«تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتيال في الأراضي!!..شبكات وهمية تنصب على المواطنين.. والمغترب أول المستهدفين!.. مغترب متضرر: فوجئنا بأن المكان صحراء جرداء وناءٍ عن المدينة ولا نعرف المصير!
نشر في الراكوبة يوم 18 - 09 - 2010

لا شك في أن السكن الملائم في بيئة سليمة، هو أحد الأولويات في حياة الأسرة، ويعد واحدة من المعضلات الرئيسية التي تقف في وجه المواطن وتسبب له هاجساً. وأول ما يفكر فيه الإنسان في مستقبل حياته هو، كيف يجد منزلاً يأويه هو وأسرته. وكثيراً ما يشكو المواطنون من بيوت الإيجار ومشاكلها الكثيرة، ولا يرتاح الشخص إلا بين أسوار بيته حتى وإن كان مشيداً من أبسط ما يكون. والمعاناة الحقيقية للأسر في هذا الجانب، نجدها في المدن.
فسكان الريف يتأقلمون على كافة الأوضاع ومتطلباتهم في السكن لا تتطلب الاستقلال ولا الإيغال في الرفاهية، فحياة الريف متداخلة مع بعضها البعض، ومجموعات من الأسر تشكل أسرة ممتدة تعيش مع بعضها البعض وتنظم أوضاعها بالاشتراك فيما بينها. أما السكن في المدن، خاصة العاصمة الخرطوم، وبالأخص ما يعرف ببيوت الدرجة، فله الكثير من الشروط التي لا يستقيم بدونها. وفي السنوات الأخيرة مع ازدياد الشركات التي تعمل في مجال المدن السكنية أصبح الجميع، أسراً وأفراداً، يفكرون بصورة جادة في امتلاك قطعة أرض بهذه المدن. يقسطون تكاليفها شهرياً وعلى مدى ربما يزيد عن عامين. ولكن في كثير من الأحوال تتحول الفرحة بامتلاك منزل إلى صدمة عنيفة، بمجرد أن تقف وجهاً لوجه مع المعضلات التي ترافق هذا النوع من المشاريع، سواء بالنسبة لما يلي المواطن المشتري، أو ما يلي الشركة صاحبة المشروع والمنفذة له. (الأخبار) وقفت على هذه القضية بالبحث.. فإلى التفاصيل.
أين اختفى ملاك الأراضي بمدينة الريحان رغم تسديدهم ل25% من سعرها؟
شبكات وهمية تستغل لافتات الشركات المشهورة للنصب على المواطنين.. والمغترب أول المستهدفين!
مغترب متضرر: فوجئنا بأن المكان صحراء جرداء وناءٍ عن المدينة ولا نعرف المصير!
الشركة المنفذة: أدخلنا الخدمات الضرورية، ماء وكهرباء، وما تبقى من وعود يتوقف على دفع أقساط القطع السكنية
وكيل المدينة: الشركة لا تتردد في إرجاع الأقساط لمن رغب!!
تحقيق: إيمان فضل السيد
الاحتيال في الأراضي!!
مسألة الأراضي وامتلاك قطعة أرض سكنية، أصبحت محفوفة بالمخاطر من كل جانب، وأصبح هذا المجال في الآونة الأخيرة، من أكثر المجالات التي يحدث فيها احتيال، يدفع ثمنه البسطاء كل "تحويشة" العمر، بل وكل ما أمامهم وما خلفهم من أشياء عينية ومادية. حيث لا يتردد من سئم بيوت الإيجار من بيع أثاثاته المنزلية ليكمل بها ثمن قطعة أرض تقيه وأبناءه ذل الحاجة إلى بيوت الآخرين. لذلك، ليس غريباً أن تكشف مخالفات الأراضي عن تكبد العديد من المواطنين لخسائر كبيرة في الآونة الأخيرة، حيث تم فتح بلاغات لا حصر لها في هذا الصدد، بجانب الشركات التي تنفذ المدن السكنية، والتي تقوم بتزويدها بالخدمات الضرورية من مياه وكهرباء وطرق رئيسية وداخلية، بالإضافة للمرافق العامة من مدارس ومساجد ومراكز صحية وشرطية، حسب إعلانات الشركات العاملة في هذا المجال، حيث امتهنت شركات عديدة هذه المهنة وذاع صيتها وأصبحت تتميز بشهرة كبيرة. إلا أن وسائل الغش طالت هذا المجال أيضاً، حيث ألقت السلطات الشرطية بالتعاون مع نيابة مخالفات الأراضي، القبض على شبكة شركات وهمية تستغل لافتات الشركات المشهورة للتعامل في بيع المخططات السكنية بعد إيهام المواطنين بأن لديها تصديقات من قبل هيئة الأراضي وتنظيم البناء. وهذا ليس مربط الفرس، أن تكون هنالك شركات منتحلة لشخصية الشركات الأصل بغرض الاحتيال والنصب على المواطن، بل مربط الفرس الحقيقي في أن يأتي النصب والاحتيال من هذه الشركات ذائعة الصيت التي تمتلك أرقاماً تجارية وتصاديق، وتعتبر المالك الأصلي لأطنان من أراضي السودان، تبيعها بالقطاعي للمواطنين بعد أن تغرقهم بالوعود الوردية.
