(أبوابنا ما صاجات حديد يغسل درابزينا الرذاذ) محمد الحسن سالم حميد (1) ضربت العاصمة الخرطوم عشية أمس الأول أمطار غزيرة سقطت أولى نقاطها مع آذان المغرب ومع دخول أول قطرة ماء جوف الصائمين المؤمنين. الأمطار التي غابت وصامت معظم أيام أغسطس قامت بتعويض (فروق الهطول) فتساقطت بغزارة غير اعتيادية لتصبح الشوارع والبيوت في الأحياء الشعبية على - السوية - بحيرات وتتحول الخرطوم مدينة عائمة كما البندقية وإن بصورة مؤقتة. (2) يوم المطر، أو يوم الخطر الذي كان يدعو الجميع لمروره بسلام، تفرغ فيه معظم سكان حي الصحافة العريق وبالتحديد عقب الانتهاء من صلاة التراويح، لتدارك ما يمكن تداركه أو بالأحرى تدارك ما أفسدته الأمطار، ولأن التراب أصبح عملة نادرة -ساعتها- حلت محله أشياء أخرى لأغراض الردم والهدف وحيد وهو التفريق بين مياه الشوارع والبيوت. الشباب شمر سواعده (الله يخدر عود ضراعاتهم) في منظر ينم عن شهامة السوداني وذلك بإخراج ما في جوف بيوت الحي المتهالكة والعتيقة من مياه وصبها في الشوارع التي تئن وترزح تحت وطأة المطر لا يضيرهم في ذلك أن يكون جهدهم ك (ساقية جحا) طالما يرجون الثواب من الله فقط. (3) تاريخ الأغنيات لا يزال يمجد وقفات سكان جزيرة (توتي) ضد فيضانات النيل العديدة وضد الغرق والهدام في رباطة جأش عجيبة (وسند وقلد) قلما يوجد في بقعة غير تلك التي حفها النيل وأحتواها البحر. أشهر نوعية لتلك الأغنيات، بل والأغنية التي تمثل شعاراً غير مكتوب للجزيرة، أغنية ابنها البار الأستاذ حمد الريح (عجبوني الليلة جوا .. ترسوا البحر صددوا) وهي ملحمة تبين صمود أبناء توتي في وجه المياه. بيد أن ظهور أغنية حمد الريح التي تغيب كل أيام السنة وتظهر في أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية لبث الحماس في أواصر سكان البلاد إبان غضبات الخريف باتت نذير شؤم ينبئ عن وصول الأوضاع حد التأزم. (4) سنظل دوماً نسأل الله أن ينزل علينا الغيث، ونستعيذه من تحول نعمائه لسخط وغضب ففي شرعه تعالى (الإنسان يموت كان زادت الموية ويموت من قلتا) ومع حبنا وتقديرنا لكل أغنيات حمد الريح نعلنها الآن لا نريد خريفاً مدمراً وبالتالي لا نود سماع نذير الكارثة (عجبوني الليلة جوا). الخرطوم: مقداد خالد الرأي العام