السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان ..خلاصة توصيف وعصارة تعبير..!
نشر في الراكوبة يوم 13 - 09 - 2010

في أكتوبر المقبل سيكون عيد ميلادي الثامن والعشرين حيثُ ولدتُّ في (مستشفى بنادر) الحكومي بمقديشو في أكتوبر من عام 1982م، وقد قسَّمتُ حياتي إلى أربعة أرباع، الرُّبُع الأول: 1982-1990م كنتُ في جوِّ البراءة والطُّفُولة، وفي كنف الأمِّ الوالدة الحنُونة،!! في حياة مُتْرفةٍ لا تَعْرف التقشُّفَ ولا الاحتياج!!، ولا تَأْلف التَّدهْوُرَ ولا الاعْوجَاج،!! فالأمْنُ والنظام كان يسود مقديشُو، والفرح كان يهوي إلى ربوعنا ويعلُو،!! في مَشْهد يُحْسَد عليه الأغنياء،!! ويَغبِطُ في نيله الفقراء،!!، والرُّبُع الثاني: 1991-1996م كنتُ في جوِّ المراهَقَة، وكنتُ في حيرة من أمري، وكان القتل والدَّمَار يسود من حولي،!! أما العِيشَةُ فمتوسِّطة،! تشُوبها فاقة مُتَطرِّفة،!! وتتخلَّلُها فُرْجَةٌ متقطِّعة،!!، والرُّبُع الثالث: 1997-2003م كنتُ في جوِّ الشَّبيبة، ففيه تعرَّفتُ على تفَاصيلِ الحياة وتصَانيفِها،!!وعلى تعَاريجِ الأرض وتضَاريسِها،!! وانتبهْتُ على أقاويلِ العُشَّاق وأهازيجِهِم،!! وصحَوتُ على قَراطيسِ الكُتَّاب ومصابيحِهِم،!! أما الرُّبُع الأخير: 2004-2010م فهو البيت القصيد فأقول- مستعينا بالعليِّ الغَفُور – :
السودان.. البلد الحبيب:
هل أتاك – أيها القارئ- نبأُ سَهْلٍ فَيْضِيّ، ووَادٍ مبسَّط نَهْرِيّ،؟!! سهْلٍ يقع وراء المرتفعات الحبشيَّة الشَّاهقة، وغرب الهضَبَة الإثيوبية العاتية،!! سهْلٍ تحوطه الجبال من كل صَوب،!! وكأنها حلَقةُ وَشْمٍ في طَرْف ثَوب،!! ففي شرقه جبال البحر الأحمر ومرتفعات الحبشة، وفي جنوبه جبال النوبة، وفي غربه جبل مَرَّة،!! سهْلٍ يجري من خلاله أطولُ نَهْرٍ في العالم، وأعذَبُ ماء للشارب، مَن ذاقه وطَعِمَه وشَرِبَه؛ فلا تنفكُّ الأرض عنه،! وإن تمرَّد عليها وغادرها فلا يبقى بعيدا عنها أحقابا، بل يأرَزُ إليها أرْزَ الثُّعْبان،! ويلجأ إليها لجوء الحَيْران،! ويَرِدُ إليها وِرْدَ العَطْشَان،!!! مَن شَرِب النِّيلَ يسكُنْ قَلبُه، وينْمُ عقلُه، وينضُجْ فكرُه، ويعظُمْ شأنُه.!!
لا زِلْتُ في علم الجغرافيا:!!
سماؤه صَافية، وشمسُه عن الأنظار ليست بضَافية،!! وجَوُّهُ مُتقلِّب!، وكأنه مُتصفِّح،! ويبحث عن حلٍّ مُتجَذِّر،!! حتى إذا ما ضاق الناسُ بالحَرِّ ذَرْعًا، وبات الطَّقْس على الوجوه كَرْهاً، يستَدعِى السهْلُ الأتربةَ والغُبار،! ليهَدِّأَ الأعصاب ويرفعَ الحِصار،!! فيتدخَّلُ؛ (!) وكأنه من طوارئ الدفاع المدني،!! – و{هَذَا...} كلُّه {...مِنْ فَضْلِ رَبِّي}- فيمسي الجوُّ جميلا، والطَّقسُ رائعًا، كأنَّ شيئالم يحدث،!! وياله من وطنٍ حَمِيم، وبلد شفيق رَحِيم.!!