المغترب أول المستهدفين!!
المغتربون يحبذون دائماً أن تكون ثمار العودة إلى أرض الوطن، قطعة أرض مشيدة على أفضل طراز، على أن تكون بحي من الأحياء الراقية مكتملة الخدمات. وربما علمت شركات الإنشاءات هذا الهدف، وحاولت توظيفه على أكمل وجه. وعلى إثره أخذت تحيك المغريات التي من شأنها أن ترغّب حتى من لا يرغب في مثل هذه العروض المغرية، فهي تضمن للمغترب منزلاً وسط بيوت لا تقل عنه في الإمكانيات، وفي مكان متوفرة به كل الخدمات الضرورية، ومزود بكافة وسائل الراحة، حسب وصفهم. ولكن لا يفوتها في خضم ذلك، ضمان الربح الذي يعود عليها كشركة استثمارية. وعليه، فقد اختارت مناطق في أطراف العاصمة، والأماكن المحيطة بها في كثير من الأحيان هي مناطق عشوائية، إن لم تكن أماكن خالية من السكان تماماً. ولكن طريقة الإعلان عن المدن السكنية والإغراءات المقدمة من قبل شركات الإنشاءات، تجعل المغتربين وغير المغتربين لا يسعهم، سوى التمني بأن يحظوا بقطعة أرض بهذا المشروع العظيم. من لم تكن لديه إمكانيات، سيكتفي بالحلم، فما بالك بالذي يضع "القرش فوق القرش" من أهلنا المغتربين ليجد موطئ قدم له ولأسرته بوطنه. ولعل امتلاكه لمنزل يكون سبباً أساسياً في الاغتراب، وعندما يسمع عن مشروع كهذا سيطير فرحاً به ولا ينتظر حتى يرجع للسودان. فبعض الشركات- على سبيل المثال- لديها مكاتب بالرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، يمكن أن تُسوى من خلالها المعاملة. وأهم ما في الأمر أنها بالتقسيط .وشركة (سوقطرة) واحدة من ضمن هذه الشركات، ويعتبرها البعض رائدة في هذا المجال، نسبة لتنفيذها عدداً من المخططات السكنية.. (النخيل، النسيم، الريحان وطيبة). ويقول مغترب إنه اشترى في مدينة النسيم السكنية التي تبعد عن كوبري المنشية 9 كلم فقط، وعن الخرطوم 20 دقيقة، ويقول إنه مبسوط جداً من الانجازات التي قالت الشركة إنها حصلت في المدينة السكنية حتى الآن، والمتمثلة في توصيل الماء والانتهاء من سفلتة المخطط بالكامل، والبدء في المركز الصحي والمدرسة. ولكن السؤال هل هذا المغترب رأى هذه المدينة السكنية رأي العين؟؟
قصة حلم!!
