يتحدث البعض عن انتهاكات الحرب الدائرة بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة، مُسلطين الضوء على ما يلي (الدعم السريع) وحدها، فيما صانع الانتهاكات ومُنتجها وأمها وأبيها، هو الجيش السوداني، المختطف منذ 30 عامًا، والذي وُلِّد من رحمه الدعم السريع الذي تأسس عام 2013. وقد ظلَّ الجيش يرتكب أفظع الفظائع وأكبر الجرائم مُنذ عام 1955 (حرب أنانيا)، وحتى لحظة (ود مدني) الراهنة، حيث أظهرت مقاطع فيديو تم بثّها وتداولها على نطاقٍ واسعٍ على وسائل التواصل الاجتماعي؛ لقتلٍ على الهوية لسودانيين مدنيين مُسالمين منسوبين إلى ولايات دارفور وكردفان من قاطني ولاية الجزيرة، كانت أجهزة الكيزان الأمنية والعسكرية اعتقلتهم مع تصاعد حالة الاحتقان بسبب حصار الدعم السريع للمدينة وتهيوءه لاجتياحها، استجابةً للخطاب " اللايفاتي" الكيزاني عن ما سموه خلايا نائمة وطابور خامس داخل المدينة؛ ومع بشائر تحريرها من قبضة النظام البائد وفرار الضباط الكيزان مذعورين ما أثر على معنويات جنود القوات المسلحة وضباطها الصغار (المساكين)؛ وهروب الفلول مما يُسمون أنفسهم بكتائب البراء وهيئة العمليات وكتائب الظل والعمل الخاص، فما كان أمامهم إلاّ أن يتخلصوا من المدنيين الأبرياء الذين اعتقلوهم بتهمة التعاون مع الدعم السريع، فيما هم عمال ومزراعيين وحرفيين، تم قتلهم بطرق وحشية بما فيها الذبح بالسكاكين وفصل الأعناق عن الأجساد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. مثل هذه المقتلة البشعة على الهوية العرقية، هي ديدن الاستخبارات العسكرية ، ظلّت ترتكبها كما أسلفنا منذ اشتغال الجيش بالحرب على الشعب السوداني بدءاً من 1955، ولم ينتصر في أي من تلك الحروب، لذلك كان يستعيض عن الهزيمة دائمًا بقتل الأبرياء والعزّل، وهو المتخصص في قتل شعبه، المفرط في أرضه وسيادة بلاده! مقاطع الفيديو التي تكشف عن ذبح للبشر كالخراف، وإطلاق نار على معتلقين غير عسكريين وهم مقيدو الأيدي والأرجل، تنم عن جبن وسقوط أخلاقي وجرائم حرب بشعة، كما تكشف بجلاء عن كيف ينتقم المهزوم، وكيف يتشفى ويحرق ويدمر كل شئ في طريقه وهو هارب من المعركة، وهذا ما حدث للجيش في الخرطوم ونيالا والجنينة وزالنجي والكثير من نواحي كردفان ودارفور، وها هو يحدث له في مدني عاصمة ولاية الجزيرة. كانت المشاهد شديدة البشاعة، حتى أن جثث القتلى (على الهوية العرقية) الأبرياء البريئة انتفخت، وكادت تنفجر، لولا وصول طلائع قوات الدعم السريع إلى معسكرات الجيش حيث تمت التصفيات العرقية، وإكرام القتلى بدفنهم، رحمهم الله ونحتسبهم شهداء وأحياء عند ربهم يرزقون .. هؤلاء المساكين الأبرياء الذين ذهبوا صباحاً يضربون فجاج الأرض بحثاً عن رزق شحيح يعودون به إلى أطفالهم وزوجاتهم وأمهاتهم، فنال منهم المهزومين من بني كوز أو (بني جيش) – سيّان لا فرق الآن بينهما – فقط لأن سحناتهم تقول إنهم من دارفور أو كردفان، وبالتالي فإنهم متعاونون مع الدعم السريع، دون إجراء تحقيقات أو محاكمة!! الغريب في الأمر أن القتلى على الهوية ينتمون إلى المكونات العرقية لقادة الحركات المسلحة (مني وجبريل)، لكنهما سكتا عليها، إذ لم تصدر أي من الحركتين المتحالفتين مع الجيش الذي قتل (خليل – شقيق جبريل) وكاد أن يبيد الجماعة التي ينتمي إليها قائدي العدل والمساواة وحركة تحرير السودان، بضرب قراهم بالطيران وحرقها وتشريد أهلهم في (القِبل الأربع)، أي بيان من أي هيئة تابعة لهما، دعك من إدانة الجريمة رسميًا، وإنما لإبداء التعاطف مع أسر الضحايا والترحم عليهم، و"من يُهن يسهُل الهوان عليه ما لِجُرحٍ بميتٍ إيلام". واما بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني، خصوصاً تلك العاملة في الحقل الإنساني، فعدا محامو الطوارئ وبعض الجهات القليلة، لم أجد إدانة صريحة لمقتلة الدارفوريين العرقية من قبل الجيش والكيزان، فيما تدعي جُل هذه الجهات حياداً لا نرى منه شيئاً، وإلاّ فهل هؤلاء الدارفويين المقتولين على العرق ليسوا بشراً أسوياً، يذبحون كالخراف وتسكتون عن ذلك ! تباً لكم أجمعين، ورحم الله هؤلاء الأبرياء المساكين. النصر للحق والحق والجيش كهاتين.