السودان..البلد الأمين:
أعطاهم الله أمْنًا لم يُعطِهِ أحدًا من أهل القارَّة السمراء، وأزاح عنهم الرعب والخوف، وأطعمهم من خيرات بلدهم، ومما أخرج وأنبت لهم من هذا السَّهْلِ المبارك،!! عواصمُ القارَّة مضطربة أمنيًّا؛ فاللُّصوصُ في الأزقَّات مُتربِّصَة، والصَّعاليكُ في الأرصفة مُتغطرسة،!! ففي الليل لا تستطيع أن تتجوَّل في أرقى العواصم الإفريقية، أما في الخرطوم فلا خوفٌ عليهم ولا ما يحزنون،!! فالسَّحَرُ – وهو آخِرُ الليل- تمشي في الشوارع مَرِحًا، ثمَّ تأوِي إلى بيتك فَرِحًا، مِن غير رقيب ولا طَرُوق،! يطرُقُ بالشَّر قبل الصُّبح والشُّروق.!!
لا زلتُ في علم الاجتماع:!!
أهلُهُ متحضِّرون، وفي الكَرَمِ متقدِّمون، وعن السَّفَه مُبتَعِدُون، وفي السماحة مشتَهِرُون،!! قلوبهم واعية، وثقافتهم عالية، وأخلاقهم سامية،!! إذا ذهبْتَ إلى عواصِمَ في الغرب، وأخرى في الشرق قد تلقى التمييز والعنصرية والكراهية، أما في السودان فكأنك في بلدك الأصْليِّ، لا تمييزَ ولا تمحيص، ولا تضييقَ ولا تأليب،!! يبتلعُك الشَّعبُ ابْتِلاعاً، ويلتهمُك البَلدُ الْتِهَاماً،!! فتذُوبُ في أرجائه الواسعة الفسيحة الجميلة،!! وعندما تتكلم بلغتك الأصلية (الأصيلة)(!) في داخل الحافلة المليئة بالرُّكاب- تُتَمْتِمُ كما يُتَمْتِمُ الأعجمِيُّ اللَّحَّان!! – فلا أحد يضحك عليك،!! ولا رجلَ يتكلم فيك، ولا شخص يلتفت إليك،!! فهل تجدون هذا في العواصم،؟!! بل هل تجدونه في المناطق الشمالية من الصومال، وإن كانت اللغة واحدة.؟!!
لا زلتُ في علم الأذواق:!!
في الشوارع ترى نوَاعِمَ رشِيقَات، ونوَاهِدَ نَصُوعَات،!! كاللَّلآلي في قاع البحار والمحيطات،!! تَعْلُو السَّماحةُ على وُجُوههنَّ، والبَسَاطةُ على فِعَالهنَّ، والنَّضَارةُ على جِبَاههنَّ، والابتسامةُ على شِفاههنَّ،!! فلا تتعكَّر، ولا تتحمَّق،!! ولا تتحمَّس،!! شاطراتٌ في التَّعامُل والتَّفاعُل،! وكاسحَاتٌ في الأسواق والتَّداوُل،! وسابقَاتٌ في التَّعليم والثقافة والتفاكُر،!! وهادِئاتٌ في الحديث والكلام والتخاطُب.!!
السودان..بلد الزراعة والخيرات:
سهْلٍ.. يلتقي جميعُ روافد النِّيل في أرضه التقاءً، وتَرِدُ إليه الأنهار وُرُودًا،! فتحوِّلُ سَاحاتِهِ إلى خضراء، رغم طبيعة أرضه الصَّحراء،!! سهْلٍ..غني بشتَّى أنواع الزراعة من الفواكه والخضروات والحبوب، والأسماك والمعادن والأخشاب واللحوم وغيرها، ولا يستورد غذاؤه الأساسي من الخارج، وإنما يكفي أهله بما منحه الله من خيرات وبركات.
لا زلتُ في علم الاقتصاد:!!
وقالت المنظمة العربية للزراعة إن السودان سَلَّة غِذَاء العالم العربي، أي: إن السودان يكفي حاجة العالم العربي أجمع من الغِذَاء إذا استُغِلِّت أراضيه الصالحة للزراعة، وذلك لمساحته الشاسعة، ووفرة أنهاره وموارده المائية، وخصبة أراضيه، ويضم (مشروع الجزيرة) أكبر زراعة في قارة إفريقيا، وفي السودان عدَّة مصانع محلية في مختلف أنواع الأطعمة والأجهزة والملبوسات.
السودان.. بلد المفكِّرين:
السودان بلد المعرفة، ومعقل المبدعين، ومنبر المفكِّرين، ومحطَّة المشاهير والباحثين، منه خرج عبد الله الطيب، والطيب صالح وغيرهم من عمالقة الأدب والفكر والإبداع، ومن خلال وجودي فيه جاء إليه عدد غفير من المشاهير في العالم العربي والإسلامي، والتقيتُ بأغلبهم، وحضرتُ خُطَبَهم ومحاضراتِهِم، فمن العلماء والدعاة الكبار: الشيخ العلامة يوسف القرضاوي (2003و2009م) والشيخ سلمان العودة (2003و2008م) والشيخ وهبة الزحيلي (....) والعالم الموريتاني ولد داده (2010م)، ومن المفكرين والمحاضِرين والدعاة: فتحي يَكَن (2004م) رحمه الله، وعائض القرني (2010م) وطارق السويدان (2006م) وراغب السرجاني (2010م) وإبراهيم الفقهي (....) ومحمد عبد الرحمن العريفي (2004م).
ومن مشاهير القُرَّاء: الشيخ عبد الرحمن السّديس (2005و2010م) وعبد الله بن علي بَصْفر (2007م)، ومن مشاهير السَّلفية: عليّ الحلَبي، وسليم الهلالي (تلامذة الشيخ الألباني) (2005و2006م)، والشيخ صالح السحيمي أستاذ في جامعة المدينة المنورة، ومن المشاهير أيضا خَالد مِشْعَل القيادي في حركة حماس (2009م) ، وفهمي هويدي الكاتب المصري الشهير، ويوسف إسلام المغنِّي البريطاني الشهير وغيرهم من الأعلام والمشاهير الذين نسيَتْهُمُ الذَّاكرة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي ومن أوروبا وأمريكا.
السودان.. بلد الصبر والحِلم:
يأتي إلى السودان وهو هائجٌ حَائر،! وينقلبُ منه وهو هادئٌ صَابر،! وخبير ومعتَزِمٌ (مُثَابِر)،!! جعلَت الطبيعة الجغرافية أهلَهُ يتحمَّلون الحوادث والمشقَّات، ويتسامَون عن الرذائل والمُلِمَّات،!! لا يَقتُلُون ولا يُجرِحُون، ولا يظلمون ولا يُفحشون، ولا يجازِفُون ولا يستعجلون، قد فُرِضَت عليهم طيلة التسعينات عقوبات اقتصادية؛ فصَابرُوا وصَبرُوا،! وزَرعوا أرضهم وحصَدُوا،!! ولم يُحْشَروا في قوائم الأمم المتحدة في زُمرة دول المجاعات والأزمات (الإنسانية...) والحقوق (...الضائعة) إلا في إقليم دارفور، وأغلبها (تقاريرُ مبالغ فيها)، والصَّحيح منها قَليل، ويُقصد منها إلصاق العار بالدُّول العربية والإسلامية، فماذا – إذن- يجري في فلسطين.؟!!
لا زلتُ في علم السياسة:!!
ولما رأى الغربُ صبْرَهُم وثباتَهُم اختلق لهم أنواعا من الأزَمَات،!! وافترَى عليهم ألوانا من الإفك والتُّهَمَات،!! ليُجَلْجل عليهم الأرض وليركعوا!!؛ فما ضَعُفُوا ولا استكَانُوا، وما جَزِعُوا ولا استهَانُوا،!! لا يرضى الغرب بهذا الأمن والأمان، وهذا التسامح والنجاح، وإنما يريد تقطيع الأوصال والأوتاد، وتفتيت وُحْدة البلاد، وما ربك بغافل عن أفعال العباد.!!
السودان..والطلاب الصوماليين:
قد قدَّم السودان للشعب الصومالي ما لم تقدمه له دولة أخرى على الإطلاق،! فتح لهم أبواب التعليم العالي وجامعاته، ويوجد في أرضه أكثر من ألفَي طالب صومالي، هم الرَّقم الأول في الطلاب الأجانب (الوافدين) في السودان عددا، يدرسون في مختلف العلوم والفنون، في الطب والهندسة والحاسوب والزراعة والتمريض والصحة والمختبرات والصيدلة والتربية والشريعة واللغات والاقتصاد والإدارة والسياسة والقانون والرياضيات والتاريخ والجغرافيا وغيرها.
أخرج السودان قادةً وكوادرَ صوماليين يدرسون ويُدِيرُون ويُبدِعون ويكتبون ويبحثون، هم أكثر الناس نشاطا ووعيا وثقافة وتحرُّكا، وإن كان هناك خلل لكن نرجو معالجته بمرور الأيام.
لا زلتُ في التعليم:
الصومال هِبَة السودان معرفة وثقافة، ففي كل عام يتخرَّجُ من جامعاتها المئات، ويناقش درجاتها العليا العشرات، وتُعتبر جامعة إفريقيا العالمية أكبر جامعة في خارج الصومال تحتضتن العدد الأكبر من الطلاب الصوماليين، وهذا يجب أن نشكره عليها.
الحصاد: هو القلم والمعرفة:
هذا البَلد فتح لنا الأبواب والآفاق، وهيَّأ لنا طعم المستقبل وحُسْن الأذواق،!! فمن خلاله انكشفتِ العيون، ونضجَتِ الأفكار والعُقُول،!! حتى قُلتُ: جميعُ مَن في الصومال لم يحتلموا وإن كانوا في صفِّ الكبار والكُهُول،!! و(سَامِحُوني...) إن بالغتُ في التَّعبير، (...ولكنْ) نِي تعجَّبتُ من عدم النضج في الصومال، وتلك التجارب الفاشلة التي يتفادى عنها المراهقون،! وعدم (استثمار...) مَن يلبث في (...الغُربَة) كثيرا في وقته وجُهْده كي يوجِّه الناس، ويصبحَ (الشَّاهِد) لله رب العالمين على شعبه، لا أن ينامَ ويستيقظَ ويرتاحَ في عواصِمِ (الغرب العاري) عن المصداقية، والمتَّصِفِ بالازدواجية في المعايير،! ف (الإنسان الناجح) هو الذي يُبدِع ويقدِّم الجديدَ لشعبه، ويُغَرْبِدَ الفكرة وينتج، لا أن يشتغل ب (قَضِيَّةٍ...) لا تنفعه، ولا بقُعُودٍ على أرصفة الطرقات طوال (...الشَّهر) والسَّنة،!! يتحدث عن (القبيلة والقبليَّة...) وليس له (..أيَّة علاقة) بالعِلم، بل أصبح من (المجتمع الفَوْضَوِيّ)، الذي ابتعد عن (الوسَطيَّة الإسلامية...) في السلوكيات والمنهجيات والفكر، وأصبح – بفعله هذا – (...نتيجةَ فشَلٍ حضَارِيّ) واجتماعيّ وسياسيّ، وركب في (قَوَارِبَ بلا أشْرِعَة) تموج به في أمواج الفِتَن المُدلهمة.!!
لا زلتُ (شاهدا على العصر):!!
هذه قراءة عامَّة ل (زَوَايا...) الأحْداثِ ال (...ثَّابتةِ) منها والمتحرِّكة بغير (أَعْمِدَة)!!، وهذه خُلاصة تجاربَ شخصية، وعُصَارة تعبير وتفكير عميق،!! من عَيْنٍ مُراقِبَةٍ باصِرة، وقَلَم سيَّال فيَّاض، قد يُصيب ويخطئ، ويَكْبُو ويَعْدُو، ويستحقُّ منا السُّودانُ بمقالٍ أكبرَ من هذا المقال كَمًّا وكيفًا، ولسْتُ (أنا) ممن يستأْهِل لذلك، فإن لنا كوادرَ تخرَّجُوا وحصلوا على العلم والدرجات من السودان، نفتخر بهم – ونعتزُّ -،! ولن نقضِيَ هذا الفضل للسودان، ولن نوفي له هذا الحقَّ العظيم بكَيل ولا مِيزان، ولا بالمقاييس والحسابات إلا أن ندعُوَ لهذا الشعب بالخير والأمان والرخاء والعافية، ونقفَ إلى جانبه في السَّراء والضَّرَّاء،!! وما زلتُ (شاهدًا على العصر) رغم الشَّبيبة وحداثة السنِّ، ومُتَابعًا – بكثافة – ما يجري في المنطقة والعالم ككل، وبالأخصِّ ما يجري في (الصومال اليوم) من أحداث يندي لها الجبين، ونرجو له – وتنمنىَّ- التقدُّم والازدهار، رغم الضعف والحروب والكوارث والانهيار.!!
في الختام:
هذا المقال هديَّةُ العيد (عيد الفطر المبارك) للشعب السوداني الشَّقيق، وهديَّةٌ خاصة لأصدقائي وقُرَّائي الكرام وزملائي وأساتذتي في شبكة الشاهد، ليستمتعوا في ألوانه وحدائقه وبساتينه، وليرحلوا في أجوائه وسمائه، ولينزلوا في وُدْيَانه وأنهاره، وليشرَبُوا من نِيلِه وفُراتِه، وليأكلوا من ثمر حصاده اليانعة، وليتدبَّروا في طيَّاته ومعانيه المبتَكَرة والمبتَدَعة التي لم تُقْتَبَسْ،! إلا ما بين (الأهِلَّةِ)!! وليقْضُوا أَغْلَى الأوقات في رَوْضَاته ورِحَابه، هذا المقال الذي حرَّرتُهُ تحريرًا، وهذَّبتُهُ تهذيبًا، ورتَّبتُهُ ترتيبا، وجمَّلتُهُ تجميلا، وكَسَوتُهُ أغْلَى ثيابِي في العيد، وحَبَوتُهُ أعْلَى الهيئات والشكليات، فهو شِعَاري الخاص، ودِثَاري الجميل، وكنزي الثمين، ولا تنسَوا خالص دعائكم لراقمه وكاتبه؛ سائلا المولى عز وجل التوفيق والسداد.
وفي الختام نسأل الله أن يلهمنا رشدنا، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وتقبَّلوا تحياتي، وكل عام وأنتم بخير، والسلام عليكم.
بقلم: أنور أحمد ميو
كاتب صومالي من مواليد مقديشو ١٩٨٢م حاصل على البكالاريوس في الجغرافيا من جامعة إفريقيا العالمية ٢٠٠٧م، والماجستير في الدراسات الإفريقية – علوم سياسية من مركز البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة إفريقيا ٢٠١٠م برسالة بعنوان "أثر الأزمة السياسية على التيار الإسلامي في الصومال"، له العديد من البحوث والمؤلفات في العلوم الشرعية والثقافية والسياسية لم تر النور، يكتب عن الشأن الصومالي في العديد من المواقع والصحف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.