صدر الخميس تقرير يدمغ قوات الغرب لتجاهلها إغاثة عشرات اللاجئين الأفارقة في عرض البحر الأبيض المتوسط والحكم عليهم تالياً بالإعدام عطشا وجوعا. ومضى التقرير الغاضب ليصف هذا التصرف بأنه «مثال ازدواج المعايير عندما يتعلق الأمر بقيمة البشر». خلال اشتعال الحرب على نظام معمر القذافي، حملت مياه البحر الأبيض المتوسط عددا غير معروف من طالبي الملاذ على شواطئ أوروبا. وكان ضمن هؤلاء زورق على متنه 63 مسافرا، سوادهم الأعظم من الأفارقة السود، تعطلت محركاته في مكان ما في البحر وظلت الأمواج تبحر به كيفما شاءت. ويقول تقرير أصدرته امسية الخميس لجنة حقوق الإنسان في المجلس الأوروبي، بعد دراسة استمرت تسعة أشهر في الواقعة، إن الزورق لم يتوقف عن طلب النجدة بعد مغادرته ميناء طرابلس وتعطله في مايو / ايار 2011. لكن قوات الناتو البحرية وزوارق خفر السواحل الأوروبية أخفقت في الاستجابة الضرورية له مع أنها تلقت إشارات الاستغاثة كافة. وعمليا فقد كان القائمون على سفن الناتو الحربية وزوارق خفر السواحل الأوروبية يعلمون أنهم يحكمون بتقاعسهم هذا على المستنجدين بالموت عطشا وجوعا وغيرهما. وكان هذا هو ما حدث فعلا إذ توفي منهم 54 شخصا بعدما ظلوا تائهين في البحر لأسبوعين كاملين وانتهى الأمر بزورقهم محطما على شواطئ ليبيا نفسها. وحاول القائمون على شؤون قوات الناتو وزوارق خفر السواحل الأوروبية التنصل من المسؤولية إزاء ما حدث بالقول أولا إنهم لم يتلقوا نداءات الاستغاثة، ثم بإلقاء اللائمة على بعضهم بعضا عندما تنبهوا الى أن هذا بحد نفسه اعتراف بالفشل المريع في مهام المراقبة والاعتراض. وأخيرا جاء في تقارير كل من الفريقين أن الفريق الآخر كان الأقرب الى زورق اللاجئين الأفارقة وكان الأجدر به القيام بمهمة الإنقاذ التي كانت «في سهولة تناول قطعة من الكعك» على حد تعبير التقرير. ونقلت الصحافة الغربية عن تينيك ستريك، المشرف على إعداد التقرير، أن هذه المأساة «تمثل صفحة سوداء في سجل أوروبا وتفضح ازدواج المعايير عندما يتعلق الأمر بحق البشر في الحياة». وقال في حوار مع صحيفة «غارديان»: «يمكننا الحديث كما شئنا عن حقوق الإنسان الأساسية وضرورة الانصياع إلى الالتزامات الأخلاقية الدولية». ومضى يقول: «ولكن عندما نقرر تجاهل أشخاص نعلم أنهم يموتون فقط لأننا لا نعرف هويآتهم أو لأنهم من الأفارقة السود، يتضح لنا بجلاء أننا نردد كلمات جوفاء لأنها مفرّغة تماما من معانيها». وضرب مثالا على هذا بقوله: «انظر الى نوع الاهتمام الذي أوليناه لحادثة السفينة «كوستا كونكورديا» (أدى جنوحها على ساحل ايطاليا الغربي لوفاة 30 شخصا في مطلع العام الحالي) وقارنه بالاهتمام الذي أوليناه لوفاة أكثر من 1500 أفريقي كانوا حاولوا عبور البحر الابيض في 2011. هذا شيء مخجل». * أورد تقرير أصدره الأسبوع الحالي «معهد بروكلينز»، وهو بنك عقول يتخذ مقره في واشنطن، أن «ربيع العرب» تسبب بتشريد نحو مليوني شخص عبر الشرق الأوسط وشمال افريقيا لأن الثورات في تونس ومصر واليمن والبحرين وليبيا وسوريا أجبرتهم على هجر ديارهم. ومن جهة أخرى أظهرت الإحصاءات أن أكبر موجة شهدتها أوروبا الغربية من اللاجئين على مدى ثلاث سنوات متعاقبة (2009 - 2011) جاءت من أفغانستان.