أسرة سودانية تعد من الأسر المتوسطة، عاشت حياتها بالمملكة العربية السعودية، وبعد أن كبر الأولاد وصاروا على أعتاب دخول الجامعة، بدأت هذه الأسرة بالتفكير في سبيل العودة إلى أرض الوطن معززة مكرمة. ولا يمكن للعزة والكرامة أن تكون ما لم تضمن لنفسك قطعة أرض، تشعر من خلالها أنك تمتلك جزءاً من المليون ميل مربع. إعلانات شركة سوقطرة (وقعت في جرح) كما يقولون، لهذه الأسرة، والتي لم تطل حيرتها بعد أن علمت بأمر المخطط السكني الجديد لشركة سوقطرة (مدينة طيبة).. وهذا، حسب ما ذكرت الأسرة، وكذلك ما ورد في موقع الشركة بالانترنت، وحسب الشركة المنفذة، يعد هذا المشروع هو آخر مشروع تقوم الشركة بإنشائه وتجهيزه. ويقع المشروع بمنطقة شرق النيل شمال مدينة الفاتح وشرق مدينة النخيل، ومن الجنوب تحده مدينة الإنتاج الإعلامي، حيث يبعد عن جسر المنشية حوالي 17 كيلومتراً وعن جسر سوبا (تحت الإنشاء) 8 كيلومترات تقريباً. وهو مشروع مكتمل الخدمات، وسيتم ربط المدينة بالطريق الرئيسي (شارع العيلفون) بشارع الشيخ الفادني. ويحتوي المشروع، والذي تبلغ مساحته الكلية (1.65.000) م.م، على 63 مرفقاً خدمياً، وتتراوح مساحات القطع فيه بين (300-500) م.م، ونسبة مساحات الخدمات والمساحات الخضراء 55% من نسبة المساحة السكنية، والتي تبلغ 45% من المساحة الكلية. وقد تم تصميم المدينة بأحدث المواصفات العالمية وبخبرات محلية وأجنبية، كما أن الشركة ستقوم بتشجير المدينة مما يكسبها رونقاً وجمالاً. انتهى عرض الشركة بخصوص مدينة طيبة، وأي مواطن يطلع على هذا سيبحث على الفور عن طريقة يدبر بها المبلغ المطلوب قبل أن تضيع الفرصة من يده، خاصة وأن هذه الشركة أكدت عبر موقعها أن مخططاتها السابقة لهذا المخطط تم شراؤها جميعاً، ولا توجد أي فرص خلاف هذا المخطط. مع أن الواقع يقول بغير ذلك، حيث يوجد وكلاء لهذه الشركة في مخطط سكني ينفذون إجراءات البيع. وذكر لنا مصدر من الوكالة التي تعمل بمخطط الريحان بأمبدة أن القطع السكنية بهذا المخطط لا تزال متوفرة لمن يرغب. المهم، أن هذه الأسرة عاشت الحلم طوال فترة وجودها بالمملكة، وعند عودتها قبل شهرين كان أفرادها يقتلهم الحماس لرؤية قطعة الأرض التي امتلكوها بتلك المدينة الفاضلة كما صورها لهم خيالهم.. وكانت المفاجأة.
حالة يرثى لها!!
ذكر لنا رب الأسرة أنه لم يكن يتوقع أن لا يجد مدينة على الإطلاق. وقال أول ما تفاجأنا به، بُعد المسافة التي لم تكن 17 كيلومتراً من كوبري المنشية كما ذكرت الشركة، ولم نكن قد قسناها في طريق الذهاب. ولكن حين العودة قمنا بقياسها فوجدنها (30) كيلومتراً، أي ضعف المسافة المذكورة تقريباً. هذا جانب، أما الجانب الآخر فهو أن الشركة ذكرت أنها ستسلم المشترين المدينة كاملة بكل خدماتها خلال عام، ولم يتبق من العام سوى ثلاثة أو أربعة أشهر تقريباً، ولم نجد أية خدمة منفذة سوى المياه. وقالت زوجته وقد بدا عليها الحزن، إنها استاءت جداً من منظر المكان الذي رأته، ولم تكن تتوقع أن يكون بهذا الشكل وهذا البعد. وقالت إنها من الصعب عليها وعلى أبنائها السكن في هذه البقعة النائية، خاصة وأن أبناءها لا يزالون يدرسون والجامعات بعيدة جداً من هذه المنطقة. أما الأبناء فكانت حالتهم يرثى لها، وظهرت الصدمة بوضوح على ملامحهم البريئة، ولعلهم تخيلوا أنفسهم وهو يسكنون في هذه الصحراء بعد أن كانوا يسكنون بعاصمة المملكة العربية السعودية، وشتان بين الثرى والثريا كما يقولون. هذه الأسرة شعرت صراحة أنها تم الاحتيال عليها في وضح النهار، وأنه تم استغلال بعدها عن أرض الوطن، فتم إيهامها بهذا الشكل الكبير. والسؤال البديهي الذي طرحته الأسرة على (الأخبار) ولا شك أنه طبيعي ومتوقع، هل يا ترى فترة أقل من عام كافية لإكمال هذا المخطط مثلما ورد في إعلانات الترويج للبيع أم أن إعلان سوء قطرة (أقصد سوقطرة) شيء وواقعها شيء آخر؟!.
الخدمات الضرورية!!
