أزمة زيادة الضرائب، مما أدى إلى خروج مئات المزارعين من دائرة الإنتاج في وقت تحاصر فيه آخرين مديونيات ضخمة. أزمات ومصاعب المزارع مجاهد عمر قال إن "الموسم الصيفي واجه مصاعب جمة، مما دفع أعداداً كبيرة منهم إلى التوقف عن الشروع في التحضيرات نتيجة غياب التمويل وفتح الترع وأنظمة الري ليضرب العطش مساحات شاسعة، بخاصة محاصيل الذرة والسمسم والخضراوات، مما دفع المزارعين إلى استئجار طلمبات ري حتى لا تتعرض المحاصيل للتلف، وإثر ذلك خرج كثيرون من دائرة الإنتاج". وأضاف عمر أن "حل الأزمة وإمكانية التعويض قائمة خلال العروة الشتوية في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، والتي تستهدف محاصيل فصل الشتاء النقدية مثل القمح والعدس والكبكبي، لذلك ينبغي ارتفاع مستوى اهتمام الدولة بها لأن الزراعة تمثل رافعة مهمة للاقتصاد الوطني". وطالب عمر الحكومة وإدارة المشروع بضرورة التسريع من وتيرة تدخلها لإنقاذ الموسم الشتوي من عواقب الفشل المحدق به، حتى لا تتفاقم الأزمة لأن الوضع ينذر بمجاعة تلوح في الأفق حال عدم نجاح الموسم في العروة الشتوية". حلول وبدائل واعتبر الناطق باسم تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل عابدين عبدالله برقاوي أن "الحرب ألقت بظلال كارثية على القطاع، إذ شغلت الدولة من الالتفاف نحو المشروع الذي يعول عليه في تحسين موقف الأمن الغذائي، بخاصة بعد المخاوف التي أطلقتها منظمات أممية في شأن اتساع فجوة الجوع في دول عدة بالقرن الأفريقي من بينها السودان". وانتقد برقاوي قرار زيادة الضرائب من 16 ألف جنيه سوداني إلى 25 ألفاً للفدان (نحو 26.7 إلى 41.7 دولار)، والتلكؤ في حلحلة مشكلات الري المتفاقمة وغياب عمليات التطهير الدورية وإصلاح الكباري والهدانات. ويرى أن "هذه الأزمات أسهمت في خروج مئات المزارعين من دائرة الإنتاج خلال فترة الموسم الصيفي إلى جانب المديونيات الضخمة التي تحاصرهم". وأشار برقاوي إلى أن "محافظ المشروع استغل عدم وجود أجسام تدافع عن حقوق المزراعين عقب حل مجلس الإدارة ولجنة التسيير خلال انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، لكن التحالف وجه نداءً، وحث المزارعين على التعامل بجدية، وبعد ضغوط كثيفة تراجع محافظ مشروع الجزيرة عن مبلغ ال10 آلاف جنيه سوداني (16.7 دولار)، وفي المقابل لم تتنازل إدارة الري عن الرسوم التي فرضتها، على رغم أنها لم تقم بأي دور خلال الموسم الصيفي، مما يلزم اتخاذ إجراءات قانونية ضدها من قبل المزراعين من أجل تعويضهم مالياً".