مضى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان خطوة كبرى نحو إبراز نسخته الكيزانية المخفيّة، فأصدر؛ مُنتحلاً صفة رئيس مجلس السيادة- مرسوماً باعفاء "الهادي إدريس" رئيس حركة تحرير السودان (المجلس الانتقالي)، رئيس الجبهة الثورية من عضوية مجلس السيادة، الذي لم يعد شرعياً ولا أحداً يعترف به غير البرهان وكيزانه. وهنا – أناقش – هذه الفئة أعلاه فقط، لأن لا أحد غيرهم يعترف بهذا المجلس غيرها. البرهان طلب من أطراف اتفاقية جوبا ترشيح بديل عنه، لكن ما يعلمه البرهان و(يُطنشه)، أن هذه الإقالة غير دستورية، وإن اتفاق جوبا (يعلو) حتى على الوثيقة الدستورية التي أصبحت أثراً بعد عين عقب تمزيقها من قبل البرهان نفسه في 25 أكتوبر، 2021. لا سبب، يدعو الفلول على إقالة الهادي إدريس من كيان ومنصب لم يعودا موجودين عملياً، غير الدعاية السياسية وإظهار أن البرهان مُتحكم في الوضع وأنه رئيس حقيقي يمارس سلطاته الدستورية والقانونية، يعيّن الوزراء ويفصلهم ويصدر المراسيم والقرارات المتعلقة بذلك، فيما هو لا حول ولا قوة له، وليس لديه ما يفعله في بورتسودان، سوى تحدى الملل بالقرارات التافهة الخالية من أي قيمة وجدوى، يمارس دوره العبثي في مسرح العبث الكيزاني الذي يقدم عروضه المملة والرتيبة التي لا يحضرها أحد! ومع ذلك فإنّه طالما الفلول مضوا في هذا الجانب، فإن مقارعتهم قانونياً أصبحت واجباً، وهذا ما يجب ان تمضي فيه حركة تحرير السودان والجبهة الثورية التي يرأسها الهادي إدريس نفسه، بالحوار حول هذا الأمر مع الشركاء الإقليمين والدوليين الذين تم توقيع الاتفاق برعايتهم وضمانهم، وسنرى أثر ذلك على صورة البرهان المشوهة أصلاً، دوليًا وإقليمياً في الفترة المقبلة! بطبيعة الحال، ومنذ أن شن كيزان الجيش حربهم ضد قوات الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل الماضي، أعلن الهادي ادريس الحياد والابتعاد عن دعم الحرب والتركيز في العمل على ايقافها، حيث انخرط ضمن جهود القوى السياسية الرامية لوقف القتال، كما شاركت قواته مع قوات الحركات المسلحة الأخرى قوة مشتركة لحماية المدنيين في إقليم دارفور. لكن الهادي، شعر أنه غير آمن، حيث قصف الجيش منزله بكافوري، وكاد يودي بحياته، وكذلك أصبحت الخرطوم وأجزاء واسعة من السودان وما تزال؛ مناطق غير آمنة، فغادر إلى الخارج وانتظم مع القوى المدنية الديمقراطية في جولات خارجية للعمل على وقف الحرب، وهذا هو السبب الحقيقي وراء إقالتة، فالبرهان، وعندما اتحدث عنه هنا فأنّي أتحدث أيضاً عن (علي كرتي وأسامة عبد الله وصلاح قوش)، فهو وكيلهم في (كورجة) بورتسودان وفي قيادة الجيش، يريدون أن يستخدموا حركات الكفاح المسلح الموقعة على (سلام جوبا) ذراعاً عسكرية متقدمة وممهوهة لمحاربة الدعم السريع نيابة عنهم، حتى إذا ما وضعت الحرب أوزارها غدروا بهم وباغتوهم بالقاضية، فهؤلاء القوم لا دين ولا أخلاق ولا ذمة ولا عهود ولا مواثيق لهم. لكن على من يا هامان؟ فهمها الهادي إدريس وهي (طايره) وسيفهمها الفاسد جبريل والمرتزق مناوي وهي (عايره)، هذا إذا لم نر شواهداً على قبريهما قريباً، فالجماعة لن تتركهما بعد أن تقضي (وطرها) منهما. بالنسبة للبرهان فهو بلا ارادة أو قرار– لا يستطيع أن ينطق كلمة واحدة أو أن يتخذ قراراً واحداً، دون أن يأخذ تعليماته من (المقدم) القصير المكير (مُدثر) نسيب وممثل علي كرتي وظله لدى قائد الجيش، وهذا المُدثِّر المُختبئ في البرهان والمتحكم به، هو من يطلق صبيته سُكارى السوشال ميديا من أوروبا وأميركا يصدرون الأوامر لقائد الجيش، بعد أن يقذعونه شتيمة و(يمرمطونه) ويحرضون عليه (كيزان) وادي سيدنا المموهين بملابس جنود القوات المسلحة ليهتفوا في وجهه بطريقة فجة وغير مسبوقة بين جنود نظاميين في مؤسسة عسكرية مهنية – وما هم كذلك ولا هي كذلك – "فك اللجام – فك اللجام"، فيرتبك المسكين ويتضعضع، وتكاد الدموع تطفر من عينيه وتهطل، فرط إذلاله وامتهان كرامته واستحقاره، بينما هو يقدم لهم كل شئ حتى (وطن ممزق) على طبق من دم!! ماذا يعني إقاله الهادي إدريس إزاء كل هذا المشهد العبثي الدموي المفكك؟ لا شييء.. هذا محض "شمار في مرقه"، فرفرة مذبوح، (خوفة) مهزوم، فمن يقيل من؟، وجبريل ومناوي في الباب والنافذة حتى تأتيهما القارعة!