الأستاذ ميسرة، مدير التسويق، بشركة (سوقطرة) تحدث ل(الأخبار) فيما يتعلق بأمر الخدمات، والبنى التحتية للمخططات السكنية، فذكر أن الشركة وعدت المشترين بتوفير الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء وشوارع أسفلت داخلية تربط المدينة بالطرق الرئيسية الدائرية للعاصمة، أما بقية المرافق، فيتم تنفيذها على المدى الطويل، من خلال تسديد أقساط الأراضي. كلام جميل ومقنع، ولعله أجاب عن جزء من تساؤلات الأسرة السابقة، ولكن هل يمكن البناء بأموال المشترين أم أن الشركة يفترض- حسب إعلاناتها الخيالية- قادرة ومقتدرة؟؟ أما فيما يتعلق بأمر المسافة المختلف عليها، فمدير تسويق سوقطرة يصر على أنها لا تتجاوز 17 كيلومتراً من كوبري المنشية. ولكن (الأخبار) في زيارتها للمدينة مع تلك الأسرة- التي فضلت حجب اسمها- وجدت المسافة 30 كيلومتراً بالتمام والكمال!. هذا جانب، والجانب الآخر، هو أن مدير التسويق ذكر بأن بقية المرافق يتم إكمالها مع مدة دفع الأقساط، فماذا حدث بمدينة الريحان صاحبة الخريفين ونيف؟ حيث إن الواقع ليست له علاقة بالإنشاء الطويلة المنمقة التي صاغها مدير المبيعات، ومخطط الريحان كما توضح الصور، خير دليل على ذلك- من فضلك أنظر الصور أدناه!!.
مدينة الريحان!!
تقع بأمبدة شمال غرب سوق ليبيا، وتبعد عنه حوالي 7 كيلومترات. بدأ العمل في المشروع منذ أكثر من عامين، وهو كما تظهره الصور، خاوٍ على عروشه، إلا من أشجار الريحان الصغيرة الموجودة بداخل ذلك الموقع الافتراضي الذي قيل إنه مقر الشركة بالمدينة، وهو في نفسه غير مكتمل، وعبارة عن غرفة صغيرة ومظلة من الزنك بالإضافة إلى كونتينر كبير، يستخدم كمكاتب للإدارة. وحتى السور كما ترون غير مكتمل، هذا بجانب شارع "الزلط" الرئيسي الذي من شأنه ربط المدينة السكنية بأقرب الطرق الموصلة إلى قلب المدينة، وأقرب الطرق بالنسبة لمدينة الريحان هو طريق سوق ليبيا دنقلا، ويبعد عن مدينة الريحان حوالي 3 كيلومترات، وهو غير مسفلت وكذلك الكهرباء لم يتم توصيلها بعد. والدليل على ذلك أن مبنى الشركة الصغير ليست به إنارة، مما يدل على أن الكهرباء لم يتم توصيلها بعد. والمياه هي الشيء الوحيد الذي تم تنفيذه، وعمليات تشييد المرافق العامة (مدرسة ومركز صحي) بدأت، ولكنها لا تزال في مراحلها الأولى. الشيء الوحيد الذي نفذه هذا المخطط أنه رفع أسعار الأراضي السكنية المجاورة له (الحارات 27، 28 و29) تعويضات أمبدة، حيث وصلت أسعار الأراضي هناك بسبب الترويج لهذا المشروع أسعاراً خرافية لم تصلها أراضي المخطط نفسه.
مواصفات محددة!!
التقت (الأخبار) العميد معاش ود دكين، صاحب (وكالة ود دكين) بسوق ليبيا، وهم وكلاء شركة سوقطرة لمشروع مدينة الريحان السكنية، حيث ذكر أن مشروع الريحان بدأ منذ حوالي عامين، ومساحات الأراضي فيه تتراوح بين 300-500 متر مربع، مقسمة على ثلاث فئات لكل فئة سعر محدد. وأوضح أن الشركة اشترت الأراضي من حكومة السودان ودفعت فرق السعر للحكومة، وتسلم المشتري القطعة باسمه وتسلمه شهادة البحث. وذكر أن أرخص قطعة تبلغ قيمتها 22 مليون جنيه يتم دفعها بالتقسيط، لمدة أقصاها 30 شهراً (سنتان ونصف السنة). ويمكن للمشتري التوقيع على عقد شراء قطعة الأرض بمجرد تسديده ل25% من قيمة الأرض، ويتم تسليمها له بعد ذلك ليباشر عمليات البناء. وذكر أن هنالك الكثير من المشترين تم تسليمهم، ويقول إن معظم الذين تسلموا مواطنون بسطاء (عمال درداقات وشيالين).
