في أسرة صغيرة احتضنتها قرية هادئة بولاية الجزيرة كانت الأم تسعى لتربية أطفالها بعد وفاة زوجها. وكانت تعمل بهمة ونشاط؛ حتى تستطيع العيش، وحتى لاينجرف أطفالها وراء تيارات الحياة وأمواجها المتلاطمة والمليئة بالكثير من المشاكل اليومية التي تواجه هذه الأسرة.. ومرت الأيام وأصبح أطفالها في المدارس وكبرت الابنة الكبرى وصارت عروسة بل وبدأت تأخذ في الاعتبار مصاريف زواجها وبدأت تحضر له منذ وقت مبكر.. طبيعة أهل الريف ولأن الأم كانت كثيرة الخوف على بناتها قامت بتزويج ابنتها الكبرى لأحد أبناء عمومتها وانتقلت لتقيم مع أسرة زوجها بذات المنطقة التي ولدت وتربت وعاشت أجمل أيام طفولتها. وبعد مرور أيام قلائل زُوِّجت الأخرى لشاب من قرية مجاورة لقريتهم وأخذت تتنفس بعمق ولسان حالها يقول إن الأم قد خفّ عنها الحمل، ولكن كما يقول المثل المتعلق بتربية الفتيات الصعبة (يا مخلف البنات ياشايل الهم الى الممات)، وبالرغم من أن هذه الأم تحس باحساس جميل كغيرها من الأمهات اللاتي ينتظرهن هذا اليوم منذ لحظة المخاض، وبالرغم من هذا الشعور الرائع إلا أنها شعرت بفراغ خلفه لها رحيل بناتها، ولم تستطع الأم الوفوق أمام طريقة سعادة ابنتها التي وجدت ضالتها في شاب يقيم خارج قريتها بالرغم من قبولها بصعوبة شديدة.. وبعد تدخل الأهل والمعارف أخيرا خضعت لرغبة ابنتها، وكان للوالدة رأي بأن الشاب ليس على خلق ودين، وتدخّل الأهل ووعدها الشاب بتقويم سلوكه السيء وفعلاً تم اكتمال مراسم الزواج وذهبت للعيش معه، ولكنها لم تتهن يوماً واحداً في حياتها الزوجية الجديدة وحصدت الندم والنكد بما يفعله هذا الشاب الذي أدمن شرب الخمر والإساءة والضرب لزوجته التي اعتادت على النوم والدمع على خديها، والأدهى انها لاتستطيع إبلاغ والدتها وأسرتها التي اعترضت عليه في السابق.. ولم تجد أمامها سوى التحلي بالصبر ومرت الأيام والحال على ماهو عليه.. ولكن لم تستطع السكوت أكثر، فحاولت اقناعه بالطلاق وقابله بالرفض بحجة أنه سوف يتغير وأنه لايستطيع العيش بدونها ولكنها لم تقتنع بوعده الكاذب والمتكرر، وبعد تفكير عميق قررت إفشاء سرها الى أسرتها؛ للوصول الى حل جذري لمشكتلها بعد أن طفح الكيل، على حد قولها، وفعلا استغلت فرصة خروجه من المنزل وحزمت امتعتها وتوجهت إلى والدتها ودون تردد ألقت بنفسها في حضن والدتها وأبلغتها بطريقة هستيرية بما يحدث. وعندما علم الزوج بأنها ذهبت الى والدتها هرول نحوها خاصة وأنه أصدر قرارا بعدم الذهاب إليها وعدم زيارتها حتى عندما كانت مريضة، فمنعها من زيارتها، فعندما علم بذلك جن جنونه وسرعان ما تدخل الشيطان وسيطر عليه، ورسم له خيوط جريمته البشعة ووقف يتفرج عليه من بعيد، فأخذ عصى غليظة (عكاز) وانهال على زوجته ووالدتها بالضرب ولم يتركهما إلا جثتين هامدتين، وذهب وسلم نفسه لقسم الشرطة، وأقر أثناء التحقيق بالواقعة، ودافع بأنه كان تحت تأثير الخمر التي أدمن على شربها.. وأمر ت المحكمة بإعدامه شنقاً حتى الموت بعد تمسك أولياء الدم بالقصاص.. بذلك أنهى الشاب المتهورحياته وحياة زوجته التي حاربت من أجله، فكان جزاؤها الموت على يد من أحبت. الاحداث