البشرة، كما بقية أجزاء جسمنا، تَشيخ أيضاً. لكن يجب أن نميز بين الشيخوخة الطبيعية والشيخوخة المرضية. وصدق القول الشائع: «درهم وقاية خير من قنطار علاج». شيخوخة البشرة عملية وراثية إنما تتأثر بعوامل خارجية عدة، أبرزها الأشعة فوق البنفسجية. غير أنّ الأمراض، والتغيرات الهورمونية، والتغذية والتدخين... تساهم هي أيضاً في تراجع بعض الوظائف الخلوية. إلا أن تطور التجاعيد قد يختلف من شخص إلى آخر، فتنشأ فجوة حقيقية بين العمر الزمني والعمر البيولوجي، لذا يبدو بعضهم أصغر أو أكبر من عمره الحقيقي. تحوّلات طبيعية البشرة ليست مجرد غلاف: إنها عضو لا يقل أهمية عن بقية الأعضاء. تحت تأثير الوقت، تضعف البشرة وتفقد من مرونتها. عندئذٍ، تصبح جافةً وخشنةً، وتقلّ قدرتها على حماية نفسها من العدوى وتظهر عليها التجاعيد، وتبرز عميقة إلى حدّ ما مع انحلال الكولاجين والألياف المطاطة (المكونة من الإلستين). كذلك تنخفض كمية خلايا الميلانوسيت التي تصنع الميلانين المسؤولة عن تلوّن البشرة 10% كل 10 سنوات. وبما أن الميلانين مرشح شمسي فاعل جداً لمكافحة الأشعة فوق البنفسجية والتقاط الجذور الحرّة (جزيئات تتكوّن استجابةً لتأثيرات الأشعة البنفسجية المؤذية، التي يصبح تراكمها في منتهى السميّة بالنسبة إلى الخلايا). من هنا، تصبح البشرة أكثر هشاشةً كلما تقدمت في السن. كذلك يمكن ظهور أنواع البقع كافة سواء الملوّنة أم غير الملوّنة، الحميدة أم غير الحميدة. أمراض البشرة المسنة بفعل الهشاشة المكتسبة مع الوقت، لا بل أيضاً نمط الحياة (التعرّض للشمس، التدخين...)، تظهر عند المتقدمين في السن أمراض جلدية معقّدة جداً، حتى إن مجرد تعداد أسمائها يسبب الإحباط عند أكثر الأشخاص انتباهاً لصحتهم. عموماً، تُقسم هذه الأمراض إلى: البقع (من دون تضاريس)، اللطخات (تضاريس صغيرة)، العقيدة، الفقاعات، التقرّعات... سواء تمّ تصنيفها على أنها جروح حميدة، أم ما قبل السرطانية أم خبيثة، وسواء ترافقت مع التهابات أم حكّات أم أمراض. الأهم هو عدم إهمال أي مشكلة في البشرة سواء قديمة أم حديثة الظهور. يجب دائماً معرفة اسم هذه المشكلة، وفقاً لتشخيص الطبيب أو خبير الجلد، خصوصاً معرفة قوّتها التطورية. أخيراً يبقى السؤال: أيجب استئصالها أم لا؟ إرشادات قد تكون الارشادات للاهتمام بالبشرة المتقدمة في السن في غاية البساطة أحياناً، إلا أنه يجب عدم إهمالها بشكل يومي. يجمع خبراء الجلد على أن الوقاية مهمة جداً منذ الطفولة، وصولاً إلى عمر الشيخوخة. ● الوقاية من الشمس تحتاج أنواع البشرة كافة إلى عامل وقاية بقوة حماية 15 على الأقل. يجب تجنّب قدر الإمكان التعرّض للشمس بين العاشرة صباحاً والرابعة بعد الظهر. يُنصَح الأشخاص الذي يعملون لساعات طويلة في الهواء الطلق (في الحديقة، في ملعب الغولف، في البلدان الحارة)، بالخضوع لفحص البشرة مرةً في الشهر. إن موعداً عند اختصاصي الجلد على الأقل كل سنة يضمن كشفاً مبكراً عن السرطان. سيكون حينها الفحص الجلدي كاملاً، فيشمل فروة الرأس، والأظفار، والأغشية، والأقدام والثنيات (المؤخرة والأذن). ● الحرص على النظافة اليومية نعم للحمام السريع، لا للحمام الساخن لفترة طويلة! لا شك في أن الجلسات المطوّلة في المياه الساخنة جداً تخفّف من التوتر والضغط النفسي، إنما ليست مفيدةً للبشرة المتقدمة في السن، إذ تتسبب بحكّات وبجفاف في البشرة. إذا بقيت البشرة لمدة طويلة في المياه الساخنة، فستتحلّل الطبقة السطحية، ما سيؤدي إلى انفلات جزيئات الماء التي تحويها عادةً، لا سيما وأن الحرارة تنشّط التعرّق. بالتالي ستكون النهايات العصبية على سطح البشرة تحت ضغط أكبر، وهذا ما يفسّر الحكّات التي ترافق البشرة الجافة. ● حسن اختيار الصابون يجب الانتباه من بقايا الصابون السائل التي لا نشطفها بما يكفي، ومن مساحيق الاستحمام المعطرة والملونة التي تسبب الحساسية غالباً. في حال الالتهاب، يفضل استعمال الصابون الدهني، والأفضل محلول غسول. بعد تشطيف البشرة جيداً، يجب تنشيفها بلطف، مع الانتباه إلى الثنيات الجلدية التي يجب مسحها جيداً. ● لا للمعتقدات الخاطئة لا شك في أنه من المهم ترطيب البشرة بالكريمات. إلا أنّ أفضل الكريمات ليست بالضرورة أبهظها ثمناً. الأفضل هو تفادي الكريمات الملونة والمعطرة. ملاحظة: لا تفركي بشرتك بماء الكولونيا! فهذه المساحيق التي تحتوي على الكحول قد تؤذي بشرتك، ويمكن استبدالها بمنتجات أخرى خالية من الكحول. ● الشرب والأكل بشكل متوازن غالباً ما ننسى أن البشرة مكونة بنسبة كبيرة من الماء. يزود الغذاء السليم والمتنوع البشرة بالفيتامينات الكافية (E، وC، وA، وB9، وPP). أما التوابل فهي أقل فائدةً بما أنها تنشّط الاحمرار. يجب عدم إهمال أي بقعة أو علامة تظهر على البشرة، ولا بد من عرضها على طبيب أو اختصاصي جلد الذي سيستأصلها غالباً. ● ماذا عن التدخين؟ يعزّز التدخين آثار الأشعة فوق البنفسجية ويميل إلى التراكم في الطبقة الوسطى من البشرة عند الألياف المطاطة (المكونة من الإلستين)، ما يؤدي إلى اصفرار في البشرة. كذلك يتلف تكوّن الأوعية الموضعي، ما يزيد من الهشاشة الجلدية. ● حذارِ تطبيب نفسك بنفسك! يجب عدم استخدام أدوية بشكل عشوائي لتطبيب الجروح، فالاستخدام التقليدي للعلاجات الموضعية التي تحتوي على مركبات ناشطة كالكورتيزون، والمضادات الحيوية، وبعض المطهرات قد يؤدي إلى نتائج كارثية! في الواقع، يمكنها أن تعقّد الشفاء إذا تمّ استعمالها بالشكل الخاطئ. يجب دائماً استشارة الطبيب واتباع تعليماته بحذافيرها.