الناظر للمدينة لا يرى أي آثار لعمليات بناء ولا منزلاً واحداً من بيوت المدينة التي بها 1658 قطعة أرض سكنية، ومن بين كل هذه القطع لا يوجد بيت مشيد، رغم أن كل الأراضي كما ذكر ود دكين تم شراؤها ولا توجد مساحة ليس لها صاحب. فأين أصحاب القطع؟ ولماذا لم تتم عمليات البناء؟ أجابنا الوكيل بقوله إن مرحلة البناء هذه مرحلة أخرى، تحتاج لتصديق بناء، ولا يمكن أن يتم البناء في هذه المدينة عشوائياً، على حد قوله، ولا بد من أن يتم تحت إشراف مهندسين، لأن قطع الأرض، قطع درجة أولى، ولها مواصفات بناء محددة. وذكر أن التصميم نفسه الذي خططت عليه المدينة عبارة عن عطاء وقع لمصلحة المساحة العسكرية، أم المساحة في السودان، حسب وصفه، وباعتبارها تابعة لمصلحة المساحة، وهي فرع من وزارة الدفاع سابقاً.
ثمة تناقض!!
الكثير من المواطنين والمتعاملين في الأراضي يرون أن غلاء المخططات السكنية وبعدها عن العاصمة جعل الكثيرين يفضلون شراء الأراضي الخالية، ومن ثم يقومون ببنائها وحدهم. وكذلك هناك شكاوى كثيرة من ارتفاع أسعار الأراضي، خاصة المخططات السكنية التي استحدثتها الجهات الحكومية مؤخرا. حيث تصل أسعار أراضٍ إلى 70 ألف جنيه، وغيرها 500 ألف جنيه، وهناك أراضٍ سعرها 600 ألف جنيه. وعلى الرغم من أن القطع بالمخططات السكنية قيمتها مغرية وأقساطها ممكنة، إلا أن بناءها والسكن بها من المستحيلات، فثمة تناقض كبير بين أن يكون معظم المشترين من أصحاب الدخل المحدود والمواطنين البسطاء، كما زعم الوكيل في حديثه، وكذلك حسب تصريحات مدير تسويق شركة سوقطرة، الذي ذكر أن أول ما قامت به الشركة هو دراسة حاجات المواطنين والعمل وفق مدخلات الطبقة الوسطى من عمال وموظفين وأساتذة جامعات ومدارس وغيرهم في القطاعين الحكومي والخاص!! ويقول إن الدراسات أثبتت ملاءمة أسعار القطع السكنية للمواطنين المستهدفين، ذلك لأن البيع على أقساط تصل إلى ثلاثين شهراً وهو الأنسب. وإذا كانت أسعار القطع بالتقسيط أتت ملاءمة للطبقة الوسطى، فكيف ستلائمهم عمليات البناء التي تحتاج لإمكانيات لا تستطيع توفيرها مثل هذه الطبقة؟ فمثل هذه الطبقة لا تصدق أنها امتلكت قطعة أرض تستطيع أن تتخلص بها من مشاكل الإيجار التي أنهكت كاهل الكثيرين، ولا يمكن للمشتري أن يدفع أقساط قطعة الأرض، وفي نفس الوقت يقوم بدفع الإيجار الشهري لبيت الإيجار، ويتمكن أيضاً من دفع تكاليف بناء قطعة الأرض حسب مواصفات الدرجة الأولى!! فلا يعقل أن تكون هذه الأراضي قد صممت لذوي الدخل المحدود، وإذا تورط البعض بشرائها فلن يفلح أحد في بنائها، والسكن بها. وقد ذكر وكيل الشركة ود دكين، خلال حديثه أن الشركة لا تترد في إرجاع المبلغ المدفوع لصاحبه إذا تراجع عن الشراء. وذكر أن هنالك من تراجعوا بالفعل. ولعل هذا هو السبب الأساسي الذي أدى إلى عدم استطاعة أحد تمييز المدينة عن المساحات الفارغة التي تصادفه في طريقه، سوى اللافتة الكبيرة التي كتبت عليها مدينة الريحان، بالإضافة إلى شجيرات الريحان الصغيرة المزروعة بداخل المبنى الافتراضي للشركة.. فأين جهات الرقابة من كل هذا يا ترى؟؟ من يجيبنا؟؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.