بداية الأسبوع الماضي ألقت السلطات الشرطية بالتعاون مع نيابة مخالفات الأراضي، القبض على شبكة شركات وهمية تستغل لافتات الشركات المشهورة للتعامل في بيع المخططات السكنية بعد إيهام المواطنين بأن لديها تصديقات من قبل هيئة الأراضي وتنظيم البناء. وكشف الوكيل الأعلى لنيابة مخالفات الأراضي مولانا محمد المصطفى موسى عن قبضهم الشهر الماضي على عصابة تتعامل في بيع المخططات السكنية متخذة من أركويت مقرا لها، وقد قامت بإيهام المواطنين بأنهم شركة معتمدة من قبل هيئة تنظيم الأراضي وأن لديهم مخططا سكنيا بسوبا وطالبتهم بدفع مبلغ (250) جنيه لإجراءات التسجيل، بالإضافة إلى توريد مبلغ ألفي جنيه لحسابهم في أحد البنوك التي تتعامل في العقارات، مشيرا إلى حجزهم على حسابات الشركة في البنك المعني والذي بلغ (224.459) ألف. غير أن كثيرا من المواطنين والمتعاملين في الأراضي يرون أن غلاء المخططات السكنية وبعدها عن العاصمة جعل الكثيرين يفضلون شراء الأراضي الخالية، ومن ثم يقومون ببنائها وحدهم، وكذلك هناك شكاوى كثيرة من ارتفاع أسعار الأراضي خاصة المخططات السكنية التي استحدثتها الجهات الحكومية مؤخرا، حيث تصل أسعار الأراضي في البلاد إلى 70 ألف جنيه، وأخرى مليون جنيه وغيرها 500 ألف جنيه، وهناك أراضٍ سعرها 600 ألف جنيه، وكذلك أراضٍ تتبع خطة إسكانية وصلت إلى 7 آلاف جنيه و10 آلاف جنيه، وفي حديث سابق لمدير هيئة الأراضي وتنظيم البناء ل(الأخبار) قال إن أسعار المخططات السكنية تبدأ من 30 ألف جنيه بمخطط نبتة، وفي مخططات سوقطرة قطعة الأرض سعرها 20 ألفا، كل ذلك دفع، حسب مختصين، مثل هذه الشبكات الإجرامية إلى استغلال بعض الثغرات خاصة ارتفاع الأسعار، وقاموا بطرح مخططات سكنية وهمية بأسعار قليلة الثمن مما أغرى كثيرا من المواطنين وأدى بهم إلى الوقوع فرائس لمثل هذه الشبكات الإجرامية. غير أن كثيرا من الانتقادات وجهت للمخططات السكنية لجهة ارتفاع أسعارها وبعدها عن العاصمة وطرحها بأسعار مرتفعة، وقد أبدى عدد من المغتربين تخوفهم من كثرة حوادث التلاعب في عقود الشراء والبيع ومواصفات البناء، وفي هذا السياق قال مهندس معماري فضل حجب هويته ل(الأخبار) إن المخططات السكنية لا تنفذ وفق منهجية صحيحة لذلك يصعب تسويقها، مبينا أنه أقيمت مخططات في منطقة (السلمة وسوبا) التي قال إنها تحتاج إلى استقطاب خدمات عدة، وأضاف المهندس المعماري إن كل تلك الأسباب تجعل الخرطوم من أغلى العواصم على مستوى العالم، وصعوبة تسويق المخططات السكنية هو التصور الخطأ الموضوع لتخطيط هذه المدينة الذي ترجع أسبابه إلى أن المناطق الجبلية مثل جنوبأم درمان والتي تعد الأصلح للبناء ولإقامة المخططات السكنية غير مأهولة حتى الآن. ونقيضا لذلك، تشهد مناطق وسط الخرطوم تكدسا عمرانيا بالرغم من أنها أراض زراعية كان يمكن استغلالها، ومثل تلك المفارقات هي التي تجعل الأسعار مرتفعة والتسويق صعب، لأن عملية البناء نفسها مكلفة. يقول الخبير والمحلل الاقتصادي بمركز دراسات المستقبل عادل عبد العزيز، إن الناظر في ولاية الخرطوم يشاهد الكثير من المخططات التي لم يكتمل بناؤها والتي من الواضح أن عدم استكمال بنائها عائد إلى التكلفة العالية للبناء في السودان، إذ تعد من أعلى التكاليف على مستوى المنطقة، وذلك لارتفاع أسعار المواد الأولية للبناء بدرجة كبيرة مما يحد من النمو الاقتصادي، وعدم تحريك قطاع البناء والتشييد يعد عبئا على الاقتصاد وتعطيل لمحور مهم من محاوره. ويرى عادل أن حل مشاكل هذا القطاع مسؤولية الدولة عن طريق رفع الرسوم والضرائب عن مواد البناء وعن سلعة الأسمنت خاصة، ورفع الحواجز التي تقيد الاستثمار الخارجي بالسودان وتشجيع البنوك على التمويل العقاري. وأضاف: عندما تخفض الدولة رسوم مواد البناء ورسوم الأراضي والخدمات من كهرباء وماء تنخفض بالتالي قيمة إنشاء المخططات والمجمعات السكنية. الخرطوم: محمد